حتى وهو محامي أصلا، تسبب قرار انفرادي لوزير العدل مصطفى الرميد، حول مرسوم ينظم خدمة الإنابة في إطار المساعدة القضائية، في خلق جو توتر كبير في العلاقة بين الوزارة وجمعية هئيات المحامين بالمغرب، ستكون له انعكاسات جد مؤثرة على السير العادي للعدالة بالمحاكم المغربية خلال الأيام القادمة. ذلك، أن العادة كانت من قبل أن تطلب المحاكم محامين في إطار المساعدة القضائية للمتهمين الذين لا تتوفر لهم الإمكانية لتعيين محامين لهم أمام القضاة، وكان ذلك يتم بالمجان. لكن بسبب ارتفاع مصاريف متابعة تلك القضايا، طالبت جمعية المحامين بالمغرب الوزارة بضرورة تخصيص تعويض جزافي لكل محام يترافع ضمن باب المساعدة القضائية, فصدر مرسوم أول سنة 2010، ينظم تلك الخدمة قانونيا، وحدد التعويضات في 1200 درهم ابتدائيا، و1500 درهم في محاكم الإستئناف، و2000 درهم في مراحل النقض. ولأن جمعية هيئات المحامين بالمغرب، قد ظلت بصفتها النقابية تطالب بضرورة تعديل ذلك المرسوم الذي تشوبه العديد من النقائص (ضمنها استلام المحامي شخصيا تلك التعويضات من مقار الخزينة العامة وليس عبر مؤسسة وزارة العدل، مما اعتبر نوعا من الإهانة المهنية وتضييع الكثير من الوقت للمحامين)، فقد تشكلت لجنة مشتركة بين الوزارة والجمعية، التي باشرت أشغالها منذ مدة، ولا تزال تواصل نقاشاتها إلى اليوم، ولم تخلص بعد إلى اتفاق نهائي. لكن، فوجئ المحامون المغاربة، بقرار انفرادي لوزير العدل ) يوم 9 ماي 2013، أصدر من خلاله مرسوما جديدا، نشر بالجريدة الرسمية، يندرج في باب التحدي وممارسة سياسة الأمر الواقع. فاعتبرت جمعية هيئات المحامين بالمغرب أن في ذلك تجاوزا واحتقارا للمحامين المغاربة، وكذا للجنة المشكلة بينهم وبين الوزارة، فاجتمعت يوم السبت بصفة استثنائية وقررت رفض المرسوم الجديد الذي أصدره بشكل انفرادي وزير العدل. وكذا تنظيم وقفات احتجاجية بكل المحاكم المغربية ابتداء من يومه الإثنين، ثم (وهذا هو الأهم) مقاطعة كل أشكال المساعدة القضائية، مما سيصيب بالشلل العشرات من القضايا المعروضة أمام المحاكم، خاصة في القضايا الجنائية، التي ممنوع فيها قانونيا الحكم بدون توفر المتهمين على محامين. مثلما طرحت أسئلة كثيرة حول روح إصلاح القضاء التي يترأس لجنتها وزير للعدل يهين زملاءه، ويخرق كل آليات الثقة مع جمعيتهم الوطنية، ولا يقيم اعتبارا للعمل المؤسساتي المنظم من خلال تحقيره للجنة رسمية مكلفة بمناقشة إصلاح مرسوم مهم مثل مرسوم تنظيم المساعدة القضائية.