بعد صراع طويل مع المرض، توفي ،يوم 4 مارس الجاري، الحاخام الإسرائيلي «مناحيم فرومان» مؤسس حركة «إيريتز شالوم» و حاخام مستوطنة تقوع جنوب شرق بيت لحم بالضفة الغربية، عن سن يناهز الثامنة و الستين من العمر. والمعروف عن فرومان، الذي كان من أبرز رجال الدين اليهود في المُستوطنات، مواقفه الداعمة لحل القضية الفلسطينية عن طريق الحوار و التعايش بين معتنقي الديانات الثلاث. و اشتهر بنشاطاته المتواصلة للتحاور مع الفلسطينيين بناء على أسس عقائدية مُشتركة. وقد عقد على مر السنين سلسلة من اللقاءات وحلقات النقاش مع شخصيات فلسطينية من جميع التيارات ومنها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ومؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين، والرئيس محمود عباس. وكان الحاخام فرومان أكد في إحدى لقاءاته مع الرئيس عباس على أن إقامة دولة فلسطينية «هو في مصلحة السلام ولمصلحة إسرائيل، وستعمل على تحقيق السلام العادل والدائم والاستقرار للمنطقة والعالم». و هو واحد من الإسرائيليين القلائل الذين تحاوروا مع حركة حماس الإسلامية وآمن بإمكانية تحقيق السلام مع الفلسطينيين. وكان يرى ان إسرائيل والفلسطينيين هم الوحيدون القادرون على بناء جسر بين الغرب والاسلام. وقال في السابق «الصراع الإسرائيلي الفلسطيني انعكاس لذلك الموجود بين الغرب والإسلام. هذه ليست مجرد مشكلة تمزق شعبين صغيرين بل قضية العالم بأسره، ودورنا أن نكون الجسر». وتابع فورمان في مقابلة سابقة مع وكالة فرانس برس «من المستحيل التوصل إلى السلام دون أخذ المسائل الدينية بالاعتبار لان كل من حاول القيام بذلك فشل». يقول بأن «القادة الروحيين اليهود والمسلمين هم أفضل المؤهلين لإيجاد حل يوصل إلى السلام كون هذا النزاع ذات طبيعة دينية» و الحاخام فرومان هو مؤسس حركة «ايريتز شالوم» السلمية التي تضم مستوطنين وفلسطينيين، وكان دوما من المنددين بالتجاوزات التي يرتكبها أكثر المستوطنين تشددا ضد أهداف فلسطينية، وزار عددًا من المساجد التي تعرضت للتخريب تعبيرًا عن تضامنه. و يُذكر أن فرومان قد ولد في عام 1945 في فلسطين أيام الانتداب البريطاني، وكان يعتبر أن القادة الروحيين اليهود والمسلمين هم أفضل المؤهلين لإيجاد حل يوصل إلى السلام لكون هذا النزاع ذا طبيعة دينية، ولذلك سعى رغم كونه مستوطناً إلى إقامة علاقات مع قادة منظمة التحرير الفلسطينية، و قادة حركة حماس. وفي هذا السياق ،اجتمع الحاخام على مدار السنوات مع شخصيات فلسطينية مثيرة للجدل على غرار الرئيس التاريخي للفلسطينيين ياسر عرفات الذي توفي عام 2004 والقائد الروحي لحركة حماس الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته إسرائيل في غارة جوية في مارس عام 2004. كما اجتمع مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بعد هجوم البحرية الإسرائيلية على سفينة تركية كانت متجهة إلى قطاع غزة لكسر الحصار المفروض عليها في محاولة لتحقيق الصلح بين البلدين. وتلقى فورمان نتيجة تلك الزيارات عدة تهديدات من مستوطنين متطرفين ،اعتبروه «مجنونا» عندما لم يقوموا بوصفه «بالخائن». وكان الحاخام فرومان يؤكد انه على استعداد للعيش في دولة فلسطينية في حال إخلاء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. وكان الحاخام وهو أب لعشرة أولاد، يُدرس في معاهد تلمودية ونشر عددا من المجموعات الشعرية. وفرومان الذي أصيب بأحد أنواع مرض السرطان، تمنى أن «يتمكن من الإسهام في السلام حتى آخر رمق». إعداد ج.خليل