وجه مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية رسالة إلى السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة . ضمنها ملاحظاته حول التقرير الأخير المتعلق بقضية الصحراء, واعتبر المركز في رسالته أن توسيع صلاحيات المينورسو إجراء تمييزي ضد المغرب والسكان الصحراويين الذين يعيشون في هذه الأقاليم، ولصالح أطروحة البوليساريو . وعقاب للمغرب على انفتاحه، والتزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان وتعاونه مع الآليات التعاقدية وغير التعاقدية للأمم المتحدة في هذا المجال. وإن التطورات التي وردت في التقرير نفسه تعكس هذه الدينامية التي ليس لها مثيل على الجانب الآخر من الحدود الجزائرية؛ وأن توسيع صلاحيات المينورسو إنكار للجهود التي تبذلها المنظمات غير الحكومية المغربية لحقوق الإنسان، بما فيها تلك التي تنشط في أقاليم الصحراء وشمال البلاد على السواء، لحماية الحقوق والحريات كما هي متعارف عليها عالميا. وفيمايلي نص الرسالة: «السيد الأمين العام 1-1.ان مركز حقوق الإنسان والديمقراطية منظمة غير حكومية مغربية تعمل من أجل النهوض بحقوق الإنسان والديمقراطية وترسيخ دولة القانون. كما أنها تعمل على تعزيز قدرات مختلف الفاعلين من أجل المساهمة بشكل أفضل في تحقيق هذه الأهداف. في هذا الإطار، شكلت فضاء للتفكير والحوار والاقتراح والنقد وتقييم السياسات العمومية في مختلف مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية ، وخاصة العدالة الانتقالية و الحكامة الأمنية والحماية الدستورية والقانونية لحقوق الإنسان...، وذلك من خلال تنظيم الندوات وورشات التكوين والمذكرات والمذكرات الموضوعاتية وإصدار الكتب والمنشورات. وقد اعتمد مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية مقاربة منفتحة على التجارب الدولية والتعاون مع الهيئات المتخصصة، مثل المركز الدولي للعدالة الانتقالية، ومركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة ، ومؤسسة فورد، ومؤسسة فريدريك إيبرت إضافة إلى هيئات دولية أخرى. 2- لقد اطلعت الهيئة المديرية لمركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية باهتمام كبير على محتويات تقريركم الموجه إلى مجلس الأمن حول الوضع في الصحراء الغربية بتاريخ 8/ 04/2013 وقررت أن توجه لكم ملاحظاتها الأساسية المتعلقة بجانب حقوق الإنسان من خلال هذه المذكرة التي تنوي رفعها إلى أعضاء في مجلس الأمن المحترمين. 3- بعد تحليل التقرير السالف الذكر، يلاحظ مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية التقييم الإيجابي بخصوص التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، وخاصة من خلال مصادقاته الجديدة، ودعوته الآليات غير التعاقدية لزيارة المغرب، والتزاماته تجاه مجلس حقوق الإنسان وتجاه لجان الأممالمتحدة المنشأة بموجب اتفاقيات حقوق الانسان؛ بإضافة، طبعا، إلى التدابير المتخذة على المستوى الدستوري والتشريعي والمؤسسي والعملي لتحسين حماية وتعزيز حقوق الإنسان ودولة القانون. 4- غير أن الفقرة 116 من التقرير المذكور، التي تدعو إلى «رصد مستقل، وحيادي وشامل ومستمر لحالة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وفي المخيمات تصبح أكثر إلحاحا «، تثير مشكلة في المنطق التحليلي ، حيث يتناقض ذلك مع التصريحات والمعطيات التي أوردها التقرير نفسه، كما سنبين ذلك أدناه. 5- قبل كل شيء، نود أن نذكر أنه بالعودة إلى أكثر من أربعين تقريرا وجهها الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن ما بين يناير 1998 وأبريل 2013، لم تظهر مسألة حقوق الإنسان في هذه التقارير حتى أكتوبر 2006، كما أن جبهة البوليساريو لم تجعل من ذلك حصان طروادة إلا سنة 2008 حيث دعت إلى توسيع مهمة المينورسو لتشمل رصد حقوق الإنسان، أي انها تقدمت بطلبها سنة بعد تقديم مخطط الحكم الذاتي من قبل المغرب في إطار المفاوضات الرامية الى إيجاد حل سياسي لهذا النزاع. 