في إطار الاستعدادات للمؤتمر الوطني الثامن للشبيبة الاتحادية، نظم المكتب الوطني الجامعة الاتحادية التي شارك فيها القطاع الطلابي الاتحادي المتواجد بكل المدن الجامعية المغربية ومن كل الجامعات والمدارس والمعاهد العليا. وقد افتتح هذه الجامعة إدريس لشكر الكاتب الأول للحزب باسم المكتب السياسي، وقدمت خلالها عدة عروض متنوعة لفعاليات سياسية مرتبطة بالحياة الجامعية والشبيبية. أكد إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أنه عوض أن تكون الجامعة المغربية اليوم فضاء لنشر قيم الحداثة والديمقراطية والحرية وكل القيم الكونية والإنسانية كما كانت في عهود خلت، نجدها قد تحولت إلى فضاء للتطرف والتدافع الديني والعنف المادي واللفظي واللاأمن. وأضاف لشكر في مداخلة له في افتتاح أشغال الدورة الأولى للجامعة الاتحادية التي نظمها المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية، تحت إشراف المكتب السياسي يوم السبت الماضي بالمقر المركزي للحزب بالرباط، أضاف أن الجامعة المغربية من المفروض أن تكون فضاء للمعرفة والفكر والبحث العلمي والتسامح، ومشتلا لإنتاج النخب السياسية والإدارية والثقافية المغربية، وليست كما كرسها البعض وجعل منها مرتعا للتدافع الأصولي وسيادة الفكر الظلامي، وطغيان التقليد والجمود، ونشر ثقافة الانغلاق والتزمت الفكري. وسجل لشكر في نفس اللقاء الذي أدار أشغاله خالد بوبكري عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية، أن هذا الحضور الوازن من كل المدن الجامعية المغربية للقطاع الطلابي الاتحادي ومن مختلف الجامعات والمعاهد والمدارس العليا، وبهذه الأعداد الكبيرة ، دليل ساطع على أن الاتحاد قادم بقوة، ويتجسد ذلك في مؤشرات إطاراته وقطاعاته الموازية التي انعقدت مؤخرا لتستنهض أداتها التنظيمية بعد المؤتمر الوطني التاسع، وتؤكد ميدانيا وبالملموس أن جسم الاتحاد جسما معافى وحزب القوات الشعبية متجذر في فئات الشعب المغربي ولا ريب في ذلك، معتبرا في ذات السياق أن الشباب الاتحادي اليوم يرسل رسائل قوية إلى الأعداء والخصوم تؤكد هذه الحقيقة لكل من يراهنون على موت الاتحاد واندثاره. ودعا لشكر الشبيبة الاتحادية للاستعداد التام من أجل أن يعود الشباب الاتحادي عودة قوية للجامعة من أجل ترسيخ القيم الكونية والإنسانية التي أنتجها تطور الحياة البشرية، وأن يتشبثوا بالممارسات والتقاليد والأعراف المتمثلة في التضامن والتعاون ما بين الطلبة من أجل خدمة قضاياهم ومصالحهم، مشيرا في نفس الوقت أن الطلبة المغاربة اليوم أصبحوا يتمتعون بوعي ثاقب وذكاء حاد ولا يمكن أن يتم استغفالهم أو تدجينهم من قبل تيارات تدعي الطهرانية، أظهرت الساحة السياسية والاجتماعية ضعف حضورها وتجذرها جماهيريا. وكان لشكر قد استعرض في بداية مداخلته، تاريخ الحركة الطلابية المغربية ودورها في تحرير البلاد، مبرزا في هذا الصدد أن الحركة الطلابية لعبت أدوارا طلائعية في الكفاح والمقاومة ضد المستعمر، وتسلحت بالعلم والفكر لمجابهة الأنتلجنسيا والطبقة السياسية الاستعمارية، وهم أنفسهم الذين أصبحوا في ما بعد نخب المغرب بعد الاستعمار والذين ساهموا في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعد الاستقلال، وليصطدموا من جديد بإقرار البناء الديمقراطي وترسيخه، ليعرفوا في ما بعد زمن سنوات الرصاص، وتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة تؤكد أن أكبر الضحايا خلال هذه المرحلة ينتسبون إلى حزب القوات الشعبية. ومن جهته شدد الحسين حسني عضو المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية على أن تنظيم هذه الجامعة الاتحادية للقطاع الطلابي يدخل في إطار الاستعدادات الجارية للمؤتمر الوطني الثامن للشبيبة الاتحادية. ويأتي في إطار الدينامية التي أطلقتها القيادة الحزبية بعد المؤتمر الوطني التاسع للحزب من أجل أن تتيح للشباب الاتحادي فرصة التواصل والنقاش الأخوي للمشاكل والقضايا المتعلقة بالطلبة داخل المدن الجامعية المغربية، والبحث عن الحلول ووضع خارطة طريق من اجل النضال لانتزاع الحقوق والمطالب للحركة الطلابية المغربية، وأوضح حسني أن الشبيبة الاتحادية كمنظمة شبيبية ذات تاريخ وتجربة سياسية عميقة ولها رموزها، أصبحت ملكا للشباب المغربي ككل، وتعتبر في نفس الوقت من ركائز حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ورأسماله الرمزي نظرا لأنها هي المشتل الحقيقي لنخبه السياسية ومستقبله وأمله في الاستمرارية والمقاومة والصمود في كل المعارك من أجل مشروعه المجتمعي، لذلك يقول حسني «نحن مدعوون كشباب اتحادي لمساءلة الذات والقيام بالنقد الذاتي، ولنجعل من المكاشفة البناءة والايجابية مصدرا لاسترجاع الثقة في ما بيننا كشباب اتحادي، لأننا مطالبون بأن نجعل