اعتاد الناس على سماع احتجاجات آباء صدر في حقهم قرار الإفراغ من منازلهم، بوصفهم للقرار أنه عملية مؤدية لتشريد أطفالهم وأسرهم، إلا أن ما حدث بحي فايزة بخنيفرة كان طبيعيا أن يثير ذهول وامتعاض الشارع المحلي والعديد من الجمعويين والحقوقيين بالمدينة، ويتعلق الأمر بشخص ميسور تمكن من استصدار حكم قضائي يقضي بإفراغ أبنائه الأربعة من مسكنهم بصورة هزت مشاعر الرأي العام، سيما لحظة حلول الأعوان القضائيين بعين المكان وهم مدعومين بعناصر السلطة والأمن لتنفيذ حكم الإفراغ من المنزل الذي كان مغطى بصور ملكية ويافطات ولافتات تندد بالقرار، وتكشف عن ممتلكات الأب الذي زار بيت الله الحرام. وكم وجد الأعوان القضائيون صعوبة في التنفيذ إثر ارتقاء أجواء التوتر إلى نحو محاولة إقدام ابنين من أبناء الأب على الانتحار بإلقاء نفسيهما من أعلى سطح المنزل موضوع الإفراغ، ما جعل الأعوان القضائيين المكلفين بتنفيذ القرار ينسحبون بعد تضمينهم ذلك في محاضرهم. وبعين المكان طفت عدة تعاليق على ألسن الحاضرين الذين لم يستسغ معظمهم ما جرى، مع تساؤلات دامعة حول الجدوى من مدونة الأسرة والمواثيق الدولية المعنية بحقوق المرأة والطفل، سيما أن الحالة لا تعني مدعيا غريبا بل يتعلق الأمر هذه المرة بأب يود إفراغ أطفاله وهم من دون مأوى أو عمل، ويتداول بعض المتتبعين استعداد مكونات مجتمعية لتنظيم وقفة احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية بخنيفرة. وتفيد مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن الأب (ف. م) سعى إلى استصدار قرار الإفراغ في ما يشبه الانتقام من أم أطفاله (ز. محجوبة) التي طلقها عام 2006 بعد 20 سنة من الزواج، واستنادا لمراسلة سبق توجيهها، قبل سنوات مضت، لرئيس المحكمة الابتدائية بخنيفرة من طرف إحدى المحاميات، فالرجل كان عند زواجه بالمعنية بالأمر مجرد مستخدم في أعمال النجارة، حيث أسكنها تحت سقف واحد مع والدته، ذلك إلى حين أصبح صاحب أملاك وعقارات ومشاريع بعدة أحياء من المدينة، وتقول «إنها تعرف مصدر هذه الممتلكات ومن أين له بها»، حسب رسالة مفتوحة وجهتها لبعض الجهات المسؤولة، كما سبق لها في عام 2007 أن حصلت على وثيقة من مفوضين قضائيين (ملف تنفيذي عدد 1535/07) تثبت وجود عدة عقارات مملوكة للمعني بالأمر. وفي رسالة مفتوحة لوزير العدل والحريات، تم تسليمها ل «الاتحاد الاشتراكي»، عبرت طليقة المعني بالأمر (الحاملة لبطاقة التعريف رقم 187098 V) عن أسفها إزاء القرار الذي لن يؤدي إلا لترك أبنائها عرضة للتشرد والضياع والمآسي الاجتماعية، سيما أن من بينهم ثلاث بنات عمرهن على التوالي 13، 20، و 23 سنة. وقد تم الطلاق، حسب رسالتها، مقابل مبلغ نفقة لا يتجاوز 700 درهم، مع الحكم على البنتين الراشدتين بإفراغ المنزل المملوك أصلا للوالد، وتقول الأم إنها كلما تقدمت للمطالبة بحقوقها تتم مواجهتها بأحكام مبنية على تصاريح الرجل، بما فيها التصاريح بالشرف أو أداء اليمين مقابل عدم أخذ أقوالها ودلائلها بعين الاعتبار، حسب رأيها، بينما تساءلت حول مآل شكاية سبق لها أن تقدمت بها لوزير العدل والحريات أوائل السنة الجارية من أجل التدخل لإنقاذ أطفالها، غير أن رسالتها ظلت من دون مجيب، على حد قولها. المنزل يوم تنفيذ قرار الإفراغ