إقصاء واغتصاب وفتاوى لخضوعها للطاعةوالامتثال, هو نصيب المرأة العربية من ثورات الربيع العربي التي تمخضت عسيرا لتلد فكرا رجعيا لا يتمثل ثورته إلا من خلال جسد النساء. كيف تعيش نساءالعالم العربي اليوم هذه الانكسارات, وكيف السبيل لإثبات الحضور النسائي باعتباره النصف الأساسي من معادلة كل تطور، وسط سياسة ملتحية تنظر للمرأة كضلع أعوج النكسة كانت كبيرة في بلد كالمغرب, استشعرت نساؤه الأمان وملك البلاد يساند قضيتهن ويصدر قانونا للأسرةاعتبر نموذجا بالنسبة لجميع الدول العربية، كانت المفاجأة كبيرة والحكومة الإسلامية تنحي رؤوس المغربيات ولا تترك إلا وزيرة من حزبها فقط لتمسك بزمام قضايا النساء، وكأن بنكيران يعرف جيدا موقفه وموقف حزبه من قضية المرأة فعمل بقوله تعالى «وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة˜» كانت الرسالةواضحة منذ البداية أيضا عندما اختارت الوزيرة أو اختير لها أن تنزوي في مكان خلف الرجال في الصورة الجماعية بعد تنصيب الحكومة, وهي الصورة التي اعتبرت موقفا صريحا للحكومة من المرأة، وقد عودتنا الحكومات السابقة الاحتفاء بالحضور النسائي وتقدمهن في أولى الصفوف وهي الصورة التي تخوفت العديد منا أن تعود بنا لمنطق «المرا حاشاك» وسرعان ما بدأت هذه الرسالة تتصرف من خلال الحيف الشاسع في التعيينات, حيث أقصيت النساء من تعيينات الولاة ولم تحظ حتى اليوم بعد صعود الإسلاميين إلا ب 12% من جميع التعينيات التي تمت في هذه الفترة قد لا نقف بالتفصيل عند شطحات رئيس الحكومة وهو يطلق تهكماته المجانية على النساء في جميع المحافل وفي البرلمان، لأن نساءنا هناك يقظات ويواجهن الموقف بقوة وهي نقطة تحسب لبرلمانياتنا, لكن الخطير هو استغلال المنابر الدينية لتسريب الفكر المعادي للتطور والمساواة و اثبات الذات والحداثةوالدعوة للرجوع بالمرأة للوراء وإقناعها أن دورها يقتصر فقط على الاهتمام بالبيت وتربية الأبناء وحجب جسدها عن الظهور لأنه عورة وهو الخطاب الذي يسيطر اليوم في بلادنا على الشريحة غير المتعلمة ويجداستجابة منها,و أخذ هذا الفكر الرجعي في الزحف للأسف حتى للمدارس الابتدائية، مما يعد خطة مدروسة لتهيء الناشئة على أن تصبح بلاد المغرب لا قدر الله تتوئم أفغانسان، فقد بدت ملامح الأجساد المكومة في لون الحداد تكتسح فضاءنا في طمس تام للهوية الإنسانية والبشرية والوطنية وضع قد ينذر بصراعات مجتمعية,كما يقع الآن في البلدان العربية من سحل النساء اللواتي لا يحملن هذا الفكر أو تعرضهن للاغتصاب كما يقع في مصر أو للضرب والتعنيف والتهديد في تونس أو الاعتقال والقتل في ليبيا هذا الوضع الرجعي تتشاركه المرأة العربية اليوم , خاصة في دول الربيع العربي , فبالرغم من أنها ساهمت بشكل ملحوظ في المسارات المختلفة للثورات الشعبية والاحتجاجات الجماهيرية، فذلك لم ينعكس في الحصاد السياسي لهذه الثورات، سواء من حيث التمثيل في المؤسسات النيابية، أو العضوية في المجالس التأسيسية الدستورية، أو الوجود في السلطة التنفيذية، أو التمتع بحصة لمقاعدها في المجالس المنتخبة . مصر «خرجت ليه من البيت» 23 حالة اغتصاب جماعي في ميدان التحرير، يومي 25 و26 يناير الماضي فقط، و 16حالة موثقة اثنتان منها في حالة خطيرة , هو نصيب المرأة في مصر من الثورة التي خرجت لتحميها , فالجناة تعمدوا إسكات هذا الصوت الذي يعتبروه عورة ومن نواقض الوضوء . يتولى البعض عملية استدراج الضحية والإنقضاض عليها، بينما تتولى مجموعة أخرى منهم عملية خداع الجماهير