حملنا حرقة السؤال الى فاس، باحثين عن خيط يوصلنا الى من تسبب في جعل فاس العالمة مدينة أحزمة الفقر بإمتياز، تساءلنا من أين نبدأ وأي الأبواب الموجودة في ذاكرتنا سنضع فيها أولى خطواتنا لتقصي حقائق تداخلت وتشابكت ووزعت بين الأطراف كدماء يوسف بين إخوته ، باب أبي الجنود أم باب الماكينة أم باب الكيسة أم السمارين أم باب جبالة أو الدكاكين أو أبي الفتوح. وهي أسئلة القرب التي ننخرط فيها بكثير من مشترك القهر مع شعبنا القابع في الممرات الضيقة، وفي المساكن الآيلة للسقوط، وفي المستنقعات والحافات والحفر الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، حد دفن الأجساد الحية الميتة من مختلف الأعمار و الأوزان، شعب تقرأ في عينيه شعارا مختلفا عن كل الشعارات، لا دين فيه ولا إيديولوجية لا طلوع الى السماء ولا سجود على الأرض . وحده الخبز و المعيش اليومي يشد شعبنا من أمعائه، ووحدها الرغبة في التعليم للخروج من الوضع المزري تراود أحلام شبابه و شباته وصغاره. ووحدة الوضع الصحي القلق يبكي عيون الرجال ويستنفذ فيه صبر النساء . شعب مقيد بكل المآسي يستيقظ صباحا على منحدر نحو مجهول، كل الطرق فيه مهيأة بالفعل والقوة للتنفيذ المستعجل. وحده شعبنا هناك هجرته النخب السياسية أو هجرها، ينتظر الذي يأتي ولا يأتي، يرفض كل الوعود، ويجهل لغة الإستراتيجيات، يؤسس قلعته الخاصة بقوانينها و مساطرها ، يشيد وطنا محاصرا من كل المداخل ومعرضا لكل المآسي. وطن يحتاج الى إقلاع حقيقي ترفع عنه الأيادي الفاسدة، وتضرب فيه بيد من حديد على كل من خولت له نفسه أن يجعل من شعبنا هناك مطية لمغامرة انتخابوية تحقق فقط كرسيا مريحا في قبة البرلمان، أو في مكتب من المكاتب المحلية المكيفة صيفا و شتاء، لتؤجل انتظارات شعبنا هناك، الجالس فوق مزبلة الزمن الرديء بامتياز في لابيطا وظهر الريشة والبورنيات وبلخياط و45 وفي كريان الحجوي وفي كل أحزمة الفقر التي تشكل وشمة عار في جبين من جعلوا فاس فضاء بلا معنى رغم كل تلك المجهودات التي ألقت الضوء على جزء من فاس، و التي ترفض أبوابها أن تقفل في وجه ساكنة الأبواب الأخرى، وتلك هي الطامة الكبرى التي لم تكن بردا وسلاما على كل من دبر مدينة المغرب العلمية، لتنتشر أحزمة البؤس في كل مكان، و ساهم فيها بقوة أباطرة الفساد العقاري و الإداري وخبراء الربح السريع في الظلام والمستنقع، بائعو الوهم للشعب المسكين الباحث عن الاستقرار الهارب من حرب الطبيعة والخاضع لرحمة السماء. ساكنة أحزمة الفقر بفاس: فتحنا النقاش مع والي الجهة ومجلس المدينة وراسلنا الحكومة وليس هناك نتيجة باب المحروق مرتع المشردين وعابري السبيل والباحثين عن لقمة العيش من جيوب المارة بدأنا جولتنا بمحطة باب محروق، تهاوت كل آمالنا أمام فضاء إذا سلم لنا في صور متناثرة لا يمكن تخيله أنه في فاس مدينة الطربوش الفاسي الذي انتقل الى دول مثل فرنسا وتركيا يحمل معالم الحضارة و فضاءات البهاء . سألنا من صادفناه هناك في الفضاء المحروق بالفعل، حيث أتى الزمن على الاخضر واليابس فيه وسط مقبرتين تحاصرانه وتنتظر لحظة خروج روحه بفعل القنينات الغازية التي وضعها أصحاب المطاعم المنتصبة بشكل عشوائي وسط المحطة الموحشة، مع عيون تترصد خطواتك وأنت ترصد بدورك خطوات القائمين والعابرين، لكن إحساسنا بالأمان