تتخيل كبريات شركات التقنية العالية، سيناريوهات لأساليب جديدة في التسوق و الاستهلاك. و هي سيناريوهات (كما سنرى) يعتبرها البعض من أساليب تيسير الحياة اليومية للناس، بينما يُعبر البعض الآخر عن القلق من تدخل الشبكة العنكبوتية في حميمية حياتنا التي تصبح بدون أسرار. تعالوا نطلع على ثلاث تقنيات في مراحلها التطبيقية الأولى لدى ثلاث شركات عالمية كبرى، كي نتعرف على حجم التقدم التقني الذي كسر خصوصية الناس المستهلكين و حميميتهم. «إي باي»: تخرج زينب ? و هي زبونة المستقبل بالنسبة ل»إي باي» - من بيتها متوجهة على قدميها إلى مكتبها القريب. تمر أمام واجهة متجر معروف و تلاحظ حقيبة يد جميلة معروضة للبيع. و لأن الساعة كانت الثامنة و ربع فإن المتجر غير مفتوح فيما هي لا تستطيع التأخر عن عملها. لذا تأخذ تلفونها النقال و توجهه في اتجاه الحقيبة كما لو أنها تريد تصويرها، و لأن هاتفها النقال مزود بمنظومة إلكترونية خاصة فإنها تتعرف فورا على نوع الحقيبة، بفضل لونها و شكلها،. و تظهر فورا على شاشة تلفون زينب كل المعلومات التي تريدها بدءا من ثمن الحقيبة حتى عدد المتوفر منها في المخزن. لحسن حظ زينب كانت لا تزال هناك حقيبتان إحداهما باللون الذي تريده. قررت شراءها فورا، كان بإمكانها طلب توصيل الحقيبة إلى عنوانها لكنها فضلت أخذها مباشرة في طريق عودتها. في المساء و هي عائدة إلى بيتها، و لأنها وافقت على أن يتم تحديد موقعها من طرف المنظومة الإلكترونية للمتجر فما أن دلفت حتى تقدم منها إسماعيل البائع الذي علم من خلال لوحته الرقمية أن الزبونة زينب قد دخلت المتجر. رحب بها باسمها و كأنه يعرفها من زمان ،فالمعلومات التي بين يديه تعطيه إسمها و عنوانها و درجة إخلاصها للمتجر و آخر مشترياتها و نوعية هذه المشتريات. تقدم منها حاملا علبة الحقيبة التي اقتنتها في الصباح و كذا مجموعة من المقترحات لاقتناء ما يتماشى معها من أكسسوارات. وهي تنظر إلى مقطع إشهاري في الشاشة الكبيرة داخل المتجر، تذكرت أن تاريخ ميلاد ابنها قد اقترب و أنها لم تقتن له هدية عيد الميلاد بعدُ.كان المقطع الإشهاري يقدم تخفيضا مهما بالنسبة لمجموعة من البضائع التي تصلح هدية لطفل في مثل سن ابنها. وجهت هاتفها النقال لتسجيل «الكودبار» الماثل على الشاشة و الذي يمنحها الحق في التخفيض. سجلته و توجهت إلى المتجر لشراء الهدية مستفيدة من التخفيض أثناء أدائها ثمنه ببطاقة الائتمان لديها. «آي بي إم»: إسم الزبونة هذه المرة هو ليلى. كانت ليلى متمددة في غرفة الجلوس أمام جهاز التلفزيون. رأت إشهارا لآلة إعداد القهوة. من خلال جهاز التحكم الخاص بالتلفزة حددت موعدا كي تستفيد من عرض لإمكانات الجهاز في المتجر نفسه.أثناء تواجدها بالمتجر وافقت ليلى على أن يتم تحديد موقعها و في المقابل ظهرت خريطة أجنحة المتجر على شاشة تلفونها النقال ، و كذا إشعارا بجميع التخفيضات على السلع المعروضة في المتجر. و في انتظار حلول الموعد المتفق عليه، طفقت تتجول في أروقة المتجر فلاحظت قميصا أعجبها. وجهت هاتفها النقال نحو «الكودبار» الخاص بالقميص فظهر ثمنه و المقاييس المتوفرة منه. لم يكن مقاسها متوفرا فاقترح عليها عنوان متجر في طريق عودتها للبيت يتوفر على المقاس. في الوقت المحدد ظهر بائع آلة إعداد القهوة حاملا لوحته الإلكترونية التي تضم الموعد مع ليلى و عددا من المعلومات حولها، هنأها على اقتناء القميص و قدم لها عرضا للآلة التي اشترتها و اقترح عليها في نفس الوقت نوعا من البن نال إعجابها. كان البائع قد اطلع على ذوق ليلى في بضائع أخرى و بناء عليه كان اقتراحه. «وينكور نيكسدورف»: الزبونة في هذه الحال غير معروفة، بيد أن المنظومة الإلكترونية داخل المتجر تتابع اختياراتها الاستهلاكية أولا بأول.فالبائع يعرف مسارها و نوعية السلع التي توقفت عندها أو اقتنتها و ذلك من خلال لوحته الإلكترونية. يقترب البائع من الزبونة عارضا عليها أنواعا أخرى من السلع التي تود اقتناءها، تماما كما يفعل البائعون في المتاجر الكبرى الحالية لكن بائعنا يتوفر على معلومات أكبر عن ميولات و تفضيلات الزبونة. عن صحيفة «لوموند» 12 فبراير 2013