منذ بداية التسعينيات من هذا القرن ومباشرة بعد ميثاق اكادير, بدأت دينامية الحركة الأمازيغية بالمغرب تتجه نحو استحضار المقاربة الدستورية في عملها، وطالبت تبعا لذلك منذ سنة 1991 بالاعتراف الرسمي بالامازيغية في الدستور كهدف اسمى, راكمت فيه الحركة الأمازيغية عدة مبادرات وبيانات وتقارير. ويمكن في هذا المجال التذكير بخطاب الحسن الثاني بتاريخ 20 غشت 1994 في موضوع تدريس الأمازيغية، وكذلك بمذكرة الجمعيات الامازيغية المودعة بالقصر الملكي سنة 1996، والتي طالبت فيها بالاعتراف بالأبعاد المتعددة للهوية المغربية والاعتراف باللغة الأمازيغية لغة وطنية ورسمية ، لكن مشروع الوثيقة الدستورية المعروضة على الاستفتاء المنظم بتاريخ 13/9/1996 لم تأخذ بعين الاعتبار هذا المطلب وأدى ذلك إلى تكتيف الحركة الأمازيغية لآليات عملها ومبادراتها النضالية بامتداداتها الجغرافية من أجل ضمان حماية دستورية للغة الأمازيغية ولأبعاد الهوية الوطنية وتنقيح المفاهيم القانونية من أي إيحاء عرقي أوعنصري. ومباشرة بعد وفاة الحسن الثاني وتولي محمد السادس رئاسة الدولة ، وبالضبط بتاريخ 30 يوليوز 2001، وبخطاب العرش أعلن الملك عن خلق مؤسسة معنية بالأمازيغية، وبتاريخ 17 اكتوبر 2001 تم الإعلان عن تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بمقتضى ما سمي) بخطاب أجدير(. ومباشرة بعد تأسيسها في يوليوز 2002 كمنظمة وطنية غير حكومية تؤمن بالقيم الانسانية النبيلة و بمبادئ الديمقراطية و حقوق الانسان في كونيتها و شموليتها ، عملت الشبكة الامازيغية من اجل المواطنة و المعروفة اختصارا ب:»ازطا أمازيغ» على بلورة رؤى جديدة و مقاربات جديدة لملف الأمازيغية ولملف الديمقراطية في شموليته بالنظر الى التقاطعات الحاصلة بين الملفين وأطلقت عدة مبادرات ومشاريع تروم في مجملها الى الترافع و التحسيس والتأثير على مصادر القرار داخل دواليب الدولة المغربية، كان من ابرزها مذكرتها الخاصة برؤيتها للوثيقة الدستورية على ضوء ما تمت مراكمته وعلى ضوء الحراك الديمقراطي الذي عرفته بلادنا والذي لعبت فيه حركة 20 فبراير دورا محوريا. وقد توجت هذه الديناميات بإقرار دستور2011 لمقتضيات جديدة منصفة نسبيا لامازيغية المغرب و خصوصا بالفصل الخامس منه والدي جاء فيه مايلي: - تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء.يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية. لذلك واستنادا إلى الفصل الخامس من الدستور،و ابرازا للأهمية التي يحتلها المجتمع المدني و الديناميات الجمعوية في المشهد الوطني العام و خصوصا في مجال التشريع، و ايمانا منها كذالك برسالتها النبيلة في حماية و النهوض بالحقوق اللغوية والثقافية الامازيغية ،ومباشرة بعد الاستفتاء المنظم بتاريخ 1/7/2011 ونشر الدستور المحين بالجريدة الرسمية قررت أجهزة الشبكة الأمازيغية من اجل المواطنة البدء في عملها الترافعي لتوفير شروط ملائمة قبلية لصدور قانون تنظيمي يؤهل الفضاء العام لاستقبال وإدماج الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة، ومنها مجال التعليم والإدارة العمومية وقطاعات العدالة والإعلام. وفي هذا الاطار قام مناضلو ازطا بإعداد مقترح مشروع «القانون التنظيمي المتعلق بمراحل تفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية و كيفيات ادماجها في مجالات التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الاولوية». هذا المقترح الذي تطلب من اجهزة الشبكة تسعة اشهر من العمل الذؤوب لانجازه بالاعتماد: اولا: على التجارب الدولية المقارنة و على رأسها تجربة دولة سويسرا, حيث نظمت ازطا خلال الفترة الممتدة من 22 الى 26 ابريل 2012 رحلة دراسية الى فيدرالية سويسرا للوقوف على تجربتها في تدبير التعدد اللغوي و الثقافي وذلك بمشاركة