لم يغادرنا في مكان كان فيه الأمن حاضر في مدخلي الفضاء الموحش. سألنا السيد مرابط محمد الملقب بعبد الكبير الكاتب العام لجمعية الاعمال الاجتماعية للمستخدمين عن وضع العمال ومطالبهم، قال نريد أن ينظم هذا المرفق لأننا لدينا غيرة عليه وهو وجه مدينة فاس، وهو معلمة تاريخية لا ينبغي إهمالها هي ملك للمواطن و السائح، مضيفا أنه اذا أردنا ان نجلب 20 مليون سائح في 2020 ونطبق النداء الملكي السامي فيجب أن تتحرك الجهات المسؤولة، بما فيها مجلس المدينة والولاية والمنتخبين والمجتمع المدني ونوحد الجهود بإشراك المهنيين . و اتهم مرابط المنتخبين الذين برفع أيديهم على برامجهم السياسية، مؤكدا أن منظمته كمجتمع مدني ستتوجه الى المشاكل مع الشركاء للقضاء على البطالة والبحث عن فرص الشغل. وقال الحاج بن عبد الله ممثل العمال، لقد فتحنا النقاش مع والي الجهة ومجلس المدينة وراسلنا الحكومة وليس هناك نتيجة والذي نطالب به هو تسوية أوضاعنا، مضيفا أنه منذ 2005 ليس لهم أي ضمانات قانونية، علما يقول المتحدث، أن الملك محمد السادس أعطى تعليماته للمسؤولين من أجل تسوية أوضاعم، ولكن لحد الآن لا مجيب. وقال مشيرا بأصبعه الى مأساة المحطة «شوفو الأوضاع المزرية».سألنا الحاج عن خبايا الأمور، قال بأن المحطة قنبلة موقوتة وهؤلاء الوسطاء ينبغي تنظيمهم مع مراعاة الأوضاع. تم قاطعه مرابط قائلا «لقد دعينا الى لقاء يجمع ممثلي مجلس المدينة والمستخدمين لكي يتم الوقوف عند المشاكل الحقيقية، وناشدنا جميع القطاعات الحكومية ونحن لا زلنا ننتظر». وأكد الحاج بن عبد الله أن المراقبين الصحيين لا يأتون لمعاينة المطاعم الموجودة بشكل عشوائي في المحطة، كما أن القنينات التي تجاوز عددها 120 قنينة غاز كبيرة وصغيرة تشكل قنبلة مؤقتة وخطيرة في غياب أي احتياطات وقائية، وأنه كمسؤول مدني يسعى الى تنظيم الفضاء لا الى طرد عمال المطاعم ومشغليهم. وتوجهنا صوب يونس عامل بأحد مطاعم المحطة، والذي طلب منا قبلا ان نستمع إليه، لكنه رفض الاجابة، مشيرا الى رئيسه الذي كان يراقبه قائلا «لا نطالب بشيء فقط بالصحة والسلامة،» مضيفا «هاهو المعلم». سألنا «المعلم» عن اسمه قال لنا بلبار عبد القادر قلنا له : «ما هو وضعكم القانوني هنا » أجاب أن وضع المحطة مزري، ومنذ 1996 ونحن نعاني من مشاكل عديدة، فكل المحلات بالمحطة مكثرات من الجماعة الحضرية، و لنا عقد يربطنا مع الولاية منذ 1994 كما لدينا رخصة وهي صالحة لحد الآن. وعندما سألناه عن استعمال قنينات الغاز في المحطة قال لنا حتى المطارات فيها قنينات غاز، قلنا له أن هناك مواصفات معينة في الاستعمال، قال لنا نحن لن نصل بعض الى هذا التقدم ، وأضاف أتريدون أن نستخدم الكهرباء، ذلك ليس في طاقتنا لأن مجرد استعمال ثلاجات للتبريد نؤدي فيها ثمنا فوق طاقاتنا. ولكن عندما نكون في دولة منظمة سيكون أمر آخر. انتقلنا للحديت الى أرباب النقل قال المتحدث العضو الذي رفض الكشف عن اسمه، إن البنية التحتية للمحطة متآكلة إضافة إلى المضاربات بين الشركات، مضيفا أن الحوار عن الوضع مفتوح بإستمرار، ولكن لا حياة لمن تنادي. حافة لابيطا بؤرة التوتر في فاس الشمالية أسبابها ملف اجتماعي ثقيل خرجنا من المحطة صوب «كهف العزبة» مررنا بحافة مولاي ادريس مشاهد كثيرة صفعتنا و أيقظتنا من حلم الجمال