قرار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بنهج معارضة واضحة دعمته القيادة الجديدة لهذا الحزب بكل تعامل ،مع الحكومة، يشير من قريب أو من بعيد إلى توافق ما في أكثر من مجال ، سواء في قضايا العدل أو في المعضلة الاجتماعية أو في غيرها. يبدو أن قرار الاتحاد ليس مجرد قرار تقني أو من باب تحصيل الحاصل، بل يتعداه لكي يجهز على إحدى الأدوات المستترة للحكم المخزني بالمغرب: التوافق السياسي. وإذا كان قرار حزب الاستقلال بالانسحاب من حكومة بنكيران، يسير في اتجاه ما سار عليه الاتحاد الاشتراكي ، فبدون شك سنكون أننا أمام منعطف هام للممارسة الحزبية، منعطف ستكون له نتائج عديدة على الساحة السياسية ببلادنا. فأمام دستور معطوب لا ينفع، وأمام حكومة ثرثارة لا تنفع، وفضلا عن وضع حد للميوعة السياسية التي واكبت زمن الحكومة الحالية منذ نشأتها إلى الآن، ووضع حد للتردد والجبن السياسي في اتخاذ قرارات تطلبتها المرحلة تلك ، نرى أن وقوف حزبين عريقين في نفس الخندق من شأنه دفع أبناء شعبنا ومن جديد للاهتمام بالشأن العام، بعد نفور دام عقدا من الزمن، وذلك بإذكاء الصراع السياسي على قاعدة الأفكار والبرامج والمقترحات في مواجهة الأحزاب التي لا هم لها سوى التسويق للرأي العام، قرارات مخزنية، بإجماع منافق تحت يافطة توافق كاذب. إجماع وتوافق يجعلان المخزن حاكما فعليا بدون محاسبة(الخارجية ،العدل، التعليم، الفلاحة، المعادن ،المالية والاقتصاد، الأمن)ويجعل من الأحزاب مشاركة صوريا في التسيير ، تكون بالنتيجة صمام أمان للمخزن وواجهة للتصادم مع الشعب (التشغيل، التجهيز، الجماعات المحلية ،الضرائب، الصحة، المرأة والشباب، الأجور والأسعار....). أما إذا كان قرار حزب الاستقلال مقدمة للتموقع فقط ومن جديد داخل حكومة آتية ، فإنه بدون شك لا يدعم حكومة ضعيفة وثرثارة ويزيد من تمييع سياسي مُحبط، بل سيعطي لحزب العدالة والتنمية قوة سياسية وللمخزن دفعة هائلة ، وبذلك يكون حزب الاستقلال قد سقط في حفرة حفرها بنفسه لنفسه.