تعيش مقرات الاتحادات المحلية على إيقاع اجتماعات استثنائية، بعدما قرر الفدراليون والكونفدراليون يوم السبت 16 مارس 2013، خوض مسيرة وطنية نهاية الشهر الجاري، استعدادا لإنجاح هذه المحطة الثانية التي تجمع هاتين المركزيتين لإثارة انتباه السلطات العمومية والرأي العام لما تتعرض له الحريات النقابية من هجوم ممنهج. وقد دعا عبد الرحيم الرماح، عضو المكتب المركزي والفريق الفيدرالي بمجلس المستشارين ,كاتب الاتحاد المحلي للفدرالية الديمقراطية للشغل بفاس بالمناسبة, الطبقة الشغيلة وفعاليات المجتمع المدني والحقوقي إلى المشاركة المكثفة في المسيرة المزمع تنظيمها من لدن الفدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل يوم 31 مارس 2013 بالرباط، مشيرا في تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي، أن الخطوة النقابية تأتي في ظل غياب الحوار والمفاوضة ثلاثية الأطراف على اعتبار أنه ومنذ مجيء الحكومة الحالية, لم تستثمر التراكمات التي تحققت خلال التوافقات السابقة، حيث سجل أن اللقاءات التي دارت معها كان لها طابع استشاري ولم ترق إلى المستوى التفاوضي، بحيث لم يتم احترام دوريات الحوار شكلا ومضموما والتي تنص على انعقاد جلسات المفاوضات مرتين في السنة (أبريل وشتنبر)، إلى جانب عدم تلبية مطالب الطبقة العاملة وغياب حلول لقضايا القطاعات والمؤسسات العمومية ( العدل، التعليم، البريد، الصحة، الجماعات المحلية، و....)، كما سجل عدم مراجعة شبكة الأجور والقانون الأساسي للوظيفة العمومية، وعدم الاهتمام بقضايا القطاع الخاص(احترام الحريات النقابية، تطبيق القانون، تعميم الحماية الاجتماعية والحد الأدنى للأجر، مع ملاءمة مستوى الأجور مع مستوى الأسعار). كما تحدث الرماح على السياسة الانتقامية والردعية التي تعتمدها الحكومة الحالية ضد الطبقة الشغيلة من خلال اللجوء إلى الاقتطاع من أجور المضربين، ضاربة عرض الحائط مبدأ التوافق، الذي تم اعتماده منذ فاتح غشت 1996 في كل القضايا الكبرى، على غرار مدونة الشغل وملف التغطية الصحية وما تحقق في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وجاء تنظيم هذه المسيرة في جو من الترقب والقلق الذي يعم الطبقة العاملة بسبب عدم تفعيل ما جاء في دستور فاتح يوليوز 2011، بخصوص الاتفاقيات الجماعية، إلى جانب عدم تنفيذ العديد من نقط اتفاق 26 ابريل 2011 ولم تتم ترجمتها على أرض الواقع بعد أزيد من سنة ونصف من إبرام هذا الاتفاق مع الحكومة السابقة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، مشيرا إلى عدة قضايا لا زالت عالقة إلى حد الآن، ولعل أبرزها المطالبة بإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي والمصادقة على الاتفاقية الدولية عدد 87 حول تفعيل الحريات النقابية، حيث اعتبر عبد الرحيم الرماح، أن معظم هذه المطالب المشروعة والقضايا المطروحة من طرف الطبقة الشغيلة قابلة للتحقيق لو توفرت الإرادة والعزيمة لدى الحكومة. وأشار عبد الرحيم الرماح أيضا في حديثه إلى الجريدة على هامش الاستعدادات لإنجاح مسيرة الرباط المرتقبة، إلى بعض الممارسات المتعارضة مع طبيعة المرحلة التي تستوجب الاهتمام بالأوضاع الاجتماعية للطبقة العاملة واحترام حقوق الإنسان واعتماد الديمقراطية، حيث يكن عدد من أرباب العمل العداء للعمل النقابي، ويسعون جاهدين بمختلف الوسائل إلى التضييق على الحريات النقابية ويتهربون من تطبيق قانون