اسطيحة .. قرية جميلة ذات 11 ألف نسمة ، هادئة ورائعة ، منحها الله البحر والجبل وأودعها طبيعة خلابة ، لكن هبة الله هذه منكوبة في سلطاتها ومنتخبيها ، إذ رغم سخاء الطبيعة وجودها ، لم تستثمر عقول أبنائها هذه الهبات الإلاهية إلى الأفضل ، بل لم تستطع الجماعات الانتخابية المتوالية تحقيق التنمية المنشودة بسبب تدخل عوامل واختيارات لا شعبية وسيادة منطق الانتهازية والوصولية والرغبة في ركوب المصلحة الذاتية قبل المصلحة العامة، ما نتج عنه تكون مركب مصالحي أضر بالمسار التنموي للقرية المفروض أن تكون سياحية وتستقطب رؤوس الأموال من كل الجهات . فعاليات المجتمع المدني تدق ناقوس الخطر العديد من الجمعيات وشرائح مختلفة من النسيج المدني، دقت ناقوس الخطر حيال الأوضاع المتردية التي تعيشها جماعة اسطيحات التابعة لإقليم شفشاون، وقال رئيس جمعية أمل سطيحات خلال وقفة احتجاجية « نحن كمواطنين من حقنا أن نغضب ونتساءل حول الآفاق المسدودة لقريتنا » ، مضيفا أن مقتضيات الدستور الجديد تتيح لنا أن نشارك في تدبير قريتنا ، وهو ما نسعى إليه بحضارة وتمدن ، رغم المعاناة والحصار المفروض على طاقاتها الكامنة ، مضيفا في نبرة أسى وأسف « نعاني من تردي كافة الخدمات بقريتنا الهادئة ، كثرة الأزبال ، انعدام المشاريع التنموية ، ضعف البنية التحتية من طرق ومرافق إلى غير ذلك من المآسي المجتمعية التي ليست قدرا، بل هي سياسة واختيار لا أفق مجتمعي له». اسطيحات ضائعة وبدون مستقبل تنموي حقيقي غائبة أو مغيبة من تردي الخدمات وضعف البنية التحتية وانحسار الأفق التنموي ، لدرجة يحلم أبناؤها بزيارة ملكية من شأنها كشف المستور وإماطة اللثام عن مختلف الاختلالات والتواطؤات . أصوات الغيورين بحت وهي تنعي واقع قريتها البئيس متسائلة أين هي الجماعة ؟ أين وعود المنتخبين ؟ في كل مناسبة وبدونها يطالب أبناء اسطيحة بالنهوض بالقرية ، «التي لا يمكن أن يحس ببؤسها سوى نحن الذين نتنفس هواءها ونعيش بين أحضانها ، يقول أحد الشباب العاطلين ، كلنا مسؤولون ، علينا واجب المشاركة في التدبير المحلي . الشاب العاطل لم يتوان في تحميل رئيس الجماعة جزءا من المسؤولية ، بل المسؤولية كلها ، بنفس القدر الذي يظهره للمواطن الذي لا يتردد أمام أي إغراء مادي أمام الاستحقاقات ليتحول الى بضاعة منتهية الصلاحية شهور فقط بعد مرور كل استحقاق . ونبه إلى ضرورة أن يحكم المواطن الشاوني ضميره حتى يتمكن بديمقراطية وحرية بعيدا عن كل إغراء، من اختيار المرشح المناسب للمكان المناسب. امكانيات سياحية في حاجة إلى الاستغلال المعقلن رغم توافد بعض السياح الأجانب على منطقة اسطيحات تحدوهم مآرب شتى، فإن الزائر لهذه القرية لا يكاد يعثر على أثر ذي نكهة خاصة ، كل ما هناك يرفل من تاريخ المنطقة وتراثها ، حتى البحر ، كما لو كان قرارا خاطئا ، فعادة أهل المكان لا تختلف كثيرا عن طبيعة ابن البلد الأصيل الموغل في بداوته ، أما ما بقي من حداثة ، فله الصيف كل الصيف ، حيث تغطي الشقق المفروشة وإيرادات سطوح المنازل وأكرية أسر ترحل مرحليا حتى يتسنى لها الاستثمار لتغطية تكاليف نصف سنة بلا رواج و بلا أفق . هي أيضا اسطيحة التي تستقطب شخصيات من عيار ثقيل ، كما تقطن بها شخصيات وازنة من الدولة بعد أن تملكت فيلات فاخرة ومساحات شاسعة ، وزراء سابقون، رتب عالية من الجيش خاصة الدرك الملكي ، رجالات الداخلية ، سفير سابق وبرلمانيون، قاسمهم المشترك التنعم