منذ أيام بدأت «كاراجات» الجماعة الحضرية للدار البيضاء، تستقبل العشرات من السيارات التي تم كراؤها لفائدة رؤساء مقاطعات الدارالبيضاء ونواب رئيس مجلس المدينة ورؤساء اللجن وبعض الموظفين، سيتم استغلالها لمدة ثلاث سنوات. صفقة كراء هذه السيارات أشرف عليها النائب الخامس لمحمد ساجد، وهو في ذات الوقت رئيس مقاطعة مولاي رشيد والمتصرف الفعلي في أكثر من ثلثي ميزانية المدينة، وهو بالمناسبة ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية. مصادر من الجماعة الحضرية، أكدت لنا بأن الصفقة التي أشرف عليها هذا المسؤول، اكتنفها بعض من اللبس، ذلك أن الشركة التي فازت بالصفقة هي الوحيدة التي فتح غلاف مقترحها، وذلك في 15 يناير وبعد 15 يوما من إعلان الشركة كفائزة بالصفقة، حتى بدأت تنقل السيارات إلى «الكاراجات». بمعنى حسب مصادرنا أن الشركة كانت مهيأة قبلا! وأضافت ذات المصادر، أنه في الوقت الذي تنادي فيه الحكومة بترشيد النفقات ونهج سياسة التقشف في المؤسسات العمومية، تم كراء هذه السيارات بأكثر من مليار سنتيم في السنة، هذا في الوقت الذي تعيش جماعة البيضاء وضعا ماليا محرجا، بسبب الديون المتراكمة عليها، والتي جعلت وزارة الداخلية تمتنع في مناسبتين، على التأشير على ميزانيتها، الامتناع الأول كان في السنة الماضية، حيث تراكمت على المدينة ديون بلغت الملايير، كما استنفدت كل حقوقها المتعلقة بالاستفادة من قروض صندوق التجهيز الجماعي. والمناسبة الثانية كانت خلال هذه السنة بعد أن لمست الوزارة أن الجماعة لم تتمكن من تحصيل مداخيلها وحاولت تعويضها من الضريبة على القيمة المضافة التي تقترح توزيعها وزارة الداخلية. في ظل هذا العجز، تمت هذه الصفقة التي سيستفيد خلالها رؤساء المقاطعات ونواب الرئيس من سيارات من نوع «بوجو 508»، فيما سيحصل الرئيس ، كالعادة، على سيارة «أودي» ، وسيركب رؤساء اللجن سيارات من نوع «فورد فوكيس»، بينما ستوزع على بعض الموظفين كالكتاب العامين ورؤساء المصالح والأقسام ، سيارات من نوع «بوجو 206». وقالت ذات المصادر إن الجديد في هذه الصفقة أن عدد السيارات المكتراة، فاق عدد السيارات المكتراة في الصفقة الماضية، بحيث سيستفيد هذه المرة حتى رؤساء اللجن المنبثقة عن «ميثاق الشرف» الموقع بين رئيس الجماعة وبعض الفرقاء في مجلس المدينة، رغم أنها لجن غير منصوص عليها في الميثاق الجماعي؟! أحد نواب الرئيس محمد ساجد، صرح لنا بأن سبعة نواب لا يتوفرون على أي تفويض، وبالتالي فهم يعيشون عطالة سياسية، «فكيف نكتري لهم سيارات وهم بدون مهام!؟» ، معتبرا أن الصفقة تدخل في إطار تبذير المال العام ، مبرزا أنه باسم الموظفين ستوزع سيارات على بعض المحظوظين داخل إدارة الجماعة من المقربين من بعض المسؤولين! قبل أسابيع، اجتمع والي الدارالبيضاء بالادارة الجبائية للجماعة، وطلب منها تكثيف جهودها في تحصيل مداخيل تليق بالعاصمة الاقتصادية التي تتخبط في الديون وتعيش عجزا ماليا مخجلا، لكن في المقابل، نجد صفقات خيالية تمر أمام «أعين» مصالح ولايته، دون اتخاذ إجراءات استباقية للحفاظ على المال العام؟!