يبرز بين الفينة والأخرى في النقاش السياسي الحالي بالمغرب, سيناريو «انتخابات سابقة لأوانها,» كأحد حلول تجاوز الأزمة التي تعاني منها الأغلبية الحكومية, وخاصة بين مكونيها الرئيسيين : العدالة والتنمية وحزب الاستقلال. بل إن بعض قادة حزب رئيس الحكومة وهو ينتمي للمكون الأول, صرحوا بل طالبوا فيما يشبه التهديد, بإمكانية اللجوء إلى هذا الخيار والذهاب إلى صناديق الاقتراع لإعادة صياغة الخريطة السياسية . إنه سيناريو من ضمن سيناريوهات عدة . لكنه لم يكن يوما من الاولويات بسبب أزمة سياسية أو إيجاد مخرج للاحتقان بين أطراف المشهد السياسي . ففي تاريخ الاستحقاقات التشريعية بالمغرب التي انطلقت في مثل الاسبوع الماضي منذ 50 سنة (في 17 ماي 1963 جرى أول اقتراع لانتخاب مجلس النواب) حدث بالفعل أن تم الالتجاء إلى إجراء انتخابات سابقة لأوانها, لكن بسبب اعتماد دستور جديد .المرة الاولى في 14 نونبر 1997 بعد أن اعتمد دستور 1996 نظام المجلسين وكان البرلمان الذي تم انتخابه في يونيو 1993 يتضمن ثلثين بالاقتراع العام وثلثا بانتخابات غير مباشرة لولاية كان من المفترض أن تنتهي في 1998 . والمرة الثانية في 25 نونبر 2011 حيث أفرزت الانتخابات مجلس النواب الحالي والذي جاء عقب الاستفتاء في فاتح يوليوز من نفس السنة على دستور جديد . لقد جرت تسع انتخابات تشريعية في الخمسة عقود الماضية, لم تعرف أغلب المجالس المتمخضة عنها حياة طبيعية ، ليس بسبب الانتخابات السابقة لأوانها ، بل نتيجة ظروف سياسية تميزت بالصراعات بين أحزاب الحركة الوطنية والقصر . ففي سنة 1965 أقدم الملك المغفور له الحسن الثاني على إعلان حالة الاستثناء وبالتالي حل البرلمان ، أما برلماني 1970 و 1972 فولدا ميتين بسبب المقاطعة والظروف السياسية التي عرفها المغرب آنذاك . أما برلمان 1977 فطال عمره سبع سنوات بالرغم من أن دستور 1972 كان يحدد ولايته في أربع سنوات . أما برلمان 1984 فتم تمديده بمقتضى استفتاء لمدة سنتين . ولم يكمل مجلس 1993 ولايته بسبب انتخابات سابقة لأوانها . أما مجالس 1997 و2002 فعاشت حياة زمنية طبيعية في حين لم يصل مجلس 2007 إلى محطته التي كات مقررة في 2012 . دستوريا يتيح القانون الاسمى امكانيات لاجراء انتخابات سابقة لأوانها في حالتي حل البرلمان أو مجلسه النيابي من طرف الملك أو رئيس الحكومة . فالفصل 51 يعطي للملك حق حل المجلسين أو أحدهما .وكذلك الفصل 96 .أما الفصل 104 فينص على أن رئيس الحكومة يمكنه حل مجلس النواب بعد استشارة الملك ورئيس المجلس ورئيس المحكمة الدستورية . وفي حالة الحل يتم انتخاب البرلمان الجديد أو المجلس الجديد في ظرف شهرين على الاكثر (الفصل 104). هذه هي المقتضيات الدستورية لسيناريو الانتخابات السابقة لأوانها وهو في رأيي مستبعد في المرحلة الراهنة لكلفته السياسية والمالية كذلك.