أثار مرسوم التعويض عن «المساعدة القضائية» للمحامين الذي صادق على نصه المجلس الحكومي أخيرا عدة تداعيات، تمثلت في المطالبة بتعديل المادة41 من القانون رقم 08-28 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة. انتقاد بعض المهنيين للمبلغ المخصص للمساعدة القضائية وطريقة صرفه يجعلنا نطرح واقع الحال بمحاكمنا بهذا الخصوص، حيث غالبا ما تطلب هيئات الحكم حضور محامين لمؤازرة المتهمين في القضايا الجنائية مثلا، والذين يعجزون عن الاستعانة بمحامين لأسباب مادية، أو أنهم يتلكئون ولا يريدون – عن سبق إصرار وترصد- أداء مستحقات مهنة حرة تستلزم ضرورتها شروط المحاكمة العادلة. ودون الدخول في حيثيات «المساعدة القضائية» التي تركز فيها النقاش في الغالب على الجانب المادي، الذي ظل مطروحا منذ سنوات دون إيجاد حلول على حساب أصحاب البدلة السوداء، فإن الملاحظ أن بعض المحامين – وأقول بعض المحامين- لا يولون لهذه المساعدة ما تستحق من عناية وواجب ومسؤولية تفرضها المهنة النبيلة للمحاماة أولا، حيث هناك من يؤازر المتهمين دون مطالبة بمهلة التأخير للاطلاع على الملفات وبالتالي التخابر مع موكليهم، بل إن بعض المحامين لا يتوانون في مباشرة مؤازرة المتهمين إما بشكل تلقائي من خلال متابعة استنطاق المتهم من طرف المحكمة أو بعد دقائق أو ساعات من الاطلاع على الملفات بالرغم من خطورة الجرائم موضوع المتابعة، وبالتالي خطورة الحكم الذي قد يصدر في حق موكليهم ويصل إلى 10 سنوات أو 30 سنة سجنا، بل يمكن أن يصل الحكم إلى السجن المؤبد أو الإعدام، مما يفرغ فلسفة المشرع من فرض إلزامية الدفاع لمؤازرة المتهمين على خلفية قضايا جنائية مثلا من مضامينها،الشيء الذي يستلزم فتح نقاش مواز في الموضوع من طرف جمعية هيئات المحامين التي كانت قد أثارت مرارا وتكرارا ملف المساعدات القضائية على امتداد عقود. في إطار ورش إصلاح منظومة العدالة الذي تسهر عليه وزارة العدل والحريات اليوم، قد تكون جزئية المساعدة القضائية أو التعويض الذي حددته الجهات المعنية لتغطية الأتعاب المستحقة للمحامين مقابل الخدمات التي يقدمونها في إطار المساعدة القضائية غير محفز ( 1200درهم ابتدائيا و 1500 درهم استئنافيا و 2000 درهم في مرحلة النقض)، علما أن هناك مقترحات في إطار اللجنة المشتركة بين الوزارة وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، كما أن هناك مقترحات لجمعية المحامين الشباب الذين كانوا قد نظموا عدة دورات في الموضوع وطنيا ودوليا. وكان مجلس الحكومة قد صادق على مشروع مرسوم رقم 319-12-2 بتطبيق الفقرة الثانية من المادة 41 من القانون رقم 08-28 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة. ونص المشروع على أن قانون المالية السنوي يحدد على صعيد ميزانية وزارة العدل و الحريات هذه الاعتمادات، وكذا تحديد سقف هذه الاعتمادات بقرار مشترك للوزير المكلف بالعدل والوزير المكلف بالمالية. ويهدف «هذا المشروع إلى تنظيم صرف الاعتمادات المالية السنوية المرصودة برسم المساعدة القضائية عبر تفويض اعتمادات مالية للآمرين المساعدين بالصرف من قبل الوزير المكلف بالعدل، بعد التشاور مع هيئات المحامين، بخصوص توزيع المبالغ المرصودة للمساعدة القضائية على مختلف هيئات المحامين بالمغرب.