وجد عامل إقليم ميدلت، علي خليل، نفسه في مواجهة «غضبة سكانية غير مسبوقة»، عندما قررت قبائل آيت حنيني تقاجوين وملوية العليا، الخروج من ديارهم، يوم أمس الأربعاء 6 فبراير 2013، والنزول نحو الطريق الرئيسية بمنطقة «تبادوت»، لتنفيذ اعتصام مفتوح تحت الخيام احتجاجاً على ما لقوه من طرف المسؤول الإقليمي المذكور من «إهانة ساخرة»، حيث أفادت مصادر متطابقة، في هذا الصدد، أن هذا عامل الإقليم بعث بوفد هام برئاسة الكاتب العام للعمالة ورؤساء مصالح ومؤسسات معينة لتقديم اعتذاره للقبائل، وإعطاء وعود بتحقيق مطالبها العادلة عبر حوار مسؤول مقابل القبول بالتهدئة والاستقرار. وأمام «اعتذار» عامل الاقليم، قررت القبائل المذكورة، التي يفوق تعداد سكانها 20 ألف نسمة، «تعليق اعتصامها إلى إشعار آخر»، على حد تصريحات متطابقة، وأكدت مصادر من تنسيقية المنظمين ل«الاتحاد الاشتراكي» أن تعليق المعركة جاء بناء على الوعود المقدمة للسكان على أساس أن يتم تحقيق جزء كبير من المطالب المرفوعة، في غضون شهرين على الأكثر، سيما ما يتعلق منها بجانب التمدرس والمسالك، ولم يفت السكان التهديد باستئناف معاركهم الاحتجاجية في حال إخلال السلطات الإقليمية بالتزاماتها ووعودها، أو تنكرها لمطالب المنطقة وحقها في أبسط ضروريات العيش الكريم والبنى التحتية اللازمة، والشروط الضرورية في الولوج للخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والمسالك وتقريب الإدارة من المواطنين، والحد من مظاهر التهميش والإقصاء والعزلة. ويشار إلى أن قرار قبائل تقاجوين وملوية العليا بالدخول في الاعتصام المفتوح قد جاء ردا على الأسلوب الذي تعامل به عامل الإقليم مع ممثلي المشاركين في المسيرة الشعبية التي انطلقت، يوم الاثنين 28 يناير 2013، مشيا على الأقدام، باتجاه العاصمة الرباط، والتي تجاوز عدد المشاركين فيها 1700 شخص، إذ تمت مطالبتهم بتشكيل ممثلين عنهم، من مختلف القبائل المعنية، للجلوس إلى طاولة الحوار مع عامل إقليم ميدلت، حيث تدخل أحد المواطنين لاستعراض المشاكل والمطالب، إلا أن مفاجأة الجميع كانت كبيرة، عندما رد عليهم عامل الإقليم بأسلوب تهكمي: «إن كنتم تطالبون بالماء والكهرباء والمدرسة والمستوصف، فما عليكم إلا مغادرة قراكم ومداشركم والاستقرار في المدن»، ما اعتبره ممثلو السكان استهتارا بكرامتهم ومطالبهم. وفي اللحظة التي كان فيها عامل الإقليم يحاول «إطفاء» غضبة هذه القبائل، وثنيها عن تنفيذ قرار الاعتصام، «اشتعلت» مسيرة شعبية أخرى بإيتزر، هذه التي انطلقت بدورها، صباح الثلاثاء 5 فبراير 2013، مشيا على الأقدام باتجاه العاصمة الرباط، للمطالبة بإغاثة منكوبي «القصر القديم»، أو ما يعرف ب «إغرم»، ممن تعرضت منازلهم للانهيار التام أو الجزئي، مقابل الحديث عن وجود العشرات من المنازل الأخرى مهددة بالسقوط في أية لحظة، وقد أجمع المشاركون في هذه المسيرة على تنديدهم الشديد بما وصفوه ب«الحوارات العقيمة والوعود الكاذبة التي ما فتئت السلطات المحلية توزعها عليهم من باب التطمين وربح الوقت»، حيث صدحت حناجر المحتجين بمجموعة من الشعارات المطالبة بتسوية وضعيتهم وتفعيل الوعود التي تم تقديمها لهم من خلال عدة لقاءات بممثليهم.