بالهدوء والتماهي مع الطبيعة الخلابة التي تغمر جلال المكان . الكل هنا يتذكر بمرارة غشت 2012 ، لقد كان هذا الشهر القائظ عنوان ارتباك و ارتجال كبيرين ، حيث تركزت جهود السلطة المحلية بجماعة اسطيحة على إتلاف حقول القنب الهندي المزروعة « في غفلة مخدومة » على جانب الطريق الذي كان سيمر منه الموكب الملكي ، الكل سجل بأسى كبير تحركات السلطة في الدقيقة الأخيرة بعد أن غضت الطرف لسنوات منذ أن وصل خلسة عبير هذه النبتة السحرية المنتجة للحشيش. قال صديقي عن قافلة سياحية إنهم يأتون كل سنة إما لاقتسام أوراق المتعة أو بهدف إنجاز بعد الدراسات والأبحاث ذات الطابع الاجتماعي الاستكشافي بالأساس ، لكن النبتة السحرية تظل مبتغى إلى حين الإدانة لا تستوي أية رغبة دونها . مصطلحات تتداول على نطاق واسع بالمنطقة بحكم التبعية الاستعمارية للشمال، فالكاتيرا بل الطريق استوطنت القاموس اللغوي لساكنة السطيحات التي تعيش ربيع 2013 الهزيع الأخير من ليلها الساكن المثقل بالانتظارات لتلج مع حلول ماي القادم منطقة الصخب والضجيج الممزوج بالحركية والإنتاج . الشقة المفروشة يمكن أن تصل إلى 10 آلاف درهم شهريا مع حلول غشت ، وربما قبله بقليل ، يقول أحد العالمين بخبايا العقار. أصوات صحفية كثيرة علت بهذه الجماعة التي تدعى اسطيحة بإقليم شفشاون بهدف فضح الاختلالات المالية ارتباطا بتدبير الشأن الاقتصادي للمنطقة ، لكن المتحكمين في دواليب الأمور يقمعونها بشكل أو بآخر، يضيف محدثي ، لكن أبرز تلك المفاجآت حسبما ورد في إحدى المقالات «تمثلت في الهجمة القمعية المنظمة ضد الصحافة من طرف رئيس المجلس ونائبيه الأول والثالث وممثل السلطة، ابتدأت بإثارة الشغب والتهجم على الصحافة ثم تطورت إلى طرد مراسل صحفي بالقوة بعد استصدار قرار باطل، يضيف ذات المصدر، لتحويل الجلسة إلى سرية، وانتهت بالافتراء على الصحافة والتحريض على محاربتها»! إن مجلس هذه الجماعة الذي انعقد في دورة فبراير للتداول في جدول أعمال يتضمن أربع نقط أهمها دراسة الحساب الإداري لسنة 2012، يضيف مرافقي ، وهو برنامج أثار حوله أعضاء المعارضة الكثير من الانتقادات، منها ما هو عام تعلق أساسا برفض الرئيس التأشير على مداخيل ومصاريف الميزانية، وتغيير أرقام بعض فصول هذه الميزانية بعد الحسم فيها من طرف اللجنة المعنية بالمجلس، والامتناع عن تقديم الفواتير لتبرير عمليات الإنفاق، ومنح الأعضاء وثائق غير رسمية وغير كافية لمناقشة هذه النقطة.كل هذه التحفظات تم تداولها والتطرق الى تفاصيلها التي لا يحجبها غربال الشمس لنترك مؤقتا الانتقادات ذات الطابع لخاص التي ارتكزت على كشف بعض الاختلالات التي شابت عملية الإنفاق منها: وجود مصاريف وهمية لم تتحقق في الواقع كليا أو جزئيا ( تكلفة الدراسات التقنية، شراء عتاد التزيين، الصيانة والمحافظة على البنايات الإدارية، شراء الصباغة والجير...) إنفاق مصاريف في غير المصلحة العامة واستغلالها لأغراض شخصية ( شراء الوقود وقطع الغيار، صيانة وإصلاح السيارات، مصاريف الإقامة والإطعام...). لنلج باب الميزانية خاصة على مستوى المداخيل، فقد لاحظت المصادر : إدراج فصول خيالية لا تعني الجماعة ( منتوج بيع الحيوانات والمحجوزات، منتوج المخيمات واستغلال الشواطئ، منتوج بيع أثاث مستغنى عنه...)