من حقنا أن نطالب برحيل بعض المسؤولين المحليين، منتخبين أو رجال سلطة محلية، من حقنا أن نرفع أصواتنا ضد «الأمية» التدبيرية للشأن المحلي، صرخة في وجه سماسرة الانتخابات الذين تسللوا خلسة مستغلين العزوف عن التصويت ، فتمكنوا من المسؤولية المحلية بالرغم من كونهم ليس لهم لا في العير ولا في النفير، في ما يتعلق بالتسيير المحلي. إنهم سماسرة انتخابات يشتغلون بمزاجية وارتجالية عندما يتعلق الأمر بالصالح العام، لكن باحترافية وإتقان عندما يتعلق الأمر بالسطو على المال العام. منهم من أبدع واسترشد بالخبراء للترامي على الوعاء العقاري بمجاله الترابي وآخرون «يسجدون» إجلالا واحتراما للصفقات والتفويتات المشبوهة، وآخرون يتحركون كالغربان بين الهكتارات من الأراضي، وآخرون وآخرون وآخرون، المهم أنهم عنوان المرحلة التي تؤرخ لسوء تسييرهم وتدبيرهم ، بل وتبذيرهم. إن الوضعية الحالية لمجموعة من الجماعات المحلية تبين بأن مجموعة من الاختلالات البنيوية طبعت تسيير مجموعة من الجماعات المحلية بتواطؤ مكشوف مابين بعض المنتخبين وبعض رجال السلطة، مما انعكس سلبا على وضعية هاته الجماعات، لكن وباستثناء بعض القرارات التي اتخذت في حق بعض المسؤولين الجماعيين، والتي كانت في غالب الأحيان تتم بشكل مناسباتي ومحاباتي من قبل سلطات الوصاية مما نتج عنه غياب محاسبة الذمة المالية لهذه الجماعات ولرجال السلطة. لقد شكل موضوع الفساد المالي بالجماعات المحلية أحد أبرز الملامح التي ميزت التجربة الجماعية خلال السنوات الأخيرة وتحركت لجن التحقيق في أكثر من جماعة ورفعت التقارير، لكن ، وللأسف، لم تتخذ التدابير الزجرية إلا في حالات قليلة وبشكل أثار أكثر من علامة استفهام. الأمر لايرتبط فقط بتعديلات دستورية ، بل أيضا بنسق سارت عليه مجالسنا المحلية لسنوات أفرز منظومة جديدة لمنتخبين أميين لاعلاقة لهم بالتدبير ولا التسيير، نسجوا شبكة مع مسؤولين مركزيين تحولت الشبكة إلى بيت «للعناكب» تتصيد المشاريع والصفقات. فأبلغ تعبير عن واقع هذه المجالس المشكلة بطعم البسطيلة والمشوي يتمثل في الوضعية الكارثية التي أصبحت عليها مدننا، كبرى كانت أو صغرى، فبالرغم من الميزانية الهامة المخصصة لها والتي تتجاوز سنويا 15 مليار درهم تحصل عليها من خلال الضرائب المباشرة وغير المباشرة وحصتها من الضريبة على القيمة المضافة ، فإن جلها لايعدو أن يكون مجرد قرى كبيرة! ترى أين تصرف الميزانيات الضخمة التي تصادق على حساباتها هذه المجالس، وأين كانت سلطات الوصاية قبل أن تتحرك المجالس الجهوية للحسابات لكشف المستور؟ الأكيد أن فتح ملفات الفساد بالعديد من المجالس المحلية، و كشف النقاب عن تقارير المجلس الأعلى للحسابات سيزيح الستار عن واقع «مُتردًّ» للتسيير الجماعي يجد امتدادا له على مستوى سلطات الوصاية محليا ومركزيا، واقع جعل البعض، بقوة الفساد، من أصحاب الملايير، واقع جعل الأراضي والأملاك الجماعية والأموال... تُحرَّف عن مقاصدها(!) بعد كل هذا نقول لكل من اتسخت أياديهم بالمال العام إرحلوا عنا، فقد بلغ السيل الزبى...