الذي طبعته كتب السياحة في أذهاننا لمشاهد تجر المدينة الى سنوات خلت، لكن مع تصادم السيارات بالعربات المجرورة بالبغال والحمير المعدة من الخشب وبقايا قطع السيارات المتآكلة. وفي الطريق الى حافة لا بيطا وقفنا في الجانب المطل على «منطقة 45 » قرب ولاد جامع في فاس الشمالية. قال خالد الطويل في الحي المجاور يوجد حي الوفاق مسكن «أمير» الارهابين عبد الحق مول السباط، وذكرنا خالد بالقضية النابعة من منطقة تمثل حزاما للبؤس وجيوب الفقر بالعاصمة العلمية، وفي المنطقة دور بلا مرحاض ولا كهرباء ولا ماء ومنازل مبنية فوق الجبل تشكل خطرا على ساكنتها، وهي مهددة بالانهيار في أية لحظة، دور تتكون من خمس طبقات لا تتوفر فيها أدنى شروط البناء وتأوي ما يزيد عن 15 أسرة. هي منطقة سبق أن عرفت انهيارا ترك عشرات الضحايا، وهي منطقة غير مختلفة على نظيراتها في حافة بنزاكور التي خلفت معطوبين ويتامى ومنكوبين. ومن بنزاكور الى عين النقي، حيث ينتعش فيها الفساد بمختلف مشاربه التي تقتل و تغتال الإنسانية في هوامش الوطن الجريح بأيادي الفساد القذرة. انتقلنا الى لابيطا وفي الحافة وجدنا أطفالا وشبابا يبحثون عن شيء مفقود في ركام الحجر والتراب، قال الطفل أسامة في جمل متقطعة تنم عن اضطراب نفسي ملحوظ :«نحن لا ندرس و نشتغل في الحافة في لابيطا، نريد إصلاح الحافة، أبي عاطل وأنا اشتغل بدل عائلاتي..» بدأ الأطفال يرددون نفس الكلام، نفس المعاناة، واقتحم تعبيرهم الطفولي عبد الله العلوي المراني: عسكري سابق قائلا:«الاحزاب السياسية أفسدت المشهد. لقد اتفق البرلمانيون وطردوا الشركة اليابانية التي كانت ستعمل على تهيئ الحافة لم يراع هؤلاء أوضاع أطفالنا الذين تركوا المدرسة وانخرطوا في متاهات هذه الحافة بجمع الفتات داخل الغبار.» وأضاف:«لقد فكرت في رفع شكاية، فالمسؤلون لا يمهم مصالحنا، وما يهمهم هم أولادهم، والأحزاب تمتطي ظهورنا للوصول الى مراكز القرار .. هؤلاء الاطفال سيتخرجون غدا منحرفين وقطاع الطرق ومجرمين. والسجون امتلأت من جراء هذه الحافة ..و مطالبنا هي تدبير هذه الحافة من أجل الأطفال، إنصاف هؤلاء الفقراء رغم الجهل و إيصال رسالتنا الى من يهمه الأمر . كريان الحجوي بناء عشوائي وأوضاع اجتماعية تدق ناقوس الخطر أثار انتباهنا في مدخل الكريان رجل يجر عربة، ذهبنا إليه وسألناه عن اسمه وأسباب مرضه، قال لي اسمي عزيز مبشور وحالته تعود الى سنتين خلت عندما أصيب في راسه ولم يستطع المشي بعد ذلك، وأنه حاول العلاج في المستشفيات العامة دون جدوى، وطلب منه المستشفى الخاص مبلغ 12مليون، لكنه لا يملك هذا المبلغ، مع أن وزوجته هي التي تتكلف بمعيشه اليومي. وسالت دموع الرجل وهو يتذكر أنه كان رب الأسرة ومتكفل بها بدريهمات من عمله كحارس سيارات قبل أن يشل ذات يوم وهو يمارس مهنته بدون ضمانات صحية، والآن هو تحت رحمة المارة يمد يده لمحاربة الزمن القاسي. في الجانب الايسر كان هناك الشاب كمال المخفي الذي يعد السندويتشات من البطاطس والبيض والطماطم والبصل والزيتون للمارة المتوجهين الى السوق العشوائي والباعة المتجولين وتلاميذ المدارس ورواد المسجد المجاور مقتنع بعمله درس الى حدود الإعدادي متزوج وأب لطفل يشتغل منذ ثماني سنوات. قال لنا إن الكل يستطيع أن يتغذى بدرهمين وخمس وعشرة دراهم . وافتخر