حج عدد من المواطنين والفاعلين من الجنسين ومن مختلف الأعمار، مساء أول الخميس، إلى ساحة محمد الخميس، حيث يوجد النصب التذكاري لضحايا 16 ماي بالدار البيضاء، تلبية لدعوة الفضاء الحداثي للتنمية والتعايش والمرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف، تميز بحضور فعاليات جمعوية وسياسية من بينها عبد المقصود الراشدي عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ونزهة الصقلي .. وآخرين. الوقفة عرفت ترديد مجموعة من الشعارات المنددة بالإرهاب والتطرف، فضلا عن ترديد أغان من طرف أطفال ويافعين عن التعايش والحياة وقيم المواطنة، تناول خلالها الكلمة كل من عبد المقصود الراشدي الذي جدد التعازي في وفاة الضحايا، معتبرا أن أولوية الأولويات التي يجب العمل عليها من طرف كل مكونات المجتمع المدني والحقوقي والسياسي هي مواجهة فكر التطرف للقطع مع الأحداث الإرهابية حتى يعيش المغاربة في جو من الأمن والأمان، وفي سلم تام بعيدا عن كل ما يمكن أن يمس بذلك أو يعمل على زعزعة استقرار الوطن والمواطنين. من جهته محمد قمار رئيس المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف عبّر عن دعم المرصد لخصوصية المجتمع المغربي المتميز بتعدده الثقافي الذي جعله بلدا للتعايش والسلام والتسامح، مشيرا إلى أن تخليد الذكرى العاشرة يتميز بتوسع مساحة التطرف والاحتقان وانتشار العديد من الخرجات غير المسؤولة والمجانية الضاربة لعمق تساكن الثقافات بهذا الوطن العزيز، مجددا إدانته لهذه الأحداث التي حصدت أرواح وأبرياء في 16 ماي 2003 ورملت وشردت العديد من الأسر، وذلك نتيجة ايديولوجية الأحقاد والتمييز المنتصرة بتفكيك الكيان الحضاري والثقافي للمجتمعالمغربي. وحيد مبارك السكرتير الوطني بالنيابة للفضاء الحداثي للتنمية والتعايش، قدّم باسم الفضاء التعازي إلى عائلات الضحايا، مجددا استنكار الأحداث الإرهابية التي طبعت المغرب على مر السنوات العشر الفارطة والتي قطعت مع عهد الاستثناء في هذا الباب، مشيرا إلى التباين الذي عرفه مسار مواجهة الإرهاب، منوها بالمقاربة الأمنية مع ضرورة مواكبتها بمقاربة فكرية، تربوية واجتماعية. كما وقف وحيد مبارك عند ما اعتبره اتساع موجة التطرف والغلو وخطابات التكفير والتشكيك التي من شأنها الرجوع بالمغرب إلى ما قبل 16 ماي بشكل أكثر حدة، كما جدّد تأكيد الفضاء الحداثي لمطلبه بضرورة إحداث صندوق لدعم ضحايا الارهاب ، وهو المطلب الذي تم التقدم به منذ 5 سنوات، مذكرا بالمطلب الجديد المتمثل في مراسلة رئيس الحكومة لتشكيل لجنة موسعة للتحقيق في أحداث 16 ماي، التي اعتبر أنها ليست ورقة للمزايدة السياسية والانتخابية ويجب كشف الحقيقة المرتبطة بها انطلاقا من الصلاحيات الدستورية المخولة لرئيس الحكومة. المركب الثقافي لسيدي بليوط كان بدوره على موعد مع الحدث ، وهذه المرة كانت الصورة هي الشاهد ، وذلك من خلال المعرض الذي نظمه الزميل عبد النبي المساوي واختار له كعنوان « 16 ماي وما تلاها..الصورة الصحفية ذاكرة لا تنسى. « كانت الجموع التي حجت عشية أول أمس إلى رواق المعرض ، تستعرض عبر عشرات الصور التي أثثت جدران القاعة جزءا من ماضي يأبى إلا أن يذكرنا كل مرة أن الإرهاب مر من هنا. عبر عشرات الصور التي كان أغلبها يجسد ما عاشته البيضاء ليلة جمعة سوداء ، تستعيد الصورة تفاصيل تلك الليلة لحظة بلحظة...الخراب الذي تركه أمراء الدم كشاهد حي على بؤس الاختيار الذي ارتأوا أن يسلكوه ، عيون المواطنين الجاحظة التي كما لو أنها لا تكاد أن هذا يحدث فعلا في مدينتهم التي اختير اللون الأبيض اسما لها ، والذي أراد تجار الموت أن يحولوه إلى لون أحمر. كل واحد من سكان البيضاء عاش تفاصيل تلك الليلة المرعبة بطريقته الخاصة ، حتى الذين لم يتواجدوا في الأمكنة المستهدفة ، لكن بعد عشر سنوات ، ومن خلال المبادرة المشكورة للزميل المساوي ، كان الشعور السائد لدى زوار المعرض هو الاندهاش الذي يكاد يتماس مع عدم التصديق. وعن هذه المبادرة يقول المساوي « كان وقع الصدمة كبيرا .لم تكن الأحداث الإرهابية ل16 ماي 2003 بالشيء المتوقع بالنسبة لي ، كنت أعتقد اننا بعيدون عن مثل هذا الإجرام لكنه وقع ، لم أكن وأنا أقوم بعملي وسط الحدث في كامل وعيي ، كنت شاردا، مصدوما لما شاهدته من ضحايا وخراب». لكن هذا الاندهاش وهذه الصدمة لم تمنع الزميل المساوي من أن يؤدي مهمته تلك الليلة مدفوعا بحسه المهني ورغبته في أن يترك للأجيال القادمة شهادة عن هذا الحدث الدامي. «في تلك الليلة ، يضيف المساوي ، جلت كل المواقع التي مستها الضربات الإرهابية ، كنت أتساءل: كيف حصل هذا لقد كنت في الصباح أقوم بتغطية احتفالات رجال الأمن بالولاية وفي المساء لقاء لكرة القدم، إلى أن تلقيت مكالمة هاتفية في الليلة من قبل أحد العاملين معي بالجريدة ، والذي أخبرني بما وقع بوسط المدينة ، قال لي لقد حدثت تفجيرات شبيهة بما حدث في مدينة الخبر السعودية قبل الآن» يؤكد. هذا المعرض هو مقام بمناسبتين الأولى مرور عشر سنوات على الأحداث الإرهابية ، و اخترت لها عنوانا رئيسيا « 16 ماي وماتلاها..»، المناسبة الثانية هي الاحتفاء باليوم العالمي لحرية الصحافة، واخترت لها عنوانا فرعيا «الصورة الصحفية ذاكرة لا تَنسى». ويعد هذا المعرض هو الثالث في مشوار المساوي المهني، بعد التجربة سنة 2010 بمعرض تحت عنوان «عيون ممنوعة» وفي سنة 2012 بمعرض ثان تحت عنون «بدون إطار.»