6- غير أنه، وعلى امتداد الفترة السابقة على هذين التاريخين، لم تكن مسألة حماية وتعزيز حقوق الإنسان غائبة عن اهتمامات المنظمات والهيئات المسؤولة عن تتبع هذا الملف، وذلك من خلال التقارير السنوية، وتقديم التقارير الدورية أو الموازية، أو المهام المنجزة على اثر بعض الأحداث الخاصة التي شهدتها المنطقة. وفي ما يلي بعض الأمثلة عن ذلك: * تقارير المنظمات غير الحكومية المغربية لحقوق الإنسان، مثل المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف خلال سنوات الرصاص، والتي كانت من بين المبادرين الرئيسيين في السيرورة التي أفضت إلى تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب؛ أو تقارير إئتلافات المنظمات غير الحكومية عقب بعض الأحداث المؤلمة مثل أكديم إيزيك ومحاكمة الأشخاص الذين اعتقلوا في هذا الإطار، أو النزاعات الاجتماعية مثل نزاع العاملين بفوس بوكراع؛ * العمل الميداني والرصد التي تقوم بها عشرات من المنظمات غير الحكومية العاملة في مختلف المجالات من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان في أقاليم الصحراء؛ * تقارير المنظمات غير الحكومية الدولية مثل منظمة العفو الدولية أو هيومان رايتس ووتش؛ وكذا التقرير الدوري الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول حالة حقوق الإنسان في المغرب والصحراء الغربية؛ * التقرير الهام الذي أنجزته هيئة الإنصاف والمصالحة في إطار سيرورة العدالة الانتقالية في المغرب، والذي تم الترحيب به من قبل الأمين العام للأمم المتحدة في عام 2005 في تقريره بشأن مسألة أسس ومعايير جبر الضرر وغيره من مكونات العدالة الانتقالية؛ * التقارير التي أنجزها المجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجان البرلمانية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب ... * مراقبة الوضع من قبل هيئات الأممالمتحدة المكلفة بحقوق الإنسان واللجان والمقررين الخاصين وفرق العمل؛ * زيارات الوفود ووسائل الإعلام الدولية للمنطقة. ويجب أن نضيف إلى ذلك أن المغرب صادق أيضا على العديد من البروتوكولات الاختيارية التي تسمح بتقديم الشكاوى الفردية، وتدعو إلى إنشاء آليات وطنية للحماية والوقاية وتسمح للآليات الأممية بزيارات ميدانية. ويهم ذلك، بالأساس، مسألة التعذيب، والعنف ضد المرأة، وحقوق الطفل. وتنضاف هذه الترسانة إلى الآليات الوطنية والإقليمية لحماية حقوق الإنسان (المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الوسيط...). هكذا، يمكن القول إن الآليات والمعلومات عن حالة حقوق الإنسان في هذه الأقاليم متوفرة ومتاحة للرأي العام الوطني والدولي. وهذا ليس هو الحال فيما يتعلق بالوضع في مخيمات تندوف بجنوب الجزائر. 6- على الرغم من أن الانتهاكات والنواقص في مجال حقوق الإنسان لا تزال قائمة، ويتم التنديد بها من قبل الفاعلين العاملين في الميدان، فإنه لا يمكن مقارنة الوضع في المغرب مع الوضع في مخيمات تندوف المغلقة في وجه جل الفاعلين ذوي المصداقية في هذا المجال وفي وجه آليات الأممالمتحدة المتخصصة التي لم تتم دعوتها من طرف البلد المضيف للمخيمات. 8- كما أشرنا سابقا، فمنذ تقديم المغرب مخطط الحكم الذاتي كحل سياسي قابل للتفاوض، والذي يعتبر مشروعا جديا وذا مصداقية، بما في ذلك من طرف الأمين العام، ومبعوثه الشخصي بيتر فان والسوم وعدد من البلدان أعضاء مجلس الأمن، بدلت جبهة البوليساريو تكتيكاتها، داعية إلى توسيع مهمة المينورسو لتشمل رصد وحماية حقوق الإنسان (الفقرة 51 من تقرير الأمين العام - S/2008/251- المقدم إلى مجلس الأمن في 14 أبريل 2008)، بدلا من التفاوض على حل سياسي للنزاع مقبول من قبل الأطراف المعنية. 9- انطلاقا من ذلك، أصبحت قضية حقوق الإنسان أداة للتوظيف في الصراع السياسي من خلال أشكال مختلفة، مثل أحداث أكديم إزيك التي أعلنت خلالها جبهة البوليساريو عن مقتل 36 صحراويا ، فيما تجاوز عدد الجرحى حسبها 700 و أصبح 163 شخصا في عداد المفقودين (S/2011/249 1 فاتح أبريل 2011). وللأسف، لم تبادر التقارير اللاحقة للأمين العام أو المبعوث الشخصي إلى التوضيحات المطلوبة بخصوص هذه الادعاءات التي تخالف كثيرا الحقائق والأحداث التي تعرفها المنطقة؛ أو حملات التدخل الواسعة لدى الأممالمتحدة، والتي وصف جزءا منها السيد كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في رسالته إلى الأمين العام في 18 يونيو 2010، التي نشرتها صحيفة الباييس في صيغتها الالكترونية ليوم 20/08/2010 و التي دعا من خلالها كل الأطرف إلى احترام أفضل للالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق اللاجئين، ودعا المغرب إلى مزيد من التسامح في مجال حرية التعبير وتكوين الجمعيات، بما في ذلك تجاه الانفصاليين. 