يعيش سكان حي الجامل بالمدينة القديمة بوجدة حالة من الإهمال والتهميش والمعاناة، أناس متخوفون من تهاوي أسقف بيوتهم فوق رؤوسهم، يستغيثون علهم يجدون مغيثا يغيثهم من الوضعية المتردية. امرأة عجوز ارتسمت أمارات الحزن على وجهها وأكل المرض والفقر من جسمها ، فلم يبق من حيويتها إلا نظرة تنم عن الصبر، بدأت تحكي لنا عن معاناتها ومأساتها ومرضها العضال والدموع تغمر عينيها، وتكلمت بشكل خاص عن حالة بيتها المزرية، هذا البيت يأوي عائلتها التي تتكون من أبنائها الاثنين المتزوجين وآباء لطفلين زيادة على 4 أبناء من ابن آخر توفي وترك أبناءه وأمهم بدون معيل. دخلنا المنزل فرأينا بأم أعيننا حالته التي بلغت حدا لا يوصف جعلنا نرنو بطرف حزين ومؤسف تجاه غرف البيت، فإذا بنا نرى «كارثة»، حيث أنه أشبه بقبو أسقفه مهترئة وجدرانه أكل الدهر منها، أما الأفرشه فمزقت حواشيها الفئران ورائحة نتنة تنبعث منها، أحسسنا داخل هذا البيت بانقباض صدر يغشوه اختناق عميق، فكأن هؤلاء المواطنين يعيشون في وديان بعيدة عن البشرية، لم نستطع المكوث طويلا خرجنا مسرعين وساكنة الحي تنتظرنا لتحكي لنا عن المعاناة التي يعيشونها. جاءت عجوز أخرى تطلب منا أن نلقي نظرة على بيتها كذلك حيث تعيش هي وزوجها الذي اشتعل رأسه شيبا وابنتها الأرملة وابنها الشاب الذي لا يملك شهادة ولا حرفة تمكنه من العمل. بيت أدهى والعيش به أمر يستأجرونه بقيمة 520 درهما للشهر، وقد سبق لهم أن طالبوا صاحبة المنزل بأن تستغني عن أجرة ثلاثة أشهر حتى يتمكنوا من ترميم جزء من البيت، إلا أنها لم تتجاوب معهم نظرا لحاجتها بالمال. نماذج فقط لمواطنين مغاربة يعيشون على حافة الموت بحي الجامل بالمدينة القديمة بوجدة، دون أن تحرك السلطات المحلية ساكنا لتنقذهم قبل أن تنعيهم بعد وقوع الكارثة.