تعيش وزارة الاتصال، على إيقاع فضيحة كبرى، بطلها الأول، رئيس ديوان الوزير، سعد لوديي، الذي يحضر نفسه لتسلم مهام الكتابة العامة في هذه الوزارة، بعد أن قطع أشواطا هامة من الخروقات والانتهاكات، بشكل لم يسبق له مثيل. البطل الثاني في هذه الفضيحة، هو وزير الاتصال مصطفى الخلفي. لم يفهم أحد لماذا تم، وبشكل مفاجئ، تنقيل الكاتب العام السابق لوزارة الاتصال،إلى وزارة التجهيز، بالرغم من أنه اشرف على ملفات هامة ونجح فيها منذ عهد وزير الاتصال السابق, لكن حل اللغز سرعان ما انكشف، حيث أن الهدف كان هو إخلاء منصب الكتابة العامة، حتى يتولاه، من كانت عينه عليها، منذ وصوله، بطريقة غير قانونية، إلى هذه الوزارة. وهذه مسألة ثانية واخطر من كل ما حصل. أما في ما يتعلق بالترشيح لمنصب الكاتب العام، فإن مسلسل الخروقات بدأ حين لم توضع الترشيحات لهذا المنصب في مديرية الشؤون الإدارية، كما ينص على ذلك القانون، وتم إجبار المرشحين على وضعها لدى الكتابة الخاصة للوزير، وهذا ما أتاح للسيد رئيس الديوان، الذي تلقى بنفسه ترشيحه لهذا المنصب، على ضبط إيقاعها والتعرف المسبق على ملفات كل المرشحين الآخرين! والأخطر في كل هذه العملية، هو أن المرشحين الذين تتوفر فيهم كفاءات داخل وزارة الاتصال، وجدوا أنفسهم مجبرين على الابتعاد عن هذا المسلسل، لأنهم يعرفون مسبقا من يتحكم فيه ويتخوفون من الانتقام الذي قد يطالهم لاحقا. أما الخرق الآخر، هو أن اللجنة التي ستشرف على تلقي الترشيحات والبت فيها، تم ضبطها أيضا من طرف رئاسة الديوان، إثنان منها جاء أولهم من رئاسة الحكومة، والثاني، عينه وزير التعليم العالي، المنتمي لحزب العدالة والتنمية، والثالث، له ملفات جارية مع وزارة الاتصال. وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن وصول رئيس الديوان إلى الوزارة، بدأ بانتهاك واضح للقانون، فهو لحد الآن، لا علاقة إدارية له بهذه الوزارة، ولكنه يوقع كرئيس ديوانها، حيث لا توجد أي وثيقة لدى وزارة المالية، تثبت أنه قانونيا، تابع لوزارة الاتصال. ولكي نفهم العجب، سنوضح السبب. فسعد لوديي، مكلف بمهمة لدى رئاسة الحكومة، لأنه لم يقبل راتب 16.000 درهم، الذي يتلقاه رؤساء الدواوين، بل إنه ينال راتب 30.000 درهم، من رئاسة الحكومة! إننا أمام خرق قانوني واضح، لأن الظهير المنظم للدواوين، ينص حرفيا على أن رئيس الديوان وأعضاءه، لابد أن يتلقوا رواتبهم وتعويضاتهم «وجوبا» من الوزارة التي يشتغلون فيها. ورغم أنه لا علاقة للوديي بوزارة الاتصال، فإنه يستعمل سيارتها ليل نهار، ويعمل جاهدا، بتواطؤ مع الخلفي، للحصول على منصب الكتابة العامة. الآن، ستعرض على رئيس الحكومة ملفات ثلاثة مرشحين، اختارتهم اللجنة المذكورة أعلاه، وعلى رأسهم، سعد الوديي، الذي هو أصلا، مكلف بمهمة لدى رئاسة الحكومة! ألا يوجد تنافي واضح للمصالح، وعدم احترام مبدأ تكافؤ الفرص، في كل هذا المسار؟ فرئيس الحكومة لن يختار سوى الرجل المكلف بمهمة لديه، و أيضا لأنه قيادي في حركة التوحيد والإصلاح، التي تشرف على حزب العدالة والتنمية، وعلى الخلفي وغيره من أعضائها. غير أن السؤال الأخطر، هو كيف يمكن إسناد منصب الكتابة العامة، لشخص بدأ مساره في الوزارة، بانتهاك القانون، والإبداع في أساليب الزبونية والمحسوبية، والآن سيشرف على ميزانية ضخمة وملفات حساسة. ماذا تقول وزارة المالية تجاه هذه الخروقات؟ ثم ماذا يقول رئيس الحكومة لتبرير كل هذه الفضائح؟ وكيف يفسر الخلفي «ترتيب» هذا المنصب لشخص لم يسير أبدا إدارة سوى إدارة جريدة «التجديد»، والآن سيسند له مهام تسيير وزارة كبيرة وحساسة واستراتيجية؟! تزداد الغرابة عندما نعرف أن لوديي كان مدير «التجديد»، وفي زمن ادارتها أتى بالخلفي كصحافي، ثم سيعقبه على رأس اليومية القريبة من العدالة والتنمية. لوديي أيضا رجل مهم في تراتبية حركة التوحيد والاصلاح، الذراع الدعوي للعدالة والتنمية. فكيف سيكون رد فعل البرلمان وممثلي الأمة، تجاه هذه المجزرة القانونية والإدارية والأخلاقية؟