تشهد الساحة الإعلامية الجزائرية ظهور العديد من القنوات التلفزيونية، يقول عنها مراقبون إنها قنوات أجنبية باعتبارها معتمدة في الخارج، ليطرح السؤال عن مدى وجود إرادة سياسية حقيقية لفتح هذا المجال أمام المستثمرين الخاصين؟ يتطلع المشاهد الجزائري إلى القنوات التلفزيونية الجزائرية «الأجنبية» الجديدة، علها تلبي احتياجاته من أخبار وبرامج سياسية وثقافية واجتماعية، بعد أن كان ولفترة طويلة مرغما على مشاهدة القناة الحكومية (التلفزيون الجزائري)، التي تصفها الصحف الجزائرية ب«اليتيمة»، في إشارة منها إلى كونها القناة الوحيدة التي تحتكر القطاع السمعي والبصري في البلاد. وكانت آخر هذه القنوات التي انطلقت قناة «دزاير تي في»، وهي قناة خاصة تتنوع برامجها بين نشرات الأخبار والرياضة والبرامج الاجتماعية والترفيهية. «قنوات غير شرعية» ويرى مراقبون لمجال الإعلام الجزائري أن هذه القنوات التلفزيونية الخاصة تعمل بشكل غير قانوني، إذ لا يوجد قانون ينظم عملها لحد الساعة، وفي حديث مع «دوتشي فيلي» عربية، يقول الدكتور إبراهيم براهيمي: «يمكن وصف هذه القنوات بغير الشرعية، ففي الجزائر لا يوجد لحد الآن قانون خاص بالسمعي البصري، إذ هناك فقط قانون يسمح لمراسلي القنوات الأجنبية بالعمل بكل حرية داخل البلاد، وهو ما أدى إلى ظهور بعض القنوات الجزائرية في الخارج، إلا أنها في حقيقة الأمر تبث من الداخل». ويضيف الدكتور براهيمي، وهو مدير المدرسة العليا للصحافة والإعلام، أن «الحكومة فتحت الباب لهذه القنوات من دون إيجاد القانون المنظم لعملها، و هو أمر غير معقول». وتتعامل السلطات الجزائرية مع هذه القنوات، لحد الساعة، باعتبارها قنوات أجنبية حصلت على اعتماد لفتح مكاتب لها في الجزائر، وذلك بالرغم من أن العاملين فيها جزائريون وبرامجها موجهة للجمهور الجزائري، وغالبيتها يتم إنتاجها داخل الجزائر. «غياب الإرادة السياسية». وكانت السلطات الجزائرية قد أعلنت في وقت سابق من الشهر الماضي أنها منحت اعتمادها لمكاتب عدد من القنوات الخاصة ومن بينها قناة «الجزائرية» المسجلة رسميا في فرنسا، وقناة «النهار»، وهي قناة جزائرية مسجلة في تونس حيث تبث، وقناة «الشروق» المعتمدة في الأردن. وأكدت السلطات الجزائرية أن التراخيص الممنوحة لمكاتب هذه القنوات في الجزائر تمتد إلى غاية نهاية السنة الحالية فقط، وأنها قد تسحب تلك التراخيص في حال إخلال تلك القنوات بالقوانين الوطنية. ويرى نور الدين بن يسعد، رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن تعامل السلطات مع هذا القنوات بهذه الطريقة يعكس عدم وجود الإرادة السياسية الحقيقية لفتح الساحة الإعلامية أمام القنوات التلفزيونية الخاصة، مضيفاً أن «التأخر المسجل في عملية إصدار القانون الخاص بالسمعي البصري يعكس عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لفتح هذا المجال أمام المشاريع الهادفة وإنشاء قنوات لا تخضع لبعض الجهات النافذة في السلطة». تكريس الرداءة في غياب هيئة للضبط وبعد عام من انطلاق أول المشاريع التلفزيونية الجزائرية خارج البلاد، يرى المواطن الجزائري أن نوعية البرامج المقدمة ما زالت دون المستوى، بل أصبحت بعض هذه القنوات ساحة لتصفية الحسابات بين أطراف داخل السلطة الجزائرية أو حتى مع بعض الأطراف الخارجية، كما يقول فيصل زوالي، وهو طالب في قسم علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر. ويضيف زوالي بالقول: «أعتقد أن هذا المستوى المنحط يعود إلى عدم وجود هيئة تشرف على مراقبة نوعية هذه القنوات». وفي هذا الصدد، يرى الدكتور إبراهيم براهيمي، الخبير في قانون الإعلام الجزائري، أن «هذه الرداءة يمكن التخلص منها عن طريق هيئة ضبط منتخبة تشرف على تطبيق دفتر الشروط، وكل هذا سيأتي مع قانون السمعي البصري الجديد». ويؤكد براهيمي أن الرقي بمحتوى البرامج التلفزيونية لن يتحقق إلا إذا عادت هذه القنوات إلى أصحاب المهنة، بدلاً من البقاء في أيدي أصحاب الأموال الباحثين عن منافع شخصية فقط.