لم يكن مفاجئا أن يستأثر اعتقال الناشط الجمعوي والسياسي، محمد عطاوي، بتونفيت، إقليم ميدلت، باهتمام الرأي العام المحلي، إذ اعتقل مجددا في ظروف متشابكة الخيوط والأطراف، وهذه المرة على خلفية قيامه بالتقاط صور لواجهة إحدى البنايات التي رأى أنها شيدت بصورة غير قانونية، ما كان موضوع شكاية تقدم بها صاحب البناية، بتحريض من جهات شبه مجهولة، حسب المتهم، وعلى إثرها تم اعتقال المعني بالأمر، وإيداعه بالسجن المحلي لميدلت، حيث أفادت مصادر متطابقة أن مدير السجن أمر بوضعه في زنزانة انفرادية ليقضي فيها عقوبة تأديبية، وقد علم من مصادر متطابقة أن هيئة المحكمة رفضت ملتمس تمتيع المتهم بالسراح المؤقت وتأجيل ملف القضية إلى جلسة يوم الخميس المقبل 14 فبراير الجاري. ويتابع «قناص تونفيت»، محمد عطاوي، حسب مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، بتهمة «القيام بعمل من أعمال الوظيفة العمومية بغير صفة والاستمرار في مباشرة أعمال وظيفة عمومية بعد أن أخطر بوجه رسمي بقرار التوقيف عن مزاولتها طبقا للفصلين 262 و380 من ق ج».، رغم أن الجميع يعلم بأن توقيفه عن العمل كإطار جماعي كان تعسفيا، بسبب مراسلاته للجهات المختصة في شأن ما يرتكبه رئيس جماعة تونفيت من خروقات على مستوى مجال البناء والتعمير، ولم يفت محمد عطاوي التقدم، في شأن توقيفه الجائر، لدى المحكمة الادارية بطعن ما يزال في انتظار كلمة القضاء. وصلة بالموضوع، تم تقديم محمد عطاوي، في حالة اعتقال، أمام ابتدائية ميدلت، يوم 21 يناير الماضي، مؤازرا بعدد من المحامين الذين التمسوا من هيئة المحكمة طلب مهلة لإعداد الدفاع وإحضار الشهود، مع تجديد ملتمس متابعة المعني بالأمر في حالة سراح ل»انتفاء خطورة التهمة الموجهة إليه، لكون المتهم ينتمي لعدة جمعيات محلية ووطنية ودولية تستدعي حضوره في أي وقت شاء القضاء، علاوة على كونه المعيل الوحيد لاسرته البسيطة»، علما أن تهمة التقاط صورة لبناية تأتي لصيقة بالقضية المعروضة امام القضاء، والتي يشكو فيها ذات المتهم ضد رئيس جماعة تونفيت فيما يتعلق بالبناء العشوائي. كما أكد دفاع عطاوي، حسب مصادر متتبعة من تونفيت، أن موكله لم يقم بالتصوير إلا من أجل الفضح والتشهير بناهبي المال العام والمتلاعبين بالملك العام، بصفته عضوا بالهيئة الوطنية لحماية المال العام ورئيسا لجمعية حماية شجرة الأرز والأروي، إلى جانب نشاطه الحقوقي والإعلامي. وفي ذات السياق، أفاد مصدر حقوقي أن فرع ميدلت للجمعية المغربية لحقوق الإنسان يتابع ملف القضية باهتمام بالغ، وبينما لم يفته المطالبة بتوفير شروط المحاكمة العادلة للمتهم، عبر الفرع الحقوقي عن قلقه حيال حرمان زوجة وأبناء المتهم محمد عطاوي، ولأكثر من أربع مرات، من زيارته بالسجن المحلي بميدلت، ما اعتبره انتهاكا سافرا للحق في الزيارة المكفولة قانونا لأسر المعتقلين، مع ضرورة العمل على فتح تحقيق جدي ومسؤول في ظروف وخلفيات اعتقال المتهم المشار إليه. ويشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتابع فيها الناشط الجمعوي والحقوقي، محمد عطاوي، بتهمة من التهم، بسبب مواصلته في فضح مظاهر النهب والتهريب التي تتعرض لها الثروة الغابوية، والفساد الممنهج الذي تعرفه بعض الجماعات المحلية بتونفيت، إذ سبق اعتقاله، في وقت سابق، بتهمة «ابتزاز» مسؤول بالمياه والغابات بتونفيت، هذا الأخير الذي تقدم لدى وكيل الملك بابتدائية ميدلت بشكاية يزعم فيها أن المعني بالأمر «حاول ابتزازه في مبلغ 1000 درهم»، وهي التهمة التي وصفها العديد من المتتبعين ب «الملفقة»، والتي نتج عنها من الأحكام ما قضى بحبس المتهم لمدة سنتين، قام بعدها بخوض اعتصام مفتوح، مرفق بإضراب عن الطعام، أمام قصر العدالة بمكناس، تنديدا بعملية اختطافه على ضوء هذه التهمة، وحمله على التوقيع بالإبهام على محضر المتابعة (رقم 49/2010 المحرر بتاريخ 08/03/2010)، وظل معتصما إلى حين تدخل مسؤول أمني وقام بإفراغه بالقوة من عين المكان. كما فات أن طُبخت في حق ذات المتهم، عام 2005، تهمة «إهانة المقدسات»، رغم أن العبارة التي جاءت على لسانه لم يكن فيها ما يوحي بأي شيء من هذا القبيل (ملف رقم 62)، حيث أيدت استئنافية مكناس حكم ابتدائية ميدلت، والقاضي بسنة سجنا نافدة في حق المتهم، كما لم يفت تقرير سنوي حول حرية الصحافة والإعلام في المغرب (2008) هو الآخر الإشارة لتعرض محمد عطاوي لاستفزاز مصحوب بالقذف، وإلى تهديدات من طرف رئيس جماعة أمنزي، بسبب نشره مقالات بإحدى الجرائد الوطنية عن هذا الأخير تتعلق بنهب المال العام. ويذكر أن اعتقال محمد عطاوي جرى بعد أسابيع قليلة من نشر «الاتحاد الاشتراكي» لقراره بمقاضاة رئيس الحكومة ، عبدالإله بنكيران، على خلفية رفض رئيس الجماعة القروية لتونفيت العدول عن القرار الجائر رقم 70/2012 والقاضي بتوقيفه عن العمل، ومن هنا يكون من حق الكثيرين التخوف من أن يكون اعتقال محمد عطاوي محاولة جديدة للانتقام منه وإسكاته.