أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أول أمس الخميس عن فشل المفاوضات التي انخرطت فيها الأحزاب البريطانية الثلاثة الكبرى بخصوص تنظيم قطاع الصحافة في المملكة المتحدة بسبب تباعد وجهات نظر ومواقف الأطراف الثلاثة. وأشار رئيس الوزراء وزعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون في ختام المفاوضات إلى أنه يعتزم الإعلان يوم الاثنين المقبل عن مخطط يروم بلورة ميثاق ملكي ينص على تشديد مبادئ تنظيم قطاع الصحافة. وأكد كاميرون على أن الميثاق سيعد نظام التنظيم «الأكثر تشددا» في العالم. وأعرب حزبا العمال (أكبر أحزاب المعارضة) والليبراليين الديمقراطيين (الشريك الأصغر في الائتلاف الحكومي إلى جانب المحافظين) عن معارضتهما لهذا المخطط، مشددان على أنه يمنح الصحف اللندنية سلطات «كبيرة» للغاية. وتعيش بريطانيا على حمى نقاشات ساخنة بخصوص موضوع تنظيم الصحافة، وذلك منذ نهاية سنة 2012 والتي شهدت نشر تقرير لجنة تحقيق مستقلة أحدثها ديفيد كاميرون في إطار تداعيات فضيحة التصنت على الاتصالات الهاتفية. وكانت اللجنة قد قدمت توصيات من أجل إحداث إطار تشريعي ينظم بموجبه القطاع بما يكفل تجنب الفضائح التي عصفت بالساحة الإعلامية البريطانية، ولاسيما فضيحة التنصت على الاتصالات الهاتفية والتي أسفرت عن إغلاق أسبوعية «أخبار العالم» التي كانت تعد من أكبر الصحف البريطانية. وعبر رئيس الوزراء البريطاني عن موقف متشكك إزاء هذه التوصيات معتبرا أن من شأن إحداث هيئة للتنظيم والتقنين أن يساهم في الحد من حرية التعبير وحرية الصحافة. وكان القاضي بريان ليفيسون الذي ترأس لجنة التحقيق قد شدد من جانبه على عدم سعي اللجنة إلى المس بقيم الحرية التي تعد أساس مجد الصحافة البريطانية، بقدر ما يتوخى التصدي للممارسات «المشينة» لبعض الصحف والتي تسببت في «تدمير حياة عدد من الأبرياء». وعمد ديفيد كاميرون في إطار سعيه إلى الالتفاف على توصيات لجنة ليفيسون إلى اقتراح مشروعه الخاص بإصدار ميثاق ملكي. وقد عبر حزب الليبراليين الديمقراطيين، شريك حزب المحافظين في الحكومة، عن رفضه المطلق لفكرة الميثاق معتبرا أنه غير قابلة للتطبيق، فيما اتسم موقف حزب العمال المعارض بكثير من الحذر اتجاه المشروع. وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، فقد أبلغ ديفيد كاميرون، خلال اتصالات هاتفية نظراءه في حزب الليبراليين الديمقراطيين والعمال، برفضه دعم أي تنظيم يستند إلى إطار قانوني. ودعا حزب العمال من جانبه رئيس الوزراء إلى إعادة النظر في قراره بخصوص وقف المفاوضات، واصفا إياه بأنه «مخيب للآمال وغير مبرر». ومن جانبهم، قال مقربون من نيك كليغ نائب رئيس الوزراء وزعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين إن هذا الأخير يشعر ب«الصدمة والإحباط» بسبب قرار كاميرون، خاصة وأن المفاوضات كانت تسير في اتجاه التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الثلاثة. وشكلت خروقات الصحافة البريطانية موضوعا لثلاثة عشر تحقيقا تم القيام به من طرف جهات مستقلة أو برلمانية أو أمنية وأسفر عن اعتقال خمسين صحفيا وتوجيه اتهامات لشخصيات مرموقة، من بينها أندي كولسون المسؤول السابق عن أسبوعية «أخبار العالم» والمستشار السابق للتواصل لدى ديفيد كاميرون.