10- لهذه الأسباب، وأخذا بعين الاعتبار جميع المعطيات والوقائع المذكورة، فإن اقتراحات توسيع صلاحيات المينورسو في هذا السياق ، لا يمكن اعتباره سوى: * إجراء تمييزي ضد المغرب والسكان الصحراويين الذين يعيشون في هذه الأقاليم، ولصالح أطروحة البوليساريو، الذي لا يمكنه ابدا ادعاء احتكار تمثيلية ساكنة الصحراء، التي يعيش جزء كبير منها في الأقاليم المغربية ويناضل داخل الجمعيات والأحزاب السياسية والنقابات المهنية لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ * عقاب للمغرب على انفتاحه، والتزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان وتعاونه مع الآليات التعاقدية وغير التعاقدية للأمم المتحدة في هذا المجال. وإن التطورات التي وردت في التقرير نفسه تعكس هذه الدينامية التي ليس لها مثيل على الجانب الآخر من الحدود الجزائرية؛ * إنكار للجهود التي تبذلها المنظمات غير الحكومية المغربية لحقوق الإنسان، بما فيها تلك التي تنشط في أقاليم الصحراء وشمال البلاد على السواء، لحماية الحقوق والحريات كما هي متعارف عليها عالميا؛ * عائق في وجه الجهود والديناميات التي تعمل من أجل حل سياسي متفاوض عليه ومقبول من قبل الأطراف المتنازعة. انطلاقا مما سبق، فإن مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية يدعو جميع الأطراف إلى مراعاة الاعتبارات التالية: 1 ) بالنسبة للأمم المتحدة: مقترحات السيد كريستوفر روس أعلاه في رسالته الموجهة إلى الأمين العام يوم 18 يونيو 2010 لا تزال صالحة في الحالة الراهنة؛ تعزيز تدابير بناء الثقة بين الأطراف والعمل من أجل حرية حركة الأشخاص لدعم هذه الدينامية؛ تشجيع الآليات التي من شأنها تسهيل التبادلات اللازمة لتحقيق حل سياسي شامل يضمن الديمقراطية والتنمية والسلم في المنطقة؛ تشجيع الدول الأطراف في المنطقة لتمكين آليات حماية حقوق الإنسان من القيام بالمهام والزيارات التي تسمح لها بالنهوض على نحو أفضل بدورها في حماية وتعزيز حقوق الإنسان والقانون الإنساني في جميع البلدان المعنية بالنزاع، بما في ذلك في مخيمات تندوف؛ 2 ) بالنسبة للمغرب: تسريع عملية التصديق على صكوك الحماية الموقعة في نوفمبر 2012، وخاصة ما يتعلق بإنشاء آلية وطنية مستقلة للوقاية التعذيب؛ تقوية قدرات المؤسسات الوطنية، حتى تتمكن من أداء دور الوساطة بين الإدارة وساكنة المنطقة؛ الحرص على احترام التزامات المغرب وتنفيذ تعهداته في هذا المجال، خاصة ما يتعلق بتأسيس الجمعيات والمظاهرات السلمية. 3 ) بالنسبة للجزائر والبوليساريو ان الجزائر ملزمة باحترام التزاماتها التعاقدية تجاه ما يحدث في مخيم تندوف، الذي يوجد تحت سلطتها القضائية؛ ضمان حرية فعلية في التنقل والتعبير لسكان المخيمات ؛ ضمان تمتع سكان المخيمات تمتعا كاملا بالأحكام المتعلقة باللاجئين والوصول إلى آليات المفوضية العليا للاجئين؛ 4 ) بالنسبة للمملكة المغربية وجبهة البوليساريو: الرفع من تدابير بناء الثقة من خلال إحداث آلية أو فضاء لحوار مستمر ومفتوح وصادق مع ساكنة الإقاليم ومخيمات تندوف. إن مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية يأمل، من خلال هذه الملاحظات والمقترحات، المساهمة في تحسين احترام حقوق الإنسان في اطار عملية البحث عن حل تفاوضي للنزاع في المنطقة، يأخذ في الاعتبار المعايير والالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتحديات التنمية والاستقرار، ومكافحة الإرهاب الذي يثبت قواعده في المنطقة كما يتضح من الأحداث الأخيرة في منطقة الساحل وجنوب الجزائر. وإن مساهمة الأمين العام، ومبعوثه الشخصي، ومجلس الأمن وجميع الدول والقوى المحبة للسلام والحرية مدعوة إلى أن تسهم في دينامية تساعد على كسب هذا الرهان. رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية