1 لا نخون أحدا قدرَ خيانتنا لأنفسنا،كم و كم مما كنا على العهد بتحقيقه ؟ كم تنازلٍ قدمناه ؟ كم حلم أسقطناه عن هذه الذات لترضى عنا ذاتُ الغير ؟ ثم لا يهم بعد هذا حجم الألم الذي نتشربه كل حين . 2 فيما يتعلّق برؤية القلوب .. يدلُّكَ البُعدُ على ما لم تتأكّد منه في القرب.. 3 الأمانُ مَكْسَبٌ لا مَطلَب، لن يأتيك به أحد منذ عهد الرحم و حضن الأم . 4 الصدفة ميعاد غير معلوم، حين تدركُ دلالته تَعلَمُ أنه كان لابدّ حاصلٌ بالضرورة لكي تكون أنت أنت، أسامح الذي أتى إليّ في الحياة برسائل موجعة، كان لابد أن يأتي و أن يوجع، لكي أكون أنا أنا.. 5 وحدي كنتُ معك كائنا لا مرئيا حين كان الجميع رفقةً من طين .. لم تكن قصائدك تحتاج إعجابَهم و كان إعجابي يحتاج أكثر من قصائدك .. الحرف/ الصدفة/ الحب/ إبتسامةٌ/ السر/ الحكمة/ العلم/ الكشف/ الله/ الكون/ الموت/ الحياة/ الدم/ هُم/ نحن/ التاريخ/ الزمن/ الوقت/ لا شيء/ كل شيء/ المعنى/ اللامعنى/ الجنون/ العقل/ السذاجة/ ثم الذكاء ... تزاحمتِ اللغةُ في اللاسياق.. أشعَلتْنا ثم إنطفأَتْ ... فهل موعدنا المنتظَرُ ذات وداعٍ و بكاء ؟ 6 لا أحدَ منّا ذاته تماما، و مع ذلك كلنا يمتلك خصوصية ما، غير أن الإبتذالَ الذي يطال الأشياءَ يَطالُنا، فنتكرر كما تتكرر هي .. عليك أن تقرأ في ذاتك الوجودَ كلّه بعيدا عن رتابتك و تكرارك . 7 إلى صديق شاعر : الشعر ليس نظما للقوافي كيفما كان، الشعر قراءة، و الشاعر من له ملكة الذهاب إلى ما وراء جمود الأشياء، هو الساحر الذي تهرول نحوه المعاني بغير عناء تأتيه من معطفٍ شتوي، أو رغيف يابس أو تجاعيد حذاء قديم .. تأتيه طائعة .. فإن كنتَ بين زمرة «شعراء « في أمسية شعرية، إعلم أن بينكم من ليس شاعرا بل ناظم، فقط و أن بين الجمهور شعراء لا ينظمون ... الكتابة قراءة، و القراءة لا تُستَمَدُّ من الحرف بل يُسْتَمَدُّ منها الحرف .. قراءةُ الحياة . 8 أنسى أن أغمض عينيّ و أذُنَيَّ، لِأَشُمَّ الحياةَ قليلا، مُتعِبَةٌ كثرة الوجوه و الأقنعة و هذا الضجيج . 9 تهُبُّ الريحُ الباردة، لتُطفئ نورا خافتا يفقد طاقته في الزمن، الشمس تُعاند الموت .. و الموت يعاند الشمس فيسري في كائناتها و يسلبها حرارتها .. لا شيء يخيف في الأربعين، فعمر العقل إنتظار للمحتوم، و حمكة العقل قبوله للضرورة .. لا شيء يخيف و لا شيء مفاجئ و لا شيء يقلق غير حق الإنسانية في كائن يموت و لا تموت كرامته .. ليس بعد الموت فرصة أخرى للكرامة .. الحياة كرامة لمن أدرك قيمته في الوجود و قيمة الوجود . 10 تتكلم الحياة و تستعير كل شيء كما تستعيرنا رموزا لدلالاتها ... كم نكون سذجا حين نفسر الأمور بالصدفة .. نحن لا نجيد قراءة الرموز فلا نعتبر لقاءنا بالناس إلا كلقاء .. كل شخص يحمل رسالة يكون علينا قراءتها لما بعده .. فتعال و انصرف، لستَ غير رسالة أو جزء منها . 11 هوّن عليك ... لا نهوض إلا بعد سقوط، و ما تَعَيَّنَ شيءٌ في علوّ إلاّ بما يقعُ تحت . 12 أشدُّ أنياب الغياب شراسة، احتفاظك بأشياء الحضور . 13 لا تقطع عِرْقا واحدا و تترك الحياة نازفة على مهل، في لحظة الحتف، لا أفضل من ضربة المقصلة، كن شجاعا بقدر الجلاّد الذي يَسكنُك . 14 أتعرفني؟ لا تعرفُني .. أنايَ لا تقترفُ العُرْيَ، و في سفري و سفوري أحمل ثقلَ أسمالي ، مكررةٌ هلاهلي، قديمةٌ، متراكمة، طوال العمر رأسي أبدا لم يخلَعْ، كان فقط يرتدي.. تعال ننسى خيبتنا، لم نكن غير إثنين كلّ في غربتِه ، كلانا يطوي خلفَ الوجه تاريخَ عزلتِهِ، كلانا يَحفرُ قسْرا بسمتَهُ على شفتينِ متعبتين .. أتعرفني ؟ لا تعرفني. يا أنا .. يا هذه الأنا المتعَبَة، ما كفاك ليل اغترابك ؟ أتحطين رحال العمر في وطن خراب ؟!! 15 الحروف التي يرعبُها الظنُّ لا تَسْتَجِيرُ أحدا من غربته، لهذا لم أكتبنا بعدُ. 16 الأكثر لؤما في الكتابة و الأكثر قدرة على الشفاء أنها تضطرك لتكتبك و لتفضحك .. و هذا القلم بلؤمه حيثما ولَّيْتُ به كي أبتعد عني يُعيدني إليّ بِخُبث، أودُّ أن أسكن حروفي و أجدَ في سطوري مأواي، لكن مخدعي في العبارات تتلصصه العيون .. الكتابة شبيهة بنومِ العاري في العراء، تعيدُك لإنبثاقك الأول حين لم تكن في حاجة لتستر عورتك، لكن العراء يذكركَ أنك لم تعد أبدا في الرحم، و أن العالمَ يحاكمُك ... ليس غير الجنون في الكتابة ما قد يُحرِّرُك ..... عندها تُشفى تماما. 17 هي لا تُجيد الحَكْيَ، و لمْ تتعلّم الحكبةَ من أحد، لم تَطَّلِعْ على سِرِّ اللإغواء في اللغة، و كيف تصبح مغرية بالغرق، كيف تَخْلُقُ لدى من تُصِيبُ عَينَيْهِ شبقَ العناقِ على ورقٍ، و لذةَ الإشتعال في الحرف.. لكنها لم تتوقع إنبثاق «ميم» المفاجئ، لم تقرأ، لم تكتُبْ من قبل، لم تكن إلى أن كان «ميم»، و كانت الحياة به و فيه.. حياتُهما معا، هذه الأوراق و هذه الكلمات . أستاذة فلسفة بطنجة