، وضعف مداخيل بعض الفصول ( رسم البناء، منتوج كراء بنايات السكنى، منتوج كراء محلات التجارة... ). وقد تخللت وقائع هذه الدورة عدة مفاجآت منها: إقحام موظفي الجماعة في النقاش ومطالبتهم بالإجابة عن الأسئلة المطروحة بدلا عن الرئيس، وإكثار ممثل السلطة من التدخل في مجريات النقاش لدعم الرئيس وتبرير خروقاته وكبح انتقادات المعارضة، وإقدام الرئيس على نهر أحد الفاعلين الجمعويين وتحقيره بقوله: « امشي آ الحمار» على مسمع ومرأى الجميع، وفق ما نشر بموقع إلكتروني ! اسطيحة قرية البحر يعرف سكان جماعة اسطيحة الذين يبلغ عددهم حسب إحصاء 2004 ، 10637 نسمة، المنتمون إلى قبيلة بني زيات باسم «غمارة»،استوطنوا هذه المنطقة منذ قرون. وقد نزحت إلى هذه المنطقة منذ قرون أفواج من العرب الفاتحين، وبعدهم عرب الأندلس والريف والمغرب الشرقي، الذين استوطنوا وأثروا عليها وعلى لهجتها تأثيرا أدى إلى اندثار اللهجة المحلية، خصوصا إذا علمنا أن معظم الدواوير التابعة للجماعة ما زالت مسماة باللهجة الأمازيغية (بونتار، أغيل أسنوس، أسول...) كما تم إحداث قرية اسطيحة في أواخر الستينات، حيث تم بناء حي»البام» مجانيا من طرف الدولة لتشجيع الساكنة المجاورة على إعمار هذه القرية، ثم في أوائل السبعينات تم بناء وحدات إدارية (دائرة بواحمد، الفلاحة ثم مصلحة التجهيز، مصلحة المياه والغابات،مصلحة تربية المواشي،المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، روضين، إعدادية، ثانوية، ...) . كما أصبحت القرية تتوفر على مستشفى طاقته الإستيعابية 25 سريرا ، ويتوفر على قاعة للولادة مجهزة، وجهاز الفحص بالأشعة، ومستودع للأموات، وسيارة للإسعاف، بالإضافة إلى تواجد صيدلية بها. وتقع هذه القرية في الناحية الشمالية الغربية لإقليم شفشاون التابعة إداريا لها،على بعد 76 كلم، وعن مدينة تطوان بحوالي 70 كلم وتحدها شرقا جماعة بني بوزرة، وغربا جماعة تزكان، وجنوبا جماعتي بني سلمان وتاسيفت وشمالا البحر الأبيض المتوسط كما تبلغ مساحتها 110كلم2 . وتتميز الجماعة بمناخ قاري صيفا، وبارد شتاء ، حيث يتراوح معدل الأمطار:مابين 25ملم (الحد الأدنى)، و120ملم (الحد الأقصى)، ومواردها المائية تتشكل من آبار وعيون وأودية. تضاريس جبلية وإمكانيات فلاحية واعدة تتميز اسطيحة بتضاريس يغلب عليها الطابع الجبلي لانتمائها إلى سلسلة جبال الريف، حيث تمثل الجبال 55 في المئة، والهضاب30 في المئة والسهول 15 في المئة من مجموع مساحتها، أما أنواع التربة السائدة فهي « الترس والفريش «. الأنشطة الاقتصادية: تشكل الفلاحة بجانب الصيد البحري وتربية المواشي والغابات بجماعة اسطيحة، المورد الأساسي لمعيشة السكان، إذ تشغل حوالي 25 في المئة من الساكنة النشيطة إلا أن مردوديتها تبقى جد محدودة بحيث لاتتعدى النطاق المعيشي، وذلك للعوامل التالية: صعوبة التضاريس، تجزئة الأراضي الصالحة للزراعة، قلة الأراضي الخصبة، نوعية التربة الهشة التي تتعرض باستمرار لعامل الانجراف. وتعتبر الحبوب( القمح الصلب، الشعير، القمح الطري، الجلبان، والفول الطري) من أهم المنتوجات الفلاحية بالإضافة إلى الأشجار المثمرة. وتأتي تربية المواشي في الدرجة الثانية من اهتمام ساكنة الجماعة. إضافة إلى الفلاحة وتربية الماشية، يعمل سكان جماعة اسطيحة على تربية الدواجن (الدجاج، الأرنب) بكمية صغيرة خاصة للإستهلاك المعيشي، إضافة إلى تربية بعض خلايا النحل. أما بخصوص المجال الغابوي فتغطي الغابة حوالي 65 في المائة من مجموع مساحة الجماعة والمشار إليها أعلاه، وتشتمل على أشجار الصنوبر والعرعاروالاكلبتوس ويعيش