فعاليات سياسية (ممثل عن الفرق البرلمانية التالية: الاتحاد الاشتراكي، التقدم والاشتراكية، العدالة والتنمية،الاصالة والمعاصرة) والمجلس الوطني لحقوق الانسان و فعاليات اخرى جمعوية و علمية و اعلامية. ثانيا: على اعداد دراسة اولية حول بعض التجارب الدولية النموذجية و التجارب الوطنية في بعض المدن المغربية( تيزنيت و اكادير كنمودج) في تدبير التعدد اللغوي و الثقافي في المجالات التعليم و الاعلام و القضاء و الادارة الترابية و الحكامة المؤسساتية. ثالثا: على توصيات و خلاصات اللقاءات الجهوية و الموضاعاتية التي نظمتها ازطا و التي عرفت مشاركة مجموعة من الفاعليين الحكوميين و السياسيين و المنتخبيبن و اساتذة باحثين وفعاليات جمعوية و التي كانت مناسبة لمناقشة الخبرات المنجزة و اغنائها و التفكير الجماعي في المأسسة القانونية للامازيغية في جميع مناحي الحياة العامة. رابعا: على مقترحات و توصيات و خلا صات اللقاء الوطني التحصيلي. هذا المشروع الذي اعده خبراء الشبكة الامازيغية من اجل المواطنة وفق مقاربة علمية وحقوقية و كونية و الذي يوفر مادة قانونية و علمية اسست معالمها بفضل مجهود جماعي، و انبنت حيثياتها على رؤية استراتيجية تتوخى تفعيل ترسيم الامازيغية ؛ يحتوي 82 مادة وعلى اربعة اقسام و ابواب عدة، كما يتضمن عدة محاور اساسية متعلقة اساسا باليات تفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية عبر التفعيل القطاعي( القسم الاول و الثاني) في : - منظومة التربية و التكوين بجميع اسلاكها (برامج محاربة الامية-التعليم الاولي والابتدائي-التعليم الثانوي-التكوين المهني-التعليم العالي و مؤسسات تكوين الاطر). - في وسائل الاعلام السمعي و البصري والمكتوب و في البرامج الثقافية و الفنية. - في الادارة و المؤسسات العمومية(التشوير و الفضاءات العمومية-المطبوعات الرسمية-الوثائق و المراسلات الادارية-الوثائق السيادية ووثائق الهوية.......). كما عزز المشروع تصوره القانوني بتخصيص القسم الثالث لإحداث معهد عالي للدراسات الامازيغية كمؤسسة ذات اهداف استراتيجية و تتمتع بكامل الاهلية القانونية و الاستقلال المالي و الاداري، وكذالك بتخصيص القسم الرابع لآليات التتبع و التقييم والرقابة وفق المبادئ و القواعد العامة للحكامة المنصوص عليه في الدستور المغربي ولاسيما الفصول 1و 6 و37 و154 و160 ومنها الرقابة المالية المنصوص عليها في المادة 80 من المشروع، و التنصيص في المادة 71 على ان يقدم رئيس الحكومة الى البرلمان بمجلسيه تقريرا سنويا حول تفعيل و تطبيق مقتضيات القانون التنظيمي للامازيغية بخصوص كل قطاع.اضافة الى تنصيص المشروع على احداث الهيئة الوطنية لحماية اللغة الامازيغية والنهوض بها ،تناط اليها مهمة رصد و متابعة كافة اشكال التمييز ضد الامازيغية و الاختلالات التي تعتري ادماجها و تنفيذ قانونها التنظيمي في مختلف المجالات و مناحي الحياة العامة. ان الشبكة الامازيغية بإعدادها لهذا المشروع و التي هي الان بصدد الترافع عليه لدى الاحزاب السياسية المغربية و الفرق البرلمانية و القطاعات الحكومية و لدى جميع الفاعلين تكون قد جسدت و بمقاربة علمية و قانونية احد الادوار الرئيسة التي يجب ان يقوم بها الفاعل المدني و خصوصا في مجال التشريع و سن القوانين و اسست لخطوة جريئة نموذجية من شانها ان تساهم في وضع البدائل و التصورات الامازيغية في متناول الفاعلين السياسيين و المؤسساتيين المعنيين دستوريا بتطوير اللبنات التشريعية والتي من شانها التأسيس لإخراج فعلي لقانون لتنظيمي يتسم بجرأة الرؤيا وبقوة المضمون وحداثة المنهج و يكون مناسبة لمصالحة فعلية وعملية مع الهوية و الذات المغربية و يقطع مع سنوات التهميش و الاقصاء و التمييز الذي لحق امازيغية المغرب. (عضو اللجنة الوطنية للشبكة الامازيغية من اجل المواطنة)