منظمتنا منظمة قوية متماسكة وموحدة ولنتوجه نحو المستقبل». كما تناول الكلمة خلال هذه الجامعة الاتحادية التي تزامنت مع ذكرى الاحتفال بيوم الأرض، أشرف عبد الرب رئيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين فرع المغرب، الذي شكر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والشبيبة الاتحادية على توجيه الدعوة التي تؤكد وتدل على عمق العلاقة التي تجمع ما بين حزب الاتحاد وشبيبته من جهة، ومنظمة التحرير الفلسطينية ومختلف فصائل الثورة الفلسطينية والتاريخ المشترك في النضال في الساحتين الفلسطينية والمغربية لأجل فلسطين وشعبها، هذا الشعب الذي عاش ولا يزال غطرسة الاحتلال وممارساته الصهيونية. وأبرز أشرف أنه في مثل هذا اليوم الذي تنعقد فيه الجامعة الاتحادية 30 مارس ، يعيش الشعب الفلسطيني ذكرى الشرارة التي انطلقت من سخنين والجليل دفاعا عن الأرض وعن حق الشعب الفلسطيني في العيش على أرضه حرا وكريما، ليصير في ما بعد ما يعرف في ذاكرة الشعب الفلسطيني بيوم الأرض، مؤكدا في نفس الوقت على تمسك الفلسطينيين بثوابتهم وحقوقهم المشروعة في تقرير المصير، وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. كما عرفت هذه الجامعة الاتحادية في برنامجها تقديم بعض العروض لبعض الفعاليات المشتغلة بقطاع التعليم العالي. من جانبه دعا درويش محمد عضو المكتب السياسي للحزب والكاتب لعام السابق للنقابة الوطنية للتعليم العالي إلى تحمل الحكومة مسؤوليتها كاملة في النهوض بواقع الجامعة المغربية، وتحضير الدخول الجامعي المقبل الذي لم تتضح بعد ملامح الاستعدادات له، والذي يوحي عدد من المؤشرات أن يكون دخولا كارثيا، إن لم يتم تدارك ذلك بالتحضير الجدي القبلي. وشدد درويش في السياق ذاته أن المعالجة الأمنية الحالية لظاهرة العنف داخل فضاءات الجامعة، معالجة مرفوضة ولن تضع حدا نهائيا للعنف الذي أصبح يطال الطالب والموظف والأستاذ، ودعا بنفس المناسبة لنهج المعالجة البيداغوجية والتربوية والعمل على تهييئ جميع الشروط المواتية للعمليةالتعليمية بالجامعة من وسائل وتجهيزات وموارد بشرية، وتجنب الخطابات الرنانة والملتوية والتوجه نحو المشاكل الحقيقية التي تعيشها الجامعات من أجل إيجاد الحلول الناجعة والمناسبة. كما قدم المفكر محمد الدكالي والعضو الناشط سابقا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، عرضا حول «الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ضرورة آنية»، حيث دعا الدكالي إلى ضرورة إحياء هذا الإطار الطلابي الذي لعب أدوارا أساسية في تاريخ الحركة الطلابية إبان الستينات والسبعينات، باعتبار أن إخراجه من حالة الإغماء التي يوجد عليها سيكون لها الأثر الايجابي على مستقبل الحركة الطلابية بالبلاد والجامعة المغربية، وسيرجع لها وهجها الذي كانت عليه في السابق. وأوضح الدكالي أن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب فضاء تلتقي فيه كل الإرادات الحسنة بمختلف مشاربها وكل مكونات وفصائل الحركة الطلابية إلا من أقصى نفسه بقرار من نفسه، شريطة ألا يكون هؤلاء الطلبة مجتمعين من أجل نظرة ضيقة أو فئوية بل يجب أن يوضع أمام نصب العين مصلحة الطلبة والدفاع عن قضاياهم دون مزايدات أو صراعات مجانية وحروب صغيرة. فالمرحلة التي تمر منها الجامعة اليوم وواقع الحركة الطلابية يستدعي بشكل ضروري وآني، العمل على إحياء اتحاد طلبة المغرب والتهييء لعقد مؤتمرهم 18 وانتخاب هياكل، ولنترك الديمقراطية هي الحكم في إفراز هذه الهياكل ولنعمل وراء القيادة التي سيفرزها المؤتمر. كما قدم أيضا عبد المقصود الراشدي عضو المكتب السياسي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عرضا حول «المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والرهانات التحولات السياسية والاجتماعية بالمغرب»، استعرض خلاله التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب بفعل انتقال الحكم بطريقة سلسة، ثم الاصلاحات السياسية والدستورية التي عرفها المغرب ، بالاضافة الى تصفية صفحة الماضي وطيها بخلق هيئة الانصاف والمصالحة، الاشتغال الجدي والنضال من أجل البناء الديمقراطي، تطور البنيات والمؤسسات الجامعية. كما أن الشروط العلمية والفكرية الجديدة المتوفرة لطلبة اليوم والمتمثلة كذلك في التطورات التكنولوجية الجديدة، والأنترنيت. ودعا الراشدي الطلبة لأن يحرصوا على الصمود من أجل استكمال مشوارهم التعليمي، والانكباب على دراسة اللغات الأجنبية كوسائل للتواصل العالمي اليوم، لأن الجامعة هي الخزان الطبيعي للنخب السياسية والاقتصادية التي تمد المجتمع المغربي، مبرزا في ذات السياق أن الجامعة المغربية هي قاطرة التنمية في البلاد والتي تخلق التحولات على عدة مستويات في فكر ووعي ومعيش الشعوب.