خلال مظاهرات حركة العشرين من فبراير رفعت شعارات موحدة في مجموعة من المدن المغربية، شعارات تطالب برحيل بعض المسؤولين المحليين، منتخبين أو سلطة محلية، شعارات لا أظن أن هناك تنسيقا مسبقا لرفعها أو اتفاقا بشأنها، بل هي صرخة الشارع المغربي ضد الأمية التدبيرية للشأن المحلي، صرخة في وجه سماسرة الانتخابات الذين تسللوا خلسة منا مستغلين العزوف عن التصويت فتمكنوا من المسؤولية المحلية بالرغم من كونهم ليس لهم لا في العير ولا في النفير في ما يتعلق بالتسيير المحلي، سماسرة انتخابات يشتغلون بمزاجية وارتجالية عندما يتعلق الأمر بالصالح العام لكن باحترافية وإتقان عندما يتعلق الأمر بالسطو على المال العام. منهم من أبدع واسترشد بالخبراء للترامي على الوعاء العقاري بمجاله الترابي وآخرون يسجدون إجلالا واحتراما للصفقات والتفويات المشبوهة، وآخرون يتحركون كالغربان بين الهكتارات من الأراضي، وآخرون وآخرون وآخرون، المهم أنهم عنوان المرحلة التي تؤرخ لسوء تسييرهم وتدبيرهم ، بل وتبذيرهم. إن الوضعية الحالية لمالية الجماعات المحلية تبين بأن مجموعة من الاختلالات البنيوية طبعت التدبير المالي للجماعات المحلية بتواطؤ مكشوف مابين بعض المنتخبين وبعض رجال السلطة مما انعكس سلبا على التسيير بهاته الجماعات، لكن وباستثناء بعض القرارات التي اتخذت في حق بعض المسؤولين الجماعيين والتي كانت في غالب الأحيان تتم بشكل مناسباتي ومحاباتي من قبل سلطات الوصاية مما نتج عنه غياب محاسبة الذمة المالية لهذه الجماعات ولرجال السلطة، لقد شكل موضوع الفساد المالي بالجماعات المحلية أحد أبرز الملامح التي ميزت التجربة الجماعية خلال السنوات الأخيرة وتحركت لجن التحقيق في أكثر من جماعة ورفعت تقارير المجلس الأعلى للحسابات، لكن وللأسف لم تتخذ التدابير الزجرية إلا في حالات قليلة وبشكل أثار أكثر من علامة استفهام وإن كانوا يبشروننا بأن الملفات مهيئة وبأنها ستحال على دفعات على السلطة القضائية. المهم، لقد قال الشارع المغربي كلمته ومايزال يقولها لحد اليوم، فالأمر لايرتبط فقط بدستور جديد بل أيضا بنسق سارت عليه مجالسنا المحلية لسنوات أفرزت منظومة جديدة لمنتخبين أميين لاعلاقة لهم بالتدبير ولا التسيير، منتخبين نسجوا شبكة مع مسؤولين مركزيين تحولت الشبكة إلى بيت للعناكب تتصيد المشاريع والصفقات. لقد قال الشارع المغربي كلمته التي لابد من أخذها بعين الاعتبار ومباشرة التحقيق في ملفات الفساد بمدننا وفتح ملف الصفقات المشبوهة، فلائحة أسماء هؤلاء متوفرة والإثباتات موجودة وتتجلى في الوضعية الكارثية التي توجد عليها مجموعة من المدن والجماعات المحلية. لقد قالها الشارع المغربي بكل صراحة.. إرحلوا عنا فقد بلغ السيل الزبى...