الشغل وقانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومنهم من يمس بالمكتسبات التي حققتها الطبقة العاملة بفضل نضالات مريرة خاضتها من أجل ذلك، وهو ما يؤدي إلى خلق بعض نزاعات الشغل التي لا مبرر لحدوثها، فمسيرة يوم الأحد 31 مارس ستواجه »الهجمة الشرسة على الحريات النقابية« وستقول »لا« دفاعا عن حقوق الطبقة العاملة، بل أيضا للدفاع عن المقاولات التي تحترم القانون والحد من هذه النزاعات المفتعلة لتوفير مناخ سليم، وهو ما يقوم به الاتحاد المحلي بفاس من خلال عدة مبادرات لدعم الاستثمار وتقويته. انتهاكات الحقوق والحريات النقابية حاجز حقيقي للسلم اجتماعي هذا، وبدوره، اعتبر بونو بوشتى، كاتب الاتحاد المحلي الكدش بفاس في حوار مع جريدة الاتحاد الاشتراكي، أن الاستمرار في فرض حصار على صوت النقابي ومنع الوقفات والمسيرات الاحتجاجية السلمية لعل أبرزها مسيرة يوم الأحد 24 فبراير 2013، احتجاجا على الأوضاع المزرية للطبقة العاملة، وعدم تلبية الملفات المطلبية، إلى جانب الإغلاقات اللاقانونية....، تعسف غير مقبول وحاجز حقيقي للسلم اجتماعي، مؤكدا، أن مسيرة الرباط محطة شجب وتنديد بكل انتهاك للحقوق والحريات النقابية والتضييق والقمع المسلط على ممارسة النشاط النقابي, سواء من طرف المشغل أو من طرف السلطات المحلية والأمنية، مشيرا إلى أن الكونفدراليون بفاس قرروا خلال مجلسهم المحلي المنعقد يوم 20 مارس الجاري إحداث لجنة موسعة تضم الكاتب والأمين عن كل قطاع من أجل حصر اللوائح وجمع المساهمات، حيث الترتيبات على قدم وساق لتعبئة المشاركات والمشاركين لإنجاح المسيرة المزمع تنظيمها يوم الأحد 31 مارس بالرباط. الإغلاقات اللاقانونية للمصانع والوحدات الإنتاجية يستنفر الطبقة العاملة ويرفع من نسبة مشاركتها في مسيرة الرباط الإغلاقات اللاقانونية في وجه المئات من العمال والعاملات، أدخلت مصنع «سايس خياطة» شهرها الرابع عقب إغلاقه في أفق تحويل نشاطه لمدينة ثانية، رغم عدة جلسات تدحرجت بين المندوبية والإقليمية للشغل ثم إلى اللجنة الوطنية، التي تنظر في الموضوع بعدما استعصى الأمر على اللجنة المحلية في إيجاد حلول لتداعيات أزمة إقفال، مما أدى إلى تحويل سلسلة من الاحتجاجات إلى اعتصام أمام هذه الوحدة الإنتاجية تنديدا بهذا الإغلاق اللاقانوني، وحماية لممتلكاتها من أي سرقة أو تهريب للآلات إلى وجهة أخرى، حيث تعرضت العاملات لهجوم من طرف أتباع المشغلة وقت منعهم إخراج المعدات ليلا ونقلها لمكان آخر، إذ تطورت المواجهة إلى دهس إحدى العاملات بسيارة صاحبة المصنع. وضع دفع بعائلات العاملات بالانخراط والمشاركة المكثفة في مسيرة يوم الأحد القادم للمطالبة برفع الحيف وإنصاف المعتصمات المتضررات جراء الهجوم الشرس والعنيف، وللمطالبة بفتح تحقيق نزيه يحمي العاملات من المساءلة، اللواتي أكدن عن الاستمرار ومواصلة اعتصامهن أمام المصنع، في أفق اتخاذ خطوات تصعيدية للحفاظ على حقوقهن المالية وعملهن. طرد تعسفي للمكاتب النقابية أجج الوضع انتفض الفيدراليون والكونفداليون ضد المضايقات المتتالية التي تستهدف النقابيين ولعل آخرها، حين أقدم صاحب شركة » جودة حديد « على طرد وبشكل تعسفي أعضاء المكتب النقابي للشركة، المنضوي تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، وذلك انتقاما منهم على تأسيس المكتب المذكور ولانخراطهم في العمل النقابي، واتهامهم بعرقلة حرية العمل طبقا للفصل 288 من القانون