الشاب أنه يهيء تسعين وجبة وسيصل للمائة، سألناه هل السلطات تمنعه في بعض الأحيان من مزاولة هذه المهنة، قال إن قائد الدائرة منعه من ممارسة هذه المهنة أمام المسجد وأعلمه بذلك مرتين متتاليتين وأخذ بعد ذلك عربته الى «الفوريان»، لكن عمله في سوق كريان الحجوي مستمر وعندما سيرحل كل هؤلاء الباعة من السوق سيفعل نفس الشيء. انتقلنا الى بائعات الخضر من النساء في نفس السوق سألناها منذ متى وهي موجودة بالسوق، قالت منذ عشر سنوات وهي زوجة فاقد للبصر لها ستة بنات مابين 12 و26 سنة و كن يشتغلن بمعامل الزرابي التي أقفلت، وحكت لنا كيف تتحمل مشقة التنقل من الفيرمات المجاورة لفاس الى سوق الحجوي لتبيع ما تيسر من الأعشاب الخضراء الموسمية قائلة «كل يوم ورزقو.. مرة أربع مائة ومرة ستة مائة»، سالناها كيف تتغلب على الزمن بهذا المبلغ القليل، لكن كانت الأجوبة غير مقنعة خصوصا وأن المرأة التي تحدثت إلى جريدتنا قالت إنها تكتري بيتا في لا بيطا ولها وعدادين للكهرباء والماء. قالت السيدة أن لا بيطا مكان غير آمن، وهناك فرص للعمل لبناتي، لكن خوفي عليهن جعلني أتحمل المسؤولية لوحدي . وفي الجانب الآخر حكت لنا زميلتها التي تبيع البصل واسمها بهيجة المالكي وعمرها 38 أنها تمارس هذه المهنة من السابعة صباحا الى الثامنة ولها خمس أبناء زوجة عاطل. ومثلها أمينة الهوى مطلقة تشتغل في السوق لمدة 14 سنة تعيش مع أهلها، تشتكي من عدم قدرتها على تحمل المعيش اليومي. وكثيرات كن هناك لا من يحاورهم خائفون من الزمن الرديء. الفعاليات السياسية والحزبية والجمعوية والمنتخبون يتحدثون عن أزمة فاس محمد الدباغ : أين ذهبت الأربعون هكتارا التي اقتناها الإتحاديون لفك الحصار عن فاس سألنا محمد الدباغ مناضل اتحادي خبر طرق التدبير المحلي للمدينة منذ السبعينيات، كيف تحولت مدينة فاس من معلمة تاريخية تبهر العالم بجمالها ورقيها وحضارتها الضاربة في عمق التاريخ مدينة العلم والمعرفة الى مدينة محزمة بأحزمة الفقر التي طوقتها من كل الجهات، قنبلة اجتماعية موقوتة لن يستطيع أي تدبير للشأن العام في أي مخطط إقتصادي تنموي معالجتها إلا بمخططات على المدى البعيد، في حين أن ساكنة أحزمة الفقر تطالب بحلول استعجالية، وأضفنا سائلين ضيفنا عن من المسؤول عن كل هذا التردي، أجاب الدباغ الذي بدى متأسفا على هذا المآل، أن فاس عاشت ظرفا خاصا بعد 1976 وهو نوع من الانتفاضة في الشعور بالمسؤولية والحماس لدى مواطنيها الذين اندمجوا آنذاك في الخطاب الحزبي للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان قويا يعبر عن المشاكل الاجتماعية لمواطني فاس، بوضع ثقة الكبيرة في الحزب، وكانت تجربة الإتحاد قوية جدا أعطت أربعة برلمانيين في المعارضة، والذين عبروا عن طموحات جذرية لحل مشاكل مدينة فاس، ومن جملة ذلك فك العزلة التي تمثلها البنايات العشوائية المحاطة بالمدينة، وكانت تقام اجتماعات متواصلة مع المسؤولين من أجل وجود حل. وجاء المجلس البلدي 1983 وكله اتحادي والذي عقدت عليه الآمال الكبرى ليحقق لساكنة فاس تطلعاتها. وقد قام هذا المجلس بمبادرات هامة جدا سجلنا فيها محاربة مدن الصفيح في دوار «ريافة» و «سريج كناوة» و«خارج السور» هذه المناطق التي كانت كلها بيوت قصدير في عالم قروي ، حيث قام المجلس بمجهودات جبارة جدا