في مقهى قريب من ميدان التحرير، تعالت ضحكات عشرات وهم يشاهدون لقطات ساخرة تنتقد الرئيس المصري محمد مرسي في برنامج باسم يوسف الذي يدرجه كثيرون في اطار حرية الرأي والتعبير بينما لجأ اخرون الى القضاء ضده بتهمة اهانة الرئيس. ويقدم باسم يوسف برنامجا اسبوعيا ساخرا يحمل اسم «البرنامج» ينتقد من خلاله السياسيين والاعلاميين. وقد انتقد مرارا التيار الاسلامي والرئيس مرسي بشكل لم في برنامجه الذي لقي شعبية كبيرة بين المصريين. لكن مواطنين قدموا بلاغات ضد باسم يوسف وضد الصحافيين ابراهيم عيسى وعبد الحليم قنديل وجريدة «الوطن» المستقلة بتهم اهانة الرئيس. وتثير تلك البلاغات تساؤلات عن حجم الحرية التي يتمتع بها الاعلام في مصر بعد ثورة يناير التي كانت المطالبة ب«الحرية» اول شعاراتها. وكان الرئيس المصري القادم من جماعة الاخوان المسلمين, تعهد قبيل انتخابه في يونيو الماضي بحرية الاعلام واكد انه «لن يقصف قلم او يمنع رأي في عهدي». لكن رئاسة الجمهورية تقدمت ببلاغات للقضاء ضد اعلاميين وصحافيين بتهم سب وقذف واهانة الرئيس. وتقدمت الرئاسة ببلاغات ضد الاعلامي محمود سعد وضيفته منال عمر وهي استاذة في الطب النفسي قالت ان مرسي يعاني من مرض نفسي، ثم بلاغ ضد الصحافية علا الشافعي بسبب مقال نشرته في صحيفة «اليوم السابع». كما تقدمت ببلاغ ضد الصحافي في صحيفة «المصري اليوم» يسري البدري بتهمة تكدير السلم العام، وآخر ضد وكيل نقابة الصحفيين جمال فهمي بتهمة توجيه اتهامات للرئيس. وقال المتحدث باسم الرئاسة ان «الرئاسة ترحب بأي نقد بناء وضد حجب اي رأي مبني على اساس صحيح. لكن حينما يتعلق الامر باتهامات للرئيس فان الامر يستدعي تحقيقا قضائيا لاثبات صحة او خطأ الاتهام»، حسبما نقل موقع الاهرام الالكتروني. واضاف ان «الرئاسة قدمت بلاغات ضد اخبار مفبركة وهو امر اصبح شائعا في الاعلام المصري»، مؤكدا ان «الحرية في مصر الجديدة يجب ان تتواجد وفق القانون». واعربت الخارجية الاميركية اخيرا عن قلقها من «تقييد الحكومة لحرية الرأي والنقد في الاعلام بزعم نشر اخبار كاذبة واهانة القادة السياسيين». واضافت «من الجوانب الاساسية لديموقراطية سليمة ان تكون الصحافة حرة في انتقاد الحكومة دون ملاحقة قضائية». ولم تقدم الرئاسة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك بلاغات لملاحقة صحافيين قضائيا، بحسب حقوقيين. لكن محامين بتوكيلات من محامي مبارك قدموا دعوى قضائية ضد الصحافي ابراهيم عيسى في 2008 تتهمه بنشر اخبار كاذبة عن صحة الرئيس وهو ما عرضه لحكم بالحبس عاما قبل ان يصدر مبارك عفوا رئاسيا عنه, حسبما قال رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان حافظ ابو سعدة. وكشفت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قبل يومين في تقرير ان تهمة اهانة الرئيس تعد محور 24 قضية تلاحق صحافيين وكتابا خلال مئتي يوم فقط من حكم الرئيس مرسي، مقابل 14 قضية خلال 115 عاما وهو ما وضع مرسي على رأس قائمة الحكام الأكثر ملاحقة للصحافيين. ويعتقد عماد مبارك مدير مؤسسة الفكر والتعبير ان ملاحقة الصحافيين بتهمة اهانة الرئيس تعد «مؤشرا خطيرا للغاية على ان الرئاسة لديها اقتناع ان حرية الراي والتعبير يجب ان يكون عليها قيود وان النظام الحالي غير قادر على قبول الانتقادات اللاذعة لسياساته». واضاف «لا يوجد اي قضية تستحق تقديم بلاغات (...) لكن يبدو ان هناك حملة من الرئاسة والموالين للرئيس لارهاب بقية الصحافيين من اجل وجود صحافة ناعمة ومهذبة». ورأى ان «كل المؤشرات تقول ان حرية الرأي والتعبير في وضع شديد الخطورة». وفيما كان الدستور الذي سقط مع حسني مبارك يقضي «بحظر اغلاق او تعطيل او مصادرة الصحف»، فان الدستور الجديد للبلاد الذي صاغته جمعية تاسيسية هيمن عليها الاسلاميون ينص على «حظر اغلاق او تعطيل او مصادرة الصحف الا بحكم قضائي». (أ ف ب)