بعد مضي شهر تقريبا على نجاح الثوار الليبيين في فرض سيطرتهم على العاصمة طرابلس، يحاول سكان المدينة المنهكة جراء ستة أشهر من القتال وعمليات القصف، التقاط أنفاسهم والتغلب على سلسلة من الأزمات الاقتصادية والإنسانية الخانقة. وإذا كانت الثورة تبشر بحياة جديدة لليبيين، فإنهم وجدوا فيها أيضا مصدر رزق يمكن أن يدر عليهم أرباحا طائلة بعد أن أصبحت التذكارات المرتبطة بالثورة، والتي تعرف ب"التذكارات الثورية" تجارة رائجة للغاية في البلد الشمال إفريقي، وخاصة في العاصمة طرابلس. ويعتقد أن تجارة التذكارات المرتبطة بالثورة، مثل الأعلام والقبعات التي تحمل ألوان العلم الوطني واللوحات التي تحمل شعارات الثورة وتلك التي تحمل صورا كاريكاتورية متعلقة بها، قد وصلت ليبيا قادمة من مصر وتحديدا من ميدان التحرير، بعد نجاح ثورة 25 يناير وتنحي الرئيس السابق حسني مبارك. وفي هذا الشأن يقول عبد المجيد، أحد أصحاب محال الهواتف المحمولة في حي الدهرة ل(إفي) : "الناس جميعهم يرغبون في شراء تذكارات الثورة"، وأضاف أن هذا ما دفعه لرفع كافة البضائع التي كانت في متجره، والمرتبطة بالهواتف المحمولة، ليملأ المكان بدلا من ذلك بعشرات الأغراض المرتبطة بالثورة. وفي متجر عبد المجيد (37 عاما) يمكنك أن تجد أعلام الثوار ذات الألوان الأحمر والخضر والأسود، والقمصان الملونة بنفس هذه الألوان والقبعات والساعات والصور واللافتات وحتى مساند الرأس الخاصة بالسيارات. ويوضح عبد المجيد أن مثل هذه السلع أصبحت متوافرة في العديد من المتاجر في ليبيا، بل وحتى مع الباعة الجائلين على الأرصفة، غير أنه يؤكد رغم ذلك أن التنوع الموجود لديه ليس متوفرا في أي مكان آخر، مضيفا أنه يقوم أيضا بطرح عروض خاصة تتضمن تخفيضات في حالة شراء أكثر من قطعة. ويشير التاجر الشاب إلى أن هذه التجارة رائجة لحد كبير في الفترة الراهنة، رغم أنها كانت أكثر ازدهارا في الأيام الأولى من دخول الثوار لطرابلس، وتابع أنه يتوقع أن تظل كذلك لمدة شهرين أو ثلاثة قبل أن تهدأ الأمور، مبينا أنه لن يواجه مشكلة في تلك الحالة لأنه ببساطة سيعود إلى عمله الأصلي في تجارة الهواتف المحمولة. أما هشام بوزكيا، فهو تاجر آخر يقع متجره في الميدان الأخضر بقلب طرابلس، المعروف حاليا بميدان الشهداء. ويقول بوزكيا إن الأطفال هم الأكثر إقبالا على شراء هذه التذكارات، كما أن القمصان هي أكثر السلع رواجا، ويذكر أن كمية كبيرة من القمصان العسكرية التي تحمل على الصدر شعار ثورة 17 فبراير، وصلت متجره إلا أنها سرعان ما نفدت جميعها. ويشرح أن هذه المنتجات تصل من مصر وتونس، ويضيف أنه يحقق من هذه التجارة أرباحا يمكن أن تصل إلى 35 يورو يوميا.