من أجل إعادة هيكلة هذه المنطقة وشراء أراضي كبدائل للقضاء على مدن الصفيح. ونفس الشيء كان بالنسبة لمنطقة مهمشة أخرى تعرف بمنطقة «الجنانات» التي عمل المجلس آنذاك بإعادة هيكلتها . وقال الدباغ إنه رغم كل الإيجابيات كانت هناك سلبيات من جملتها أن هذا المجلس لم يواصل محاربة مدن الصفيح على الخصوص في فاس الشمالية «ككريان الحجوي» و«عين قادوس»، حيث قام المجلس باقتناء ما يزيد عن 40 هكتارا كانت ستخصص لإتمام عمليات إعادة الهيكلة كما إعادة الاعتبار لمنطقة «البورنيات» التي تعج بالنمو الديموغرافي، لكنه مع الأسف لم يقع التسريع في هذا البرنامج وبقي هذا الرصيد العقاري الهام بيد مجلس بلدي آخر.... وأكد محمد الدباغ أن المجلس البلدي لفاس لا يتوفر اليوم على عقار في الوقت الذي كنا بالأمس وخلال تدبيرنا للمدينة، إذا بعنا عقارا نشتري آخر . وعندما كنا في رئاسة المجلس البلدي1997 رفعت شعارات إنقاذ فاس الذي هو نداء اليونسكو، فتعاقدنا مع البنك الدولي من أجل الحصول على قرض لإنجاز مشروع هام، لكن هذا القرض اعترضته عراقل ومساطر معقدة ، وأنجز منه شيء وترك الباقي، وبالتالي لم يتشجع البنك الدولي من أجل استكمال هذا البرنامج رغم اننا هيأنا أرضية لتنفيذ المشروع كمدبرين وشركاء وبعد ذلك اندثر هذا الحلم . لقد أعدنا هيكلة وكالة إنقاذ فاس، وأصبحت وكالة هامة - يضيف الدباغ - إلا أن أكبر عائق واجهنا ووضعنا بخصوصه عدة مقترحات هو وزارة الأوقاف التي لها رصيد عقاري مهم في المدينة، وخصوصا في المدينة القديمة، ولكنها لم تهبنا أي شي مهما أن هذه العقارات مهدمة وآيلة للسقوط وتحمل البلدية نفقات باهرة. ناهيك عن الوضعية المرة ل 1800 منزل آيلة للسقوط . ويرى ضيفنا أن فاس اليوم في حاجة ماسة الى أحزاب قوية لإعطاء شحنة لمواطنيها بشكل تدريجي . فالمواطنون اليوم لهم يقين أن الأمور تسير بالرشوة والمحسوبية .لكن بإمكان الاتحاد الاشتراكي أن يستعيد فيها قدرته وقوته. و المناضل عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله كان يقول إذا أصبحت فاس قلعة إتحادية فالمغرب سيكون كله اتحاديا، وفي الجانب الآخر كان أوفقير يقول إن الخوف لا يأتي من الدارالبيضاء أو مراكش، بل الخوف يأتي من فاس. ووضعنا الدباغ في صورة استطلاعنا ووقوفنا على الأزمة الكبرى لفاس، وقلنا له إنه من الصعب اليوم أن يكون الحل انفراديا لأي حزب كيفما كانت براعة مخططاته، وسألناه هل الحل يكمن في الجهوية الموسعة، في اللا تمركز أم في إحداث وكالة كبرى للتنمية فيها شركاء يعوا حجم التحديات، قال الدباغ إن الحل في هذا الكل، ولكن يكمن أولا في الذين يعتبرون أنفسهم أداة للإصلاح أن يصلحوا أنفسهم، وأعني بذلك إصلاح ذوات النخب السياسية الحزبية من أجل إنجاز تصورات موضوعية، وهذا الأمر صعب لكن ليس مستحيلا، إذا توفرت الإرادة، ومن هنا تكون البداية. زد على ذلك أن الأمر يتعلق بحكومة في تدبير المدن الكبرى ومن أجل الإنصاف فحكومة التناوب أعطت أهمية كبيرة لذلك. عبد العزيز العبودي: فاس تحتاج الى تشجيع ضريبي لهيكلة وحدات صناعية وخلق معاهد خاصة لتسيير المقاولات. ذهبنا الى مكتب الخبير الاقتصادي النائب البرلماني الاشتراكي وعضو لجنة المالية بالبرلمان عبد العزيز العبودي ، حاملين سؤلنا حول التحديات الاقتصادية التي تواجهها فاس انطلاقا