تثير تداعيات الثورة الصناعية وتطور التكنولوجيا ردود فعل متباينة. فالبعض يرحب بأحدث الابتكارات في حين يعتبر الآخر أن الآلات الحديثة وأساليب الإنتاج المتطورة تقضي على فرص عمل الإنسان. فماذا بشأن مشروع غلاس لشركة غوغل؟ يتساءل الكثير من الناس في حاضرنا بشأن الاتجاه الذي سيأخذنا إليه مشروع «غلاس» لشركة خدمات الإنترنت الأمريكية العملاقة غوغل. تقول الشركة إنه سيوفر معلومات قيمة لعملائها بصورة أسهل كثيرا من ذي قبل. ويرد معارضو المشروع بأنه جهاز غادر سيأخذنا خطوة كبيرة نحو عالم تتم فيه مراقبة وتسجيل ومعالجة وتحليل كل شيء من خلال شبكة كمبيوتر عملاقة. والجهاز المقصود يبدو إلى حد كبير أنه لا ضرر منه، إذ يأخذ شكل كمبيوتر محمول صغير يتم تركيبه في إطار نظارات حيث تعرض البيانات على شاشة صغيرة للغاية فوق عينيك مباشرة . كما يمكنه بشكل سري التسجيل بالصوت والصورة حيث يتيح للمستخدم مشاهدة وسماع كل شيء. علاوة على ذلك فإن الجهاز يستطيع القيام بكل وظائف الهاتف الذكي من تصفح الإنترنت إلى كتابة الرسائل الإلكترونية باستخدام الأوامر الصوتية وتشغيله من خلال عدد قليل من الأزرار وهو ما يتناسب مع إمكانية استخدامه بصورة سرية عن طريق سماعات الرأس. قلق كبير على الحياة الشخصية وقرب الشاشة الصغيرة من العين يعني أن البيانات عليها يمكن أن تعرض بالكامل في مجال رؤية المستخدم. كما يمكن تنشيط الشاشة والتحكم فيها من خلال حركات بسيطة للعين. إذ يمكن تنشيط الشاشة بالنظر بالعين ومجرد حركة بسيطة من الرأس تسمح لك بالتنقل بين البرامج المختلفة على الجهاز. ولم تعلن غوغل حتى الآن عن موعد طرح هذا الجهاز للبيع في الأسواق، ولكن من خلال التطورات الأخيرة يمكن القول إن هذه اللحظة لم تعد بعيدة. في الوقت نفسه فإن الإثارة والترقب والانتظار بين جمهور غوغل الواسع قوية إلى درجة دفعت الشركة إلى تنظيم مسابقة لتحديد الفائزين بشراء أول 8000 جهاز غلاس مقابل 1500 دولارا للجهاز الواحد. وفي الوقت الذي يوجد فيه الآلاف من المتحمسين لهذا الجهاز الجديد، هناك أيضا آلاف آخرون يشعرون بالفزع منه لمجرد أنه تكنولوجيا جديدة. وهؤلاء القلقون لا يشعرون فقط بالخوف من المشكلات المحتملة المتعلقة بالخصوصية نتيجة وجود أشخاص يحملون جهازا غير مرئي يستطيع تسجيل كل شيء بالصوت والصورة طوال اليوم، وإنما أيضا يشعرون بالقلق من مشاعر السخط والاستياء التي سينشرها بين الناس. ويقول هؤلاء إنه مع طرح غوغل لجهازها الجديد غلاس فإن الناس سيمارسون حياتهم تقريبا من خلال عدسات غوغل. ورد الفعل يأخذ بالفعل أشكالا كثيرة. ففي مدينة سياتل التي تصادف أنها مقر لكل من غوغل ومنافستها مايكروسوفت، ظهرت رابطة «5 نقاط» أو «فايف بوينتس» لمناهضة مشروع غوغل غلاس والتحذير من تشجيع انتشار هذا الجهاز الذي سيمثل انتهاكا للحريات والخصوصية. كما جاءت صرخة الاحتجاج أيضا من جانب موقع «ستوب ذا سايبورغ دوت كوم» الذي يقول إن هدفه هو «محاربة المستقبل الرقمي مرة واحدة وإلى الأبد»، إذ تنشر الإعلانات المناوئة لمشروع غوغل غلاس سواء في صورة ملصقات أو في صورة قمصان «تي شيرت» تحمل شعارات حملتها. (د.ب.أ)