بها أصناف من الحيوانات البرية منها ( الحجل، الأرنب، الخنزير...) ويعد النشاط التجاري المجال الممارس من طرف ساكنة هذه الجماعة بعد النشاط الفلاحي، خصوصا في المراكز الآهلة بالسكان، وكذا في المنطقة الشاطئية والسوق الأسبوعي التابع لها. وتتميز قرية اسطيحة بشاطئ بحري طوله حوالي: 4.5 كلم، يتوفر على ثروة سمكية مهمة، الشيء الذي يجعل ساكنتها تتعاطى للصيد البحري وتنشط بشاطئ اسطيحة: 09 مراكب للصيد البحري التقليدي. كما تتميز الصناعة التقليدية المحلية بتنوعها واعتمادها على الطاقات الشابة التي تتوارث هذه الحرف عبر الأجيال، موزعين على الحرف التالية: (النجارة، الحدادة، الحلاقة، الخرازة، الطرز الأصيل، الأفرنة، معاصر الزيتون التقليدية...). كما تتميز اسطيحة بمؤهلاتها السياحية الهامة، وذلك لما حباها الله من مناظر طبيعية ( شاطئ، غابات، أودية، مآثر تاريخية...) لكنها تبقى للأسف غير مستغلة. كما تتوفر هذه القرية على : فندق واحد ومخيم مؤقت خلال فصل الصيف، إضافة إلى مأوى بدوار تروكان، إضافة للدور المفروشة. وتجدر الإشارة إلى أن ساكنة القرية تعرف رواجا اقتصاديا مهما خلال موسم الصيف، وذلك بفضل توافد عدد لابأس به من المصطافين عليها. وتخترق هذه الجماعة الطريق الساحلي طنجة السعيدية الذي تم تدشينه من طرف جلالة الملك في الصيف الماضي، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس إيجابا على الساكنة ويفك عزلتها التي دامت لسنين، وذلك من خلال تنمية وتأهيل مناطقهم، وجلب السياح للتعرف على مؤهلات المنطقة سواء منها البحرية أو الجبلية... غياب الأنشطة الثقافية والرياضية تتوفر اسطيحة على طاقات شابة وواعدة يجب أن تتوفر لها الظروف الملائمة لصقل مواهبها، كما تم إحداث مؤخرا فضاء للترفيه من شأنه أن يساهم في تلبية رغبات وحاجيات الأطفال في مختلف الأنشطة منها (ملعب رياضي لكرة القدم المصغرة، كرة السلة....). كما ينظم بها موسم للولي الصالح سيدي أحمد البوزيدي والذي يعرف حضور ساكنة المنطقة وخارجها. تبقى جماعة اسطيحة رغم مؤهلاتها السياحية المهمة والمغرية بالزيارة ، إلا أنها تفتقد لإقلاع تنموي حقيقي وتعاني من مشاكل بالجملة ، منها غياب الإنارة العمومية وكذا سوء المسالك داخل المركز ، التي يغلب عليها الحفر التي تتحول إلى برك مائية لا تصلح إلا للسباحة حتى أنها تعرقل حركة السيارات، أما الراجلون فحدث ولا حرج حتى أنه يصل إلى درجة الحاجة إلى مركب إذا أردت أن تقطع الشارع من جهة إلى أخرى، أما في فصل الصيف فالغبار يعمي الأعين. كما تعرف غياب مطاعم توفر خدمات في المستوى خصوصا في الصيف حيث تتحول إلى قبلة للسياح من داخل المغرب وخارجه وتصبح الزحمة والحركة لا تنتهي بالقرية ليلا ونهارا، وذلك راجع بالأساس إلى شاطئها الطبيعي. وعدم توفرها على فنادق غير ذلك الفندق الموصد الأبواب على الأقل مند تعرفنا على المنطقة التي تبلغ حوالي ثلاث سنوات والذي تجهل أسباب عدم اشتغاله الأمر الذي يفسح المجال لجشع أصحاب الدور المفروشة والتي تعرف عشوائية في الاشتغال واستفزازات من قبل أصحابها ، حيث يصل ثمن الليلة الواحدة لحوالي ألف درهم . الأمر الذي يفوت على الدولة أموالا باهظة وهذا الموضوع لايخص فقط اسطيحة، بل كل المدن والقرى السياحية في زمن يدعون فيه الحكامة ومحاربة الفساد... هذا الأمر كذلك يطرح مشكلا كبيرا للإقامة بالنسبة للموظفين بالمنطقة، حيث من الصعب إيجاد سكن مناسب طول السنة...