مقترح القانون الذي تقدم به الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، الرامي إلى تعديل وتتميم المادتين 20و21 من القانون المتعلق بالحالة المدنية، جاء من أجل رفع الحيف عن العديد من المواطنين، خاصة من الأمازيغيين الذين يحرمهم بعض ضباط الحالة المدنية من اختيار الأسماء الشخصية لأبنائهم، إذ حسب تقديم المقترح، فإن هذا الامتناع يعتبر خرقا للقانون ولحق أساسي من حقوق الانسان. كما أن الرفض أو المماطلة تنتج عنهما معاناة حقيقية لأمهات وآباء المواليد وأسرهم. ويعاكس رغباتهم .وأكد الفريق الاشتراكي أنه لم يعد مقبولا في السياق الاصلاحي الجديد بالمغرب، حرمان المغاربة من إطلاق أسماء على مواليدهم لكونها أمازيغية على سبيل المثال، خاصة وأن الدستور الجديد ينص على التشبث بالوحدة الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها العربية الاسلامية والامازيغية والصحراوية الحسانية. ولوضع حد لهذه التأويلات من طرف بعض ضباط الحالة المدنية يتقدم الفريق الاشتراكي بمقترح قانون. واعتبر أن التنصيص على عدم قانونية رفض تسجيل أسماء أمازيغية يدخل في سياق المصالحات التي يحققها المغرب، وهي مصالحة مع مكون أساسي وعضوي وتاريخي في الهوية المغربية المركبة والغنية بتنوعها. من جهة أخرى، يرى الفريق الاشتراكي أن الفقرة الثانية من المادة 20 من ذات القانون، والمتعلقة بالإسم العائلي غير منسجمة مع السياق العالمي والمغربي الجديد. إذ يتعلق الأمر بمقتضى تمييزي بين المغاربة، فضلا عن أنه مناقض للفقرة الثانية من المادة 21 من نفس القانون المتعلق بالإسم الشخصي، ويضيف أن الدستور المغربي جعل من الإنصاف والمساواة وحماية الفرد وكفالة حقوقه ومن تكافؤ الفرص، مبادئ وقيم أساسية ومؤسسة للكيان المغربي وجعلها مشتركة في العدد الكبير من مواده، ونص على الآليات المؤسساتية والقانونية للنهوض بها، وهو على هذا النحو، يكرس الأسس التي يجب أن ينهض عليها الكيان المغربي الغني والمتعدد والمتنوع. ويعتقد الفريق الاشتراكي أن النهوض بالمساواة إذا كان، يجب أن يكون مكفولا بالقوانين التي ترسخ هذا المبدأ وتيسر استبطانه مجتمعياً، فإنه أيضاً يكتسي بعداً رمزياً وثقافياً وحضارياً. ورأى أن التمييز بين المغاربة على أساس النسب، فضلا عن كونه لم يعد متساوقاً مع مرتكزات المغرب الجديد ومع المشروع المجتمعي المغربي، يسير على النقيض من المبادىء الكونية لحقوق الإنسان، ومن عدم التمييز بين الناس على أساس العرق أو الحسب أو النسب أو اللون.. وهي قيم ومبادئ انخرط فيها المغرب تذكر المعارضة الاتحادية. بل إن الفصل 175 من الدستور ينص على أنه لا يمكن تناول المراجعة »الدستورية« للأحكام المتعلقة بالدين الاسلامي وبالنظام الملكي للدولة، وبالاختيار الديمقراطي للأمة وبالمكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور. لتسليط الضوء على هذا الموضوع، واستطللاع رأي الفاعلين في هذا المجال، أكد للجريدة أحمد أرحموش رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، أن هناك إشكالين يرتبطان بهذا الموضوع. الأول مرتبط بالأولوية لتفادي أي غموض وتملص من المسؤولية القانونية، فأصبح ضرورياً مراجعة المادة 21 من القانون المتعلق بالحالة المدنية، ورفع كافة أشكال التمييز، خاصة بالنسبة للأسماء الشخصية الأمازيغية. وأوضح الأستاذ أرحموش أن هذا الملف عمره ما يقارب 23 سنة، لكن في كل مرة يتم التملص من المسؤولية من طرف وزارة الداخلية بصفتها القطاع الوصي. والجانب الاخر المتعلق بالمسؤولية الادارية لضباط الحالة المدنية. فآخر مراسلة توصلنا بها، يضيف احمد ارحموش، من طرف وزارة الداخلية تنفي نفيا قاطعا وجود أية لائحة تضم الاسماء المرغوب في استعمالها. وإن كان هذا الأمر صحيحا. فإن هناك اجتهادات في العملية مما يعرض المجتهدين الى المساءلة الجنائية على اعتبار أن كل موظف أقدم على ذلك ففيه إنكار للعدالة. و من ثمة يرى أنه لا اجتهاد مع وجود النص. خاصة الدستور الجديد الذي هو واضح في هذا المجال. ويضيف ان المسؤولية في هذا الباب هي سياسية بالنسبة لوزارة الداخلية وادارية بالنسبة لضباط الحالة المدنية. هؤلاء الذين ينكرون العدالة بهذا المنطق والتي تعتبر جريمة بالاضافة الى كونها مخالفة مهنية يتابع فيها المعنيون مهنيا، علما بأن المواطنين المعنيين الذين يمنعون من تسجيل أبنائهم بالاسماء التي يريدونها تكلف مصاريف مالية بالاضافة الى المعاناة النفسية. وشدد رئيس الشبكة الامازيغية من أجل المواطنة على أن اللجنة العليا للحالة المدنية ليست مؤسسة قضائية لتفصل في الاسماء، بل القضاء هو المسؤول عن ذلك. مطالبا بحل هذه اللجنة ليحل محلها القضاء. وعن الاسماء الامازيغية التي يمكن ان تشكل مسا بالاخلاق. ويكون لها تأويل مغاير بالنسبة للغة العربية، أوضح ارحموش أن الاسم يستمد مرجعيته من اللغة الأم أي الامازيغية. وإلا فإننا سنجد بعض الاسماء العربية. لها حمولة مغايرة ومعان أخرى بالنسبة للأمازيغية. ومن جانبه اوضح احمد مفيد عضو المكتب الوطني للمنظمة المغربية لحقوق الانسان أن من حق جميع المغاربة ان يسجلوا أبناءهم بالأسماء التي يرتضونها دون أي تمييز. احتراما لالتزامات المغرب في المجال الحقوقي. كما ان الدستور الجديد يثبت هذه الحقوق ولا يمكن تفسير التثبيت إلا باحترام المعايير المتعارف عليها كونيا. ومن بين هذه المعايير، اختيار الاسماء دون عراقيل إدارية أو مساطر معقدة. وأكد أن الشروط المطلوبة في الحالة المدنية متجاوزة بحكم الوثيقة الدستورية. وبالتالي يفرض هذا الامر مراجعة القانون وملاءمته مع المواثيق الدولية والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تماشيا مع ديباجة الدستور، والقوانين الدولية أيضا. وشدد باسم المنظمة المغربية لحقوق الانسان على أنه لا يمكن إلا أن ندافع عن حق المواطنين لاختيار الاسماء التي يرونها لائقة بأبنائهم. واعتماد لائحة اسماء مفتوحة كسائر الدول الديمقراطية.