من حقنا أن نطالب جميعا برحيل مجموعة كبيرة من المسؤولين المحليين ، منتخبين أو سلطة محلية، هي صرخة الشارع المغربي ضد الأمية التدبيرية للشأن المحلي، صرخة في وجه سماسرة الانتخابات الذين تسللوا خلسة مستغلين العزوف عن التصويت فتمكنوا من المسؤولية المحلية بالرغم من كونهم ليس لهم لا في العير ولا في النفير في ما يتعلق بالتسيير المحلي، سماسرة انتخابات يشتغلون بمزاجية وارتجالية عندما يتعلق الأمر بالصالح العام لكن باحترافية وإتقان عندما يتعلق الأمر بالسطو على المال العام. منهم من أبدع واسترشد بالخبراء للترامي على الوعاء العقاري بمجاله الترابي وآخرون يسجدون إجلالا واحتراما للصفقات والتفويات المشبوهة، وآخرون يتحركون كالغربان بين الهكتارات من الأراضي، وآخرون وآخرون وآخرون، المهم أنهم عنوان المرحلة التي تؤرخ لسوء تسييرهم وتدبيرهم ، بل وتبذيرهم. إن الوضعية الحالية لمالية الجماعات المحلية تبين بأن مجموعة من الاختلالات البنيوية طبعت التدبير المالي للجماعات المحلية بتواطؤ مكشوف مابين بعض المنتخبين وبعض رجال السلطة مما انعكس سلبا على التسيير بهاته الجماعات، لكن وباستثناء بعض القرارات التي اتخذت في حق بعض المسؤولين الجماعيين والتي كانت في غالب الأحيان تتم بشكل مناسباتي ومحاباتي من قبل سلطات الوصاية مما نتج عنه غياب محاسبة الذمة المالية لهذه الجماعات ولرجال السلطة. لقد شكل موضوع الفساد المالي بالجماعات المحلية أحد أبرز الملامح التي ميزت التجربة الجماعية خلال السنوات الأخيرة وتحركت لجن التحقيق في أكثر من جماعة ورفعت التقارير، لكن وللأسف لم تتخذ التدابير الزجرية إلا في حالات قليلة وبشكل أثار أكثر من علامة استفهام. المهم أننا نطالب بتغيير نسق سارت عليه مجالسنا المحلية لسنوات أفرزت منظومة جديدة لمنتخبين أميين لاعلاقة لهم بالتدبير ولا التسيير، منتخبين نسجوا شبكة مع مسؤولين مركزيين تحولت الشبكة إلى بيت للعناكب تتصيد المشاريع والصفقات. هكذا، إذن، تسير أمور المواطنين بمجموعة من الجماعات عن طريق جلسات المشوي والملوي، وما إلى ذلك، بعد أن شرع رؤساء بعض المجالس الجماعية في المدن الكبرى، كما في البلديات والجماعات القروية، في نهج تقليد تنظيم موائد الحساب الإداري لأعضاء مجالسهم عشية دورات المجلس استجداء لأصواتهم! ظاهرة كانت ولاتزال سائدة في أغلب المجالس، فالفرق واضح بين الذي يناقش الحساب الإداري ورائحة الدسم تفوح من فمه عندما يهم بالحديث والذي أصيب بالتخمة من كثرة الأكل فيركن إلى الصمت وقت المناقشة والاكتفاء بالمصادقة على الحساب الإداري ، وهو مايفسر أن مناقشة والمصادقة على الحسابات الإدارية بالرغم من الأهمية التي تشكلها ، تتم بسرعة أكثر من البرق أحيانا عديدة! ولعل غياب سلطة المراقبة أو تواطؤها هي التي تشجع على مثل هذه السلوكات وأكثر، فهناك من المستشارين من لا تغريه الموائد حيث يعتبرها فُتاتا، فهم يطالبون بأكثر من البسطيلة والمشوي، إنهم يطالبون بحصة من الكعكة! في ظل هذا الوضع وفي ظل هذه المنظومة المتحللة من سياسة تسيير فاسدة من حقنا أن نطالب جهرا برحيل هؤلاء، من حقنا بل من الواجب علينا الإنخراط في مسلسل الاستحقاقات الجماعية القادمة بمنظور جديد وببرامج معقولة لقطع الطريق على كل هؤلاء العابثين بالشأن العام المحلي..