الجنائي وتحويل الملف إلى المحكمة، ليس إلا أنهم مارسوا حقهم الطبيعي في تأسيس إطار نقابي يحفظ لهم كرامتهم ويدافع عن حقوقهم المشروعة، غير مبال بالوضعية الاجتماعية لهؤلاء المطرودين الذين يعيلون أسرا أصبحت مهددة بفعل هذا القرار، الذي يعتبر خرقا لا يمكن السكوت عنه، وستكون مسيرة الرباط منبرا قصد تسليط الضوء على هذا الموضوع بشكل أدق، يؤكد كاتب الاتحاد المحلي للكونفدرالية. صندوق المقاصة والصندوق الوطني للتقاعد ضمن مطالب المسيرة تعتبر الطبقة المتوسطة قاطرة للصناعة في أي دولة، وبإضعاف قدرتها الشرائية سيؤثر بشكل ملموس في حجم الاستهلاك بصفة عامة، مما سيؤدي إلى انخفاض الاستثمار والتشغيل وتفجير مجموعة من المشاكل الاجتماعية، من هذا المنطلق يرى النقابيون أن المسيرة الوطنية مناسبة لطرح من جديد الحلول وحماية هذه الفئة الأكثر تضررا من تداعيات صندوق المقاصة الذي يجب أن يندرج إصلاحه في إطار كامل وشامل، وجامع للمنظومة الضريبية بصفة عامة، لأن هذا الصندوق تموله الضرائب، وبالتالي على الحكومة، قبل إصلاحه، أن تسعى إلى الرفع من التحصيلات الضريبية، وهذا عن طريق تغطية الاقتصاد غير المهيكل، وفرض الضرائب على بعض القطاعات التي تدخل في خانة الريع، والتي ما زالت معفية من الضريبة، إذ إنها يمكن أن تشكل مصادر مهمة لخزينة الدولة، وستمكن من مقاومة الضغط على صندوق المقاصة في ما يتعلق ببعض المواد الاستهلاكية الضرورية. كما علق بونو بوشتى على طريق تدبير الصندوق الوطني للتقاعد والذي تسعى الحكومة الحالية بدل من محاسبة من وراء إفلاسه، إلى العمل على حل الأزمة على حساب المأجورين من خلال الزيادة في الاشتراك والرفع من سن التقاعد من 60 سنة إلى 65 سنة، مع حرمان الأجير من آخر حوالة عند إحالته عن التقاعد. من أجل الحقوق والحريات كاملة هذا، وقد توحد الفيدراليون والكونفدراليون في توجيه الدعوة إلى المشاركة في المسيرة الوطنية الاحتجاجية السلمية يوم الأحد 31 مارس 2013، انطلاقا من ساحة باب الأحد بالرباط على الساعة العاشرة صباحا وذلك من أجل الحقوق والحريات كاملة، والتي تهم، حسب نص البيان الصادر عن المركزيتين النقابيتين، الحق في الشغل اللائق والمستقر، والتوظيف المستحق، والأجر والتعويض العادل والسكن المناسب، والعدالة الاجتماعية، والعيش الكريم، والاحتجاج ضد البطالة والتهميش والحكرة، الحق في التعبير والاحتجاج والتظاهر والإضراب، وحرية ممارسة العمل النقابي والسياسي والجمعوي، والاحتجاج على الاقتطاع من أجور المضربين وعلى تطبيق الفصل 288 من القانون الجنائي ضد العمال بدعوى حماية حرية العمل، والاحتجاج على التهرب من التفاوض على المطالب وعقد الاتفاقيات وتنفيذ الالتزامات، ومن تسوية النزاعات والترقيات ومطالب الفئات، والاحتجاج ضد الشطط، والمحاكمات والمتابعات، والطرد والتسريح، وعدم تنفيذ الأحكام القضائية لفائدة العمال، وإغلاق المؤسسات وهدر مناصب الشغل، وامتهان الكرامة والتضييق، والتحرش، والميز والفساد، وتزوير التمثيلية والانتخابات...الحق للمرأة في المناصفة والإنصاف، الحق في تحسين ظروف العمل والرفع من القدرة الشرائية، وتطبيق السلم المتحرك للأسعار والأجور، ومراجعة القوانين الأساسية، وكل التشريعات الاجتماعية، وشبكة الأجور، والنظام الضريبي، والتقاعد اللائق والاحتجاج على الغلاء، وعزم الدولة التخلي عن دعم المواد الأساسية وتحرير أسعارها، والرفع من أثمان المحروقات والتبغ وغيرها....