اقترحت لجنة ليفيسون المعنية بالبحث في ثقافة وممارسات وأخلاقيات الصحافة في بريطانيا، في التوصيات التي خلص إليها تقريرها، ضرورة وضع إطار قانوني صارم يضبط عمل وسائل الإعلام. وقال رئيس اللجنة القاضي بريان ليفيسون خلال تقديمه توصيات لجنته، في أعقاب ثمانية أشهر من البحث والتحقيق، إن الأمر يتعلق بإطار مستقل للتنظيم الذاتي يضمن احترام قواعد أخلاقيات المهنة ويكفل حماية حقوق الأفراد في تقديم شكاوى في حال انتهاك جوانب من حياتهم الخاصة. وأشارت اللجنة في تقريرها الذي يتكون من 2000 صفحة إلى أن الإطار القانوني الذي سيتولى تنظيم مهنة الصحافة، يضمن للعموم احترام المبادئ والتوجهات الأساسية الخاصة بالاستقلالية والفعالية. وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون قد أعلن في يوليوز 2011 عن تشكيل لجنة ليفيسون إثر اندلاع فضيحة التنصت الهاتفي، بعد اكتشاف قيام صحيفة «نيوز أوف ذا وورلد»، التي كانت تعتبر من أعرق الصحف الأسبوعية البريطانية، بالتنصت على هواتف العديد من المشاهير من عالم السياسة والفن والرياضة من أجل الحصول على معلومات وانفرادات حصرية. وقد تسببت هذه الفضيحة في إغلاق الصحيفة التي تعود ملكيتها لروبرت ميردوخ امبراطور الإعلام البريطاني. وباشرت لجنة ليفيسون تحقيقات معمقة وعقدت جلسات استمرت طيلة عشرة أشهر استمعت خلالها إلى نحو 500 شخصية تتوزع بين ضحايا عمليات التنصت ومسؤولين سياسيين وأعضاء في أجهزة أمنية وأرباب مقاولات إعلامية وصحفيين وشخصيات مختلفة. كما استمتعت اللجنة إلى إفادات رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون، وأسلافه توني بلير وجون ميجور. وانتقد القاضي ليفيسون في تصريح مقتضب للصحافة سلوكيات وسائل الإعلام «التي لم تتوان طيلة عقود عن تدمير الحياة الخاصة لأشخاص أبرياء». وقال إن المقترحات التي تضمنها تقرير اللجنة تروم حماية هؤلاء الأشخاص منتقدا في السياق ذاته العلاقات الشائكة بين الصحافة والسياسيين. وأبرز أن علاقة القرب بين الصحافة ورجال السياسة لا تخدم الصالح العام مشيرا إلى أن لجنته تقترح إحداث هيئة للتحكيم لبحث الشكاوى المرتبطة بالصحافة عوض اللجوء إلى القضاء. وشدد القاضي ليفيسون على أن سعي وسائل الإعلام إلى تحقيق مكاسب أدى إلى تجاهلها لمدونة أخلاقيات المهنة خلال العقد الأخير على الأقل ? فضلا عن تشجيعها لضروب الإثارة من دون الاهتمام بالتداعيات السلبية لذلك على السلوك العام. ويبدو أن التقرير الذي طال انتظاره من طرف الفاعلين السياسيين ووسائل الإعلام على حد سواء، قد يساهم في توسيع هوة الخلافات بين مكونات الائتلاف الحكومي الحالي ممثلة في حزب المحافظين وحزب الليبراليين الديمقراطيين. ويتبنى رئيس الوزراء وزعيم المحافظين ديفيد كاميرون مواقف متباينة لمواقف نائبه وزعيم الليبراليين الديمقراطيين نيك كليغ بخصوص أفضل السبل الكفيلة بتنظيم قطاع الصحافة من دون اللجوء إلى انتهاك مبدأ حرية التعبير المقدس. وأشارت رئاسة الوزراء إلى أن كاميرون وكليغ سيقدمان تصريحين منفصلين حول نتائج تقرير لجنة ليفيسون وذلك في أعقاب فشلهما في التوصل إلى موقف موحد.