من الاستطلاع الأولي الذي قمنا به والمؤشر عن التردي الاجتماعي الملحوظ والمحاط بفاس من كل مداخلها مع التفاوت في الهشاشة. قال العبودي إن فاس تقع في منطقة محاطة «بجبالة»و«تازة» و«شراقة» و«بن سادن» و «ولاد جامع» الى غير ذلك من مناطق الهامش ، وعدد منهم هاجر الى فاس وأكثرهم جاء باحثا عن العمل خصوصا في فترة الجفاف في الثمانينيات عندما كانت فاس تحتل المرتبة الثانية على مستوى الاقتصادي والوطني. لقد كان القطاع العصري في هذه الفترة والممثل في وحدات صناعية في سيدي براهيم وبنسودة الى آخره في أوجه ، وأصبح هذا القطاع العصري يتغذى باليد العاملة الآتية من القرى المجاورة مما أدى بالعمال الذين يتقاضون أجورا بسيطة الى البحث عن موارد أخرى مما يؤشر على أن مفهوم الطبقة العاملة لا ينطبق على هؤلاء. وأدى هذا الوضع الى بروز ظواهر غريبة يصعب تصنيفها ، ونظرا لهذا الوضع الهجين توقفت المعامل وهاجر المتضررون الى مدن إخرى كالدارالبيضاء ودول أخرى في افريقيا. وأضاف العبودي أنه لم يعد لفاس فضاء مطمئن للاستثمار نظرا لتفشي الفساد العقاري والمالي والإداري، والفساد الانتخابي مما نتج عنه شلل كبير في كل القطاعات، وفي هذا المشهد المشحون بالتوترات وسوء التدبير وتفشي المضاربات في الأحياء الصناعية اختار المستثمرون مدنا أخرى. أما المدينة القديمة فحدث ولا حرج لقد أغلقت كل منافذها في غياب تام لموقف السيارات ، والولوج الى ممراتها محاط بالخوف من سقوط المنازل الآيلة للسقوط، وبدى التجار الصغار في وضعية صعبة لم يستطع الكثير منها الحفاظ على مكان له كصانع تقليدي أمام بروز التجار الكبار الذين توجهوا الى المواد الاستهلاكية المدرة للأرباح. وعلى العموم فمشكل التجار الصغار في المدينة القديمة مشكل كبير ويحتاج الى تصور شمولي للنهوض بالقطاع المتضرر بسبب غياب بنية تحتية ومكان للعرض فيه المواصفات السياحية والبيئية والجمالية في خلق تنافسية حقيقية أدى غيابها الى شبه جمود في قطاع الصناعة التقليدية بل الى وضع كارثي بكل المقاييس . إن فاس، يقول عبد العزيز العبودي، هي ضحية سوء تدبير كما هي ضحية الهجرة القروية التي استغلت في مشاهد انتخابوية صاخبة وتركت تكرس عالما غريبا على مدينة كان من المفروض الحفاظ على رمزيتها الحضارية والعلمية ، حيث ترك مجالها للفساد والتسيب حتى أصبحت محزمة بفضاءات الهامش التي انتجت جيلا يصعب اليوم التحكم في تكوينه وإدماجه بشكل آني، إذا أن الأمر يحتاج الى تخطيط في رؤية شمولية في التربية والتعليم والسكن والصحة والأمن . إن فاس في أزمة وأطرافها متعددة ومتشابكة ساهمت فيها التراكمات وحلولها هي شأن تتضافر فيه جهود محلية في مختلف المجالات بدعم الدولة . وللخروج من هذا النفق ينبغي وضع اقتصاد آمن لكي يطمئن المستثمر الذي يتوجه الى فاس، وأن تكون هناك يدا عاملة لها ثقافة البناء لا التخريب يكون فيها صاحب راس المال شريكا استراتيجيا للنهوض بأوضاع منطقته وبالتالي أوضاعه، كما هو الشأن بالنسبة للدول المتقدمة. فثقافة العامل بفاس متأثرة كثيرا بالخطاب السائد في الجامعة مع وجود الجامعات بكثرة والتخصصات غير مطابقة لما يطالب به المستثمر، وهذا في حد ذاته مشكل. مع الإشارة إلى أن فاس مازالت تحافظ على كونها عاصمة علمية، وطلبتها دائما متميزون . والاستثمار يحتاج الