اختار حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، المجالس الجهوية للحزب بكل من فاس ومكناس وأكَادير والصويرة، لشن هجوم في حرب إعلامية غير مسبوقة على حلفائه في الأغلبية الحكومية بحيث اختار أيضا بعناية التوقيت المناسب، وانتقى ألفاظه بدقة ليهاجم بنكيران بشلال من النعوت والأوصاف والألقاب. وينعت نبيل بنعبد الله وزير الإسكان ب «الحاج الشيوعي» المتملق الذي كذب على المغاربة بإنجاز مليوني سكن لائق، والوردي بالفاشل في الصحة الذي كان عليه أن يقدم استقالته بعد الذي وقع بزاكَورة، والوفا بالوزير الذي تم اختياره « خطأ» لما تسبب فيه من احتقانات ومشاكل عديدة في التعليم، وأساء بتصرفاته إلى الحزب. كما وصف الدويري وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة بالشاب الذي تنقصه الحنكة والتجربة، هذا في الوقت الذي نوه فيه بتجربة وزير الصناعة التقليدية عبدالصمد قيوح للمجهودات التي يقوم بها. هذا وقد أفرغ شباط، لما يزيد عن ساعة ونصف، كل ما في جعبته وسدد سهامه وانتقاداته وهجوماته ذات يمين وشمال على رئيس الحكومة بنكيران، في مجلس جهوي موسع انعقد بمدينة أكَادير، يوم الاثنين 20ماي 2013 ،حيث اتهمه باتخاذ قرارات انفرادية أثرت على عمل الحكومة وستكون لها انعكاسات خطيرة على معظم الفئات الاجتماعية، وعلى المقاولات وستتسبب في احتقانات اجتماعية لن تحمد عقباها إن هي طبقت . وأكد أن بنكيران يُسير الحكومة بنوع من الاستبداد والهيمنة والتعالي، بدليل أنه يتعامل مع وزراء الأغلبية في مجلس الحكومة وكأنهم أعضاء في حزبه، حيث يخلط بين مسؤولياته ودون أن يفرق بين مهمته كرئيس حكومة وبين مهمته كأمين عام للعدالة والتنمية. وما أثار غضب الاستقلاليين، يقول شباط، هو أن بنكيران لم يلتزم بالاتفاقات السابقة التي أبرمها سلفه عباس الفاسي بخصوص تشغيل المعطلين، بل هدده في اجتماع للأغلبية بقوله «إلا خدمو هادو أنا نخرج من الحكومة»، وأضاف «عباس الفاسي غلط في هذا الالتزام وغلط في زيادة 600 درهم للموظفين لأنها هي سبب الأزمة الحالية». في حين أن بنكيران قام بإسناد مناصب ووظائف لموالين من حزبه وهنا أقسم شباط أمام الحاضرين أن 1000منصب من المناصب السامية أسندت في عهد الحكومة الحالية بدون شفافية، بل بطريق المحسوبية والزبونية والولاء الحزبي على حساب الكفاءات العلمية، وأعطى مثالا حيا بكون وزير التجهيز والنقل أسند مديرية السلامة الجوية لمهندس مختص في الطرق لأنه من حزب العدالة والتنمية، وعزل المدير السابق المختص في الطيران لا لشيء إلا لأنه لا ينتمي إلى حزبه. كما أخلف رئيس الحكومة وعده بشأن الاتفاقات التي أبرمها معه في الحكومة الحالية كأغلبية بشأن جعل الحد الأدنى للأجور يحدد في 3000درهم،والتسريع بوتيرة النمو في حدود نسبة 5 في المائة وتقليص العجز إلى حدود نسبة 3 في المائة، لكن العكس هو الذي حصل حيث صارالعجز5 في المائة والنمو3 في المائة بسبب فشل رئيس الحكومة في مباشرة الإصلاحات الحقيقية.زيادة على اتخاذه لقرارات انفرادية بالزيادة في المحروقات والتقليص من الحد الأدنى للأجور من 2500 درهم إلى 2000 درهم، واتخاذ قرار بالنقص من وزن غاز البوطان والتلويح بتخفيض أجور الموظفين من أجل سد العجز المالي الذي تعاني منه الحكومة وغيرها من القرارات الانفرادية التي اتخذها دون استشارة الأغلبية غير المنسجمة. ونشر شباط الذي مرفوقا بعضوي المكتب التنفيذي عبدالصمد قيوح وعبد القادر لكيحل أمام المجلس الجهوي للحزب، الذي حضره عدد كبير من برلماني الحزب ورؤساء الجماعات المحلية وأعضاء المفتشيات الإقليمية وأعضاء النقابات القطاعية التابعة للاتحاد العام للشغالين ومتعاطفين مع الحزب، غسيل حكومة بنكيران، وكواليس اجتماعات الأغلبية التي قال عنها إن هذه الاجتماعات منذ سنة ونصف كانت فارغة لم تحقق أي شيء. لذلك رفع حزب الاستقلال مذكرة إلى رئيس الحكومة، يقول شباط، بشأن الإصلاحات والتعديل الحكومي لكن واجهها بآذان صماء، مؤكدا على أنه إذا بقي بنكيران على هذه السياسة الفاشلة فالمغرب سيعيش لمدة ثلاث سنوات بدون استثمارات عمومية، وبالتالي سيعرف كارثة اقتصادية وهلاكا للمقاولات التي تشغل أيد عاملة مهمة. وقال شباط :»نقول لبنكيران كفاك من التبجح بعدد المقاعد التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة، فنحن الحزب الأول في المغرب لأننا نملك 116مقعدا بالغرفتين وتأتي العدالة والتنمية في المرتبة الثانية ب110مقاعد بالغرفة الأولى والثانية «. كما انتقد طريقة توزيع الحقائب الوزارية، حيث لاحظ أن حزب العدالة والتنمية هي من على أهم الوزارات، وتمكن حزب التقدم والاشتراكية الصغير الذي لا يتعدى عدد مقاعده 18 مقعدا من الحصول على أربع وزارات مهمة هي الصحة والتشغيل والإسكان والثقافة في حين حزب الاستقلال الذي حصل على المرتبة الثانية ب 60 مقعدا، لم تعط له إلا ست وزارات أربع منها كلها مشروكة مع العدالة والتنمية من بينها الخارجية والمالية. وأكد شباط أن المغرب سيعيش كسادا اقتصاديا خطيرا بسبب سياسة بنكيران الفاشلة التي جمدت ميزانية الاستثمار، وتسببت في إحباط المغاربة بعد الزيادة غير المسبوقة لدى الحكومات السابقة في المحروقات والأسعار وتضييق الخناق على المقاولات الاقتصادية والحريات العامة. وأضاف :إن بنكيران يضحك على المغاربة عندما قال في البرلمان إن الراميد سيطبق على جميع المغاربة بمن فيهم مغاربة المهجر الذين يتوفرون على تغطية صحية عالية بالبلدان الأجنبية، وحتى الراميد الذي يتبجح به لم يستفد منه اليوم حتى مغاربة الداخل فبالأحرى الحديث عن المهاجرين. وختم شباط عرضه بقوله «نعيش مرحلة لم تعشها بلادنا من قبل. فالدستور الجديد أعطى لرئيس الحكومة كل الصلاحيات بما فيها إقالة الوزراء، لكنه للأسف لم يطبق ويفعل هذه الاختصاصات التي منحها الشعب له، ولم ينجز منذ سنة ونصف أي ورش من الأوراش التي وعد بها المغاربة قبل الانتخابات إلى حد الآن ولم يقم بأي إصلاح اقتصادي واجتماعي، لذلك قرر المجلس الوطني للحزب الانسحاب من الحكومة في انتظار رد جلالة الملك على المذكرة التي رفعناها إليه».