قال د محمد بن عبد الرحمان البشر سفير المملكة العربية السعودية بالمغرب أن ما تمنحه المملكة العربية السعودية من مساعدات للملكة المغربية هو واجب أخوي يجسد العلاقات المتميزة بين البلدين. وأضاف السفير في حوار أجريناه معه بمقر مكتبه في السفارة بالرباط، أن دفع 400 مليون دولار هبة من إجمالي مبلغ قدره 1250 مليون دولار كله هبة ، تم التوقيع بشأنه على إقامة مشاريع، أربعة منها تندرج ضمن القطاعات التنموية الإستراتيجية في المغرب، كما أن هناك ما يتعلق بالتنمية البشرية وقطاع الفلاحة والأسكان والطرق ، وهي مشاريع تدخل في البنى التحتية، للدفع بالاقتصاد المغربي الى الأمام وتجسيد عملي للعلاقات بين البلدين. وفي جانب الأختلاف الفكري والثقافي بين البلدين قال سفير السعودية بالمغرب إن الفهم الخاطئ عند البعض، على أساس أن هناك تباينا في الفكر السياسي الداخلي بين المملكة العربية السعودية وبين المملكة المغربية ، يحتاج إلى إعادة نظر لأن المملكة العربية السعودية لها نظامها الخاص الذي يستمد كل تشريعاته من الدين الإسلامي الحنيف وتشريعاته .وأضاف أن المغرب أيضا دولة إسلامية وملتزمة بالإسلام، ولكن هناك تباين في الطريقة التي يتم بها تجسيد ذلك المفهوم، و إذا كان في المغرب أحزاب تنقل أراء الشعب، فإن في للمملكة العربية السعودية أبواب مفتوحة، من خلالها يستطيع أي فرد أو جماعة أن تدلي بدلوها وتوصل صوتها الى مراكز القرار، كما أن مجلس الشورى السعودي، تشكل فيه المرأة 25 في المائة، واعتقد السفير أن عدد النساء في مجلس الشورى السعودي أكثر من عدد النساء في البرلمان المغربي المنتخب، وأن هذا الأمر لا يفهمه البعض في المغرب الشقيق. وأشار إلى أن المرأة السعودية تتمتع بحقوقها كاملة في المشاركة في العمل، وأيضا بالنسبة لعملها الاقتصادي فهي حرة في إقامة مؤسسات اقتصادية خاصة بها، كما هي حرة في أن تعمل في قطاعات أخرى في التعليم والصحة وقطاعات أخرى في حدود الشريعة الإسلامية. وأقر الدكتور محمد إبن عبد الرحمان البشر أن التباين بين الساحتين السعودية والمغربية حاصل في المفهوم وليس في الواقع ودعا الى ضرورة تصحيح الرؤى مؤكدا أن القصور في التقارب يتحمله الجانبين في البلدين الشقيقين . السيد السفير مرحبا بكم في حوار لجريدة الإتحاد الاشتراكي ، نريد أن نبدأه بالسؤال حول تصوركم للعلاقات المغربية السعودية التي تنبني على الروابط التاريخية بين البلدين. وهل ينعكس على مستوى الإقتصادي، حيت يرى العديد من الفاعلين في المجال أن العلاقات الاقتصادية ومستوى الإستثمارات لا يرقيان الى مستوى العلاقات السياسية والروابط الأخرى التي تجمع البلدين الشقيقين، فما هي العوائق الكامنة وراء ذلك وكيف سيتم تدبير الأمر مستقبلا؟ أشكر جريدة الإتحاد الاشتراكي على إتاحة فرصة هذا اللقاء ، الذي أريد أن أذكر من خلاله بأن العلاقات السعودية المغربية هي علاقات استثنائية ، لأن ما يربط البلدين من أواصر المحبة يفوق ما يؤطر في النطاق الدبلوماسي ، هذه العلاقات بنيت على أسس ثابتة مبنية على التعاون فيما ينفع البلاد العربية بصفة عامة وفيما يحقق التعاون بين الدول الإسلامية وكذلك المساعدة في نشر السلم العالمي ، ومن هذا المنطلق أريد أن أشير أن كلا الدولتين السعودية والمغرب تحرصا بشكل كبير على أن يسود السلام في العالم كما تعملا على محاربة الإرهاب. ومما لا ريب فيه أن هذه العلاقات تمتد جذورها عبر التاريخ، منذ قيام ذلك التوافق التي تم بين الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبد الوهاب، وفي السعودية الأولى، تم بعد ذلك السعودية الثانية، تم السعودية الثالثة التي جسدها المغفور له جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمان رحمه الله، واستمرت هذه العلاقة في أحسن صورة حتى الآن، في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين طيب قبل أن نمر الى تفاصيل أخرى حول العلاقات الاقتصادية ومستوى تدبيرها عبر اتفاقيات، خاصة المترتبة عن انعقاد اللجان العليا المشتركة بين البلدين ، نطرح معكم السؤال الفكري والثقافي، حيت نجد أن هناك مسافة فكرية وثقافية بين المغرب والسعودية ، وفي الوقت الذي يوصف فيه المشروع الفكري في المغرب بالمنفتح يوصف فيه الفكر السعودي بالمنغلق. وذهبت مختلف التحليلات أن المنظومة الفكرية السعودية لا يمكن أن تتماشى مع المنظومة المغربية التواقة الى بناء مشروعها الديمقراطي الحداثي. هذا الفهم صاحبه نوع من اللا تواصل، نريد من السيد السفير أن يضعنا في واقع المنظومة السعودية وكيف تدبر الأمور في إطار هذا الاختلاف الفكري والثقافي الذي نعتبره جوهريا رغم أن المياه الكثيرة التي تجري تحت الجسر في الجانب الرسمي، والغياب الواضح في الطرف المدني والحزبي في العلاقة بين البلدين؟ أريد أن أقول أولا أن العلاقات السعودية المغربية اليوم تشهد استثناء في ظل قيادة خادم الحرمين الشرفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وأخيه جلالة الملك محمد السادس نصره الله. والواقع أن الملكين الكريمين قد رفعا درجة كبيرة في مستوى العلاقات . إن الفهم الخاطئ عند البعض، على أساس أن هناك تباينا في الفكر السياسي الداخلي بين المملكة العربية السعودية وبين المملكة المغربية، يحتاج إلى إعادة نظر لأن المملكة العربية السعودية لها نظامها الخاص الذي يتجسد أولا في أنها تستمد كل شعائرها وتشريعاتها من الإسلام ومن الإسلام الحنيف والمغرب أيضا دولة إسلامية وملتزمة بالإسلام، ولكن هناك تباين في الطريقة التي يتم بها تجسيد ذلك المفهوم، ولهذا فإذا كان في المغرب أحزاب تنقل أراء الشعب، فإن في المملكة العربية السعودية أبواب مفتوحة، من خلالها يستطيع أي فرد أو جماعة أن تدلي بدلوها وتوصل صوتها الى مراكز القرار، إضافة الى مجلس الشورى السعودي، الذي تشكل فيه المرأة 25 في المائة، وأعتقد أن عدد النساء في مجلس الشورى السعودي أكثر من عدد النساء في البرلمان المغربي المنتخب. ولهذا أشير أن المرأة السعودية تتمتع بحقوقها كاملة في المشاركة في العمل التشريعي ، وأيضا بالنسبة لعملها الاقتصادي، فهي حرة في إقامة مؤسسات اقتصادية خاصة بها ، كما هي حرة في أن تعمل في قطاعات أخرى في التعليم والصحة وجوانب خدماتية وقطاعية هامة في حدود الشريعة الإسلامية . إن هذا التباين بين الساحتين السعودية والمغربية حاصل في المفهوم وليس في الواقع و يجب أن نصحح هذا ،الأمر وربما هذا قصور منا أيضا. وأكرر أن المملكة العربية السعودية لها نهجها ومفهومها في الإستماع إلى صوت الشعب يختلف عما هو موجود في المغرب، وكلا البلدين لهما طريقتهما في الإنصات الى نبض الشارع، ومحاولة تحقيق أمانيه. إذا سمحتم السيد السفير وأنت تتحدث عن الإنصات الى الشعوب، أريد أن أعرج بك الى المحيط الإقليمي والجهوي والدولي للملكة العربية السعودية، وهو محيط لا تحسد عليه في واقع الأمر. كما هو محيط يحتاج بالفعل الى الكثير من الدقة في التناول والكثير من الترقب. و من هذا المنطلق نريد أن نعرف موقف السعودية من هذا الحراك أولا ومن التطورات التي ذهب اليها داخل المنطقة ككل؟ أولا المملكة العربية السعودية كما تعلمون داعية سلام، وهذا من أسس سياستها، ثانيا أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، علما أن عملها في الجوار هو فعل خير فقط، ولا تتجاوز فيه هذه الحدود الإنسانية التي تدخل ضمن رؤية المملكة العربية السعودية لمفهوم العروبة والإسلام ومفهوم العمل الانساني بصفة عامة. وكما تعلمون فإن مساعدات المملكة المالية وغير المالية للشعوب كثيرة ومشهودة ومعلومة في أكثر من منطقة عربية وإسلامية ودولية. وأعتقد أن الكل يشهد بذلك. أما بخصوص الوضع السياسي المحيط بالمنطقة، فهو وضع شائك وحساس يتطلب حكمة، وأجزم في هذا المنحى أن المملكة العربية السعودية تتعامل مع الأحداث بحكمة بالغة وبروية، وبما يخدم الشعوب والسلام ، ولهذا فهي تتخذ خطوات محسوبة لتجنب المشاكل والعمل على تصحيح بعض الأخطاء التي قد تحدث من بعض الدول المحيطة. والمملكة العربية السعودية في مواقفها تسعى دائما الى الخير وتجنب الصراعات. إذا سمحتم السيد السفير وأنتم تتحدثون عن مواقف بلادكم إزاء الوضع الإقليمي والجهوي في المنطقة والذي وصفتموه بالشائك تذهب بعض التحليلات أن للسعودية إكراهات داخلية نابعة من تشدد اجتماعي أو تطرف كما هو الشأن في باقي دول المنطقة وفي منطقتنا المغاربية كذلك، وأشير هنا الى دعم الإسلاميين من بوابات ليس بالضرورة أن تكون بوابة الدولة الرسمية التي قلتم أنها تتعامل بحكمة مع الوضع، لكنه وضع بالفعل يدعو الى القلق؟ أريد ان أقول ودون مبالغة أن التفاهم الحاصل بين القيادة وبين الشعب هو تفاهم تام، علما أن هناك نسبة من الأفراد ربما خرجت عن هذا التفاهم. وفي كل دول العالم لا بد أن تكون هناك أصوات لها رؤية مختلفة ولكن في الغالب هناك شيء من التوافق في الاتجاه والمفهوم بين قيادة المملكة العربية السعودية وبين الشعب. وأطمئنكم في هذا الجانب أن ليس هناك تباين في المواقف، أو دفع من الشعب لأن تتبنى الحكومة مواقف معينة، وفي اعتقادي أن القيادة في المملكة العربية السعودية تمثل رأي الشعب، ورأي الحكومة هو هو الى حد كبير متطابق مع المفهوم السائد، وهي في الواقع مرآة لمفهوم الشعب، ولهذا فلا أجد هناك دفعا داخليا نحو ان تتخذ الحكومة اتجاهات دون رؤيتها السياسية لتلك الاتجاهات . كما أن هناك مفهوما عاما تسيير عليه الحكومة ويتفهمه الشعب. في هذا الإطار تبين من خلال إطلاعنا على التطورات التي شهدتها المملكة السعودية، انفتاح هذه الأخيرة على بعض الوجوه الحداثية، والتي طبعت حضورها بالمعرض الدولي للكتاب بالرياض. هل هذا يعني أن المملكة تبحث عن آليات للانفتاح على من أشرتم أنهم يدخلون في القلة المختلفة . وأسألك السيد السفير هل الأمر يتعلق بإستراتيجية الانفتاح الجديدة على الرموز الفكرية والثقافية الحداثية وعلى آليات المجتمع المدني المنخرطة في هذا المنحى ، وهل مرجعية ذلك دولية حقوقية أم هي آلية منخرطة في الخصوصية التي يدافع عنها بلدكم بشكل رسمي؟ أولا التطور اليوم قائم في كل مكان ، ومن ضمنه التطور في الساحة الفكرية، والمملكة العربية السعودية تطورت كثيرا ولكن بمنهجية تتوافق مع احترامها لأسسها الفكرية وثوابتها وقاعدتها الأساسية الممثلة في الدين الإسلامي الذي منه ينبثق كل شيء في المملكة العربية السعودية، وطالما أن الأمر لا يخالف هذه الثوابت المجسدة في الشريعة الإسلامية، فإن المملكة تنفتح وتتطور فكريا كما يتطور العالم وبخطوات محسوبة وموزونة، وأعتقد أن هناك تلاقح بين الحكومة والشعب في هذا المضمار. ولهذا فإننا نجد أن هناك انفتاحا أكثر على بعض المفاهيم الثقافية وهذا شيء طبيعي لأي تطور في أي بلد في العالم. أعود بك السيد السفير الى منطلق حوارنا الممثل في العلاقات المغربية السعودية والذي كنا نتمنى أن يكون فيه مد تصاعدي نحو التنمية في خلق مجالات استثمارية كبرى في قطاعات إستراتيجية تعكس فيها السعودية رؤية حداثية لمفهوم التضامن بآليات مؤسساتية مغايرة. علما أننا نجد فتورا في العلاقات الاقتصادية لا يوازيه فتور سياسي. نريد أن نعرف الأسباب الكامنة وراء ذلك، هل البعد الجغرافي؟ هل الأمر يتعلق بقوانيننا في مجال الإستتثمار؟ ما هي الأجندة الخفية التي تتوجه الى الهبة عوض الإستتثمار المؤسساتي الذي تحكمه قوانين ومساطر؟ نعترف أن حجم الإستثمارت السعودية في المغرب هو أقل مما يجب أن يكون . وفي هذا الجانب أريد أن أشير الى أن المستثمر السعودي يبحث عن الربح شأنه شأن أي مستثمر آخر وأيضا يبحث عن قواعد للاستثمار واضحة وميسرة وكذلك عن نظام قانوني وقضاء منصف. إن المغرب الحديث فيه كل هذه الجوانب التي يحتاجها المستثمر السعودي، ولكن ما ينقص الطرفين هو التعرف على هذه الجوانب وسلك المسالك القانونية حتى يكون الاستثمار ذا مردودية جيدة على المستثمر، وكذلك منح المواطن المغربي فرص للعمل وإضافة نوعية للاقتصاد الوطني المغربي . وأعتقد أننا نحتاج في هذا الإطار كسفارة الى مزيد من الجهد حتى نوضح ذلك للمستثمر السعودي. وبهذه المناسبة أود إخباركم أن اللجنة السعودية المغربية المشتركة ستعقد في المملكة العربية السعودية في بداية شهر أبريل وسيحضرها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ، ومعالي الأستاذ سعد الدين العثماني وزير الخارجية المغربي وجمع من رجال الأعمال السعوديين والمغاربة وأيضا من المسؤولين في كلا البلدين. وقد اتفق الجانبان على أن يكون هناك ندوة للاستثمار قبل اجتماع اللجنة لأن كلا الدولتين أصبح لديهما حاجة الى التعريف بالاستثمار ومن هذا المنطلق جاءت فكرة طرح الندوة. والحمد لله المغرب بلد آمن وقريب من أوروبا وله موقع مميز ، والاستهلاك في داخله جيد ، ولهذا فإن المستثمر السعودي عندما يأتي الى المغرب ليستثمر أمواله فإنه لا شك سيحصل على مردود منافس مع الدول الأخرى . أما بخصوص العوائق التي يواجهها المستثمر السعودي في المغرب فيمكن التغلب عليها من خلال التفاهم بين الدولتين. أريد أن أسألك السيد السفير عن الدفعة الأولى من الهبة التي منحتها السعودية للمغرب والبالغ قيمتها مليار و250 مليون دولار أمريكي، من مجموع 400 مليون دولار أمريكي. أين يمكن وضعها وما هي الخانة المالية والتعاقدية بين البلدين التي يمكن إدراج هذه الهبة فيها، ضمن القوانين المسطرة في التعاملات المالية بين البلدين؟ كما تعلمون? ولله الحمد- العلاقات مميزة بين البلدين الشقيقين، ولهذا فما تمنحه المملكة العربية السعودية من مساعدات للمغرب الشقيق هو واجب أخوي يجسد هذه العلاقة المشار إليها . وماتم من دفع 400 مليون دولار هبة من إجمالي مبلغ قدره 1250 مليون دولار كلها هبة، تم التوقيع بشأنها على إقامة مشاريع. وهناك أربعة منها تندرج ضمن القطاعات التنموية الإستراتيجية في المغرب، وهناك ما يتعلق بالتنمية البشرية وما يتعلق بالفلاحة وما يتعلق بالإسكان والطرق، وهي مشاريع تدخل في البنى التحتية والدفع بالاقتصاد المغربي الى الأمام وتجسيد عملي للعلاقات بين البلدين.