أو من يحاول إنقاذها، عبر إيهامهم بأن تلك الفتاة من الفلول وأنها تشتم شباب الثورة، أو أنها سارقة أو أنها تبيع المخدرات، أو تحمل حول وسطها حزاما ناسفا، فينفض الناس من حولها، ولا يستمعون إلى استغاثاتها، وفي حالة إصرار بعض الشباب على إنقاذها، يتم التعدي عليهم بالأسلحة البيضاء». وقد تم توثيق أقسى حالات الإنتهاك، حالة لفتاة تعرضت للإغتصاب بوحشية، ثم طعنها الجناة بسكين في فتحة المهبل، ليخرج نصل السكين من فتح الشرج، أما الحالة الثانية، فهي لفتاة تعرضت للإغتصاب بوحشية على أيدي العديد من الأشخاص، وتركوها في حالة غيبوةب و خضعت لعملية جراحية لاستئصال رحمه.، الإعتداءات الجنسية تستهدف النساء لمجرد أنهن نساء، بهدف إذلالهن وقهرهن، وصارت تتخذ شكلًا ممنهجًا في الآونة الأخيرة وبمعدلات أكبر مما سبق ، حيث انتشرت أفكار تقول» خرجت ليه من البيت» . وهو ما أثار ويثير الرأي العام المصري والدولي. و قد انتقد أحمد قنديل الوضع في مصر بما اعتبره إزدواجية التعامل مع الإنتهاكات بحق النساء في مصر، وضرب مثلًا قضيتي كشوف العذرية، والإغتصاب الجماعي., حيث قال: «لقد انتفض الضمير الوطني من قبل على إيقاع خبر توقيع كشوف العذرية على المتظاهرات أيام تولي المجلس العسكري السلطة، وكأن الشرف يكال بمكيالين، فإذا كان يمثل وقودًا إضافيًا لاستمرار نار الغضب مشتعلة ومتأججة فهو يستحق الدفاع عنه والحشد من أجله واستثماره إلى أبعد مدى.. أما إذا كان المساس بالشرف ذاته يشوش على المد الثوري، فهو ليس جديرًا بالانتفاض والغضب». تونس.. شرطة دينية في الشوارع «حالة المرأة بعد الثورة «أصبحت أسوأ بكثير من العهد السابق، و وضع المرأة البسيطة مزرٍ وتتعرض للاستغلال والإهانة يوميا سواء من أرباب العمل، أو من بعض العناصر والمجموعات النشيطة في الشوارع التي مازالت تعتبر المرأة مصدر ضعف ومجرد جسد» تقول إحدى الناشطات الحقوقيات في إشارة إلى استشراء مظاهر التحرش بالنساء في الشوارع، أو ظهور مجموعات سلفية في شكل «شرطة دينية» تحت شعار «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». وأشارت الإعلامية نعيمة الشرميطي، ، إن «أخطر الظواهر الاجتماعية على النسيج المجتمعي هي تلك الحملات والشعارات التي يطلقها أنصار حزب النهضة مثل (حجابك عفافك) وشعارات أخرى تساهم في تعميق التمييز بين المرأة المحجبة وغيرها». كما أعربت عن مخاوفها بشأن الطريقة التي يطرح بها موضوع المرأة في مشروع الدستور الجديد، وما تلاحظه من خلال عملها من «انتهاكات غريبة في حقها كإمرأة». إن «ظهور السلفيين المتشددين كانت له نتائج سلبية جدا على حقوق المرأة ويتجسد ذلك في الترويج للنقاب الذي يجسد رمزيا أن جسد المرأة عورة وترى بأن»هذه المرأة التي قبلت ارتداء النقاب من الممكن أن تقبل بالعودة إلى تعدد الزوجات لأنها لا تشعر بأنها متساوية مع الرجل». أنَّ اعتماد قانون الأحوال الشخصية على الأسس الدينية يفسِّر أمورًا منها تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الخاصة بقانون الإرث في تونس. ويفسر أيضًا سبب تأكيد حزب النهضة مرارًا وتكرارًا على عدم المساس بقانون الأحوال الشخصية. * ليبيا..خاطرت بنفسي من أجل الثورة , فاحتجزت وعذبت و أجبرت على النفي „كانت صدمة نساء ليبيا كبيرة حينما أعلن مصطفى عبد الجليل „ بعد الاطاحة بالقذافي مباشرة السماح للرجال بتعدد الزوجات. « ليس هذا ما سعين اليه في الثورة، لم نسع لزواج الرجل من اربع نساء. اردنا المزيد من الحقوق،ولم نرد اهدار حقوق نصف المجتمع –تقول ماجدولين عبيدة - امر سئ للغاية ان تخاطر بنفسك وان تبذل قصارى جهدك من اجل هذه الثورة، ثم في النهاية تضطر الى مغادرة البلاد لأنها لم تعد مكانا آمنا لك.» وماجدولين عبيدة، شابة كانت تشارك في تقديم الامدادات للثوار الذين يقاتلون القذافي، ابنة محامي، نشأت في مدينة طرابلس .وعندما اندلعت الانتفاضة ، في فبراير ، غادرت البلاد في البداية الى العاصمة المصرية القاهرة ومنها الى العاصمة الفرنسية باريس في مهمة تقضي بالترويج لحملة ضد نظام الحكم الليبي والمساعدة في تنظيم امدادات الغذاء والدواء للمعارضين في ليبيا. وبعد سقوط طرابلس في ايدي المعارضة ، عادت عبيدة الى ليبيا للعمل من اجل حقوق المرأة، لاسيما للمطالبة بوضع حق المساواة في الدستور الجديد. لكن عند عودتها لبنغازي، اعتقلها افراد ميليشيا مستقلة مرتين.وهي الميليشيات التي تشكلت في البداية من اجل محاربة القذافي لكنها انتهجت بعد ذلك نهجا اسلاميا متشددا. احتجزت، ثم اطلق سراحها قبل ان تختطف مرة اخرى في اليوم التالي وتحتجز في سجن بقاعدة احدى الميليشيات. وفي ذلك تقول»دخل احدهم وبدأ يركلني بقدمه، ثم بدء يضربني ببندقيته وقال لي (سأقتلك وسأدفنك هنا ولن يعرف احد طريقك)، ونعتني بجاسوسة اسرائيلية وبعاهرة.» فاضطرت للسفر الى بريطانيا خشية اختطافها مرة اخرى.غير أن مجدولين عبيدة لا تقبل هذه الفكرة، وتؤكد أنها ستباشر حملتها بأمان من بريطانيا. تعتقد بعض الناشطات أن حقوق المرأة تحقق انجازات كبيرة الان مقارنة بالوضع اثناء فترة حكم القذافي و هناك 33 سيدة في البرلمان، ووزيرتين في الحكومة، وبالنسبة لمجتمع محافظ مثل ليبيا، اعتقد ان الصور الشاملة اشبه بمعجزة.»غير ان مجدولين عبيدة لا تقبل هذه الفكرة، وتؤكد انها ستباشر حملتها بأمان من بريطانيا. مظاهر التراجع لعل أبرزها أو أكثرها تأثيرًا تعدد وتنوع صور التهميش السياسي للمرأة في دول الربيع العربي على وجه الخصوص منها: أ- انخفاض مستوى المشاركة في البرلمانات، حيث لم ترقَ نسب مشاركة المرأة في لجان صياغة الدساتير الجديدة لدور المرأة في الثورات، ففي مصر بلغت نسبتهن في اللجنة التأسيسية 6%، وهي النسبة التي وصفها المجلس القومي للمرأة بأنها مهينة للغاية، ولا تتناسب مع نسبة المرأة في المجتمع المصري، ولا مع دورها في المجتمع والثورة المصرية، كما بلغت نسبة مشاركة المرأة في مجلس الشعب المنحل 2%. أما في تونس فجاءت نسبة التمثيل النسائي 13% فقط في المجلس التأسيسي، وهو ما يعد تراجعًا كبيرًا، حيث كانت النسبة في آخر برلمان قريبة من 25 %. كما بلغت نسبة التمثيل النسائي 15% في المؤتمر الوطني الليبي وهي النسب التي تعد ضئيلة للغاية مقارنة بدورهن في الحراك السياسي في تلك المجتمعات. - ضعف التمثيل النسائي في الحكومات الجديدة في المغرب شهدت حكومة عبد الإله بنكيران في المغرب تراجعًا كبيرا في التمثيل النسائي، حيث قلصت العدد من سبع وزيرات في الحكومة السابقة إلى وزيرة واحدة فقط من إجمالي 30 وزيرًا. و في مصر لم تشغل المرأة في حكومة د. هشام قنديل سوى وزارتين فقط من إجمالي 35 وزارة، وهما من الوزارات محدودة التأثير، وهو ما تكرر مع المرأة في تونس في ظل حكومة حمادي الجبالي أيضًا، حيث لم يشغلن سوى 3 وزارات فقط من إجمالي 41 وزيرًا . وفي ليبيا مُثلت المرأة في حكومة علي زيدان بامرأتين فقط من إجمالي 30 وزيرًا، وذلك من إجمالي 30 وزيرًا. كما شغلت المرأة اليمنية ثلاث حقائب وزارية في حكومة الوفاق الوطني من إجمالي 35 وزارة . ب- تجاهل الحقوق السياسية في الدساتير؛ حيث خاض حزب النور السلفي حربًا شرسة ضد حقوق المرأة في الدستور المصري، لا سيما فيما يتعلق بالمادة المتعلقة بالمساواة بين الرجل والمرأة، الأمر الذي أدى في النهاية إلى حذفها من الدستور المصري في نسخته الأخيرة، ذلك بالإضافة إلى عدم ذكر المرأة بشكل منفصل في الدستور، إلا أنه قد تمت الإشارة إليها في سياق الأسرة في المادة «10»، وهو ما أثار حفيظة مختلف المنظمات النسوية , كما ظهرت أصوات في مصر تنادي بإلغاء جميع القوانين التي صدرت في صالح المرأة كتعديلات قوانين الأحوال الشخصية , والخلع وسفر الزوجة وتجريم العنف والتحرش ضد المرأة وغيرها من المكتسبات التي ناضلت الجمعيات الحقوقية لنيلها ، بدعوي أنها قوانين صدرت في ظل النظام الفاسد. في تونس، وجدت المرأة التونسية أن حقوقها منتهكة بشكل كبير في ظل الدستور المزمع صياغته، لا سيما المادة «28» التي تحدثت عن ضرورة التكامل بين دور المرأة والرجل داخل الأسرة، وأغفلت مبدأ المساواة بين الجنسين، وهو ما انعكس في قيام النساء التونسيات بالعديد من المظاهرات التي طالبت بشكل أساسي بضرورة دسترة حقوق المرأة لا سيما مع التخوفات المرتبطة بسيطرة حزب النهضة على المجلس التأسيسي ونظرته غير المنصفة للمرأة. أسئلة إلى هندة هندود، ناشطة جمعوية من تونس هل مازالت المرأة التونسية تحافظ على حقوقها أم أن هناك تراجعا عن المكتسبات ؟- تراجع مكتسبات المرأة التونسية اليوم ليس ملموسا بصفة عامة، فالقوانين التي تضمن حقوقها لم يتم استبدالها بعد بما أن الدستور في طور الإنجاز. ولكن نية الكتلة الكبيرة في المجلس الوطني التأسيسي في قمع حقوق المرأة واضحة, حيث تم التنصيص على أن المرأة مكملة للرجل في المجتمع وغابت كلمة المساواة في الحقوق والواجبات في كل النصوص المقترحة على المجلس مما يجعلنا متخوفين من حرمان المرأة من حقوقها. ككل الدول العربية تشهد المرأة التونسية منذ سنين هجمة شرسة من الإعلام ورجال الدين مستندين على التقاليد والعادات لتبرير قمعها ولاتهامها حتى ولو كانت الضحية. وليس أدل على ذلك قضية الفتاة التي اغتصبها ثلاث أعوان أمن فلم يتوان بعض السياسيين الإسلاميين ورجال الدين ووزارة الداخلية في اتهام الفتاة بالانحلال الأخلاقي واستفزاز غرائز مغتصبيها. وقد وصلت بهم الوقاحة حد رفع قضية ضدها كانت لتدينها لو لا نقص الأدلة ضدها. تعرض النساء في تونس إلى التعنيف بسبب عدم وضعهن الحجاب وكذا للعديد من المضايقات, إلى أي حد وصل هذا الأمر؟ ليس هناك دليل مادي عن حالات كهذه بالرغم من أن المسألة يمكن أن تكون حقيقية خاصة داخل العائلات. المرأة المعنفة في تونس تلتجئ نادرا للقضاء أو للجمعيات المختصة ولهذا نجد صعوبة في تشخيص الحقيقة والوقوف ضد ظاهرة التعنيف ضد المرأة بصفة عامة. فيما يخص التحجب والحد من حرية المرأة وخاصة الفتاة، نلاحظ أن المجتمع في أسلمته الجديدة يحث الأنثى على التحجب ويربطه بمجموعة من الامتيازات كالاندماج والاحترام (الذكوري) والزواج والثقة. فيما يعاقب المجتمع غير المتحجبة أو الفتاة المتحررة بشتمها ونعتها بالمنحلة أخلاقيا. وبالتالي يمكن أن نعتبر هذا الضغط الاجتماعي كعنف جماعي يجبر المرأة على الانصياع والتنازل عن حقوقها بوعي أو دون وعى. ماهي وضعية المرأة التونسية الآن في ظل الحكومة الحالية - السؤال يبدو لي عام جدا. ولكن يمكنني القول أن المرأة لا تزال مقصاة من أخذ القرار السياسي. لا تزال كذلك غائبة عن المشهد الإعلامي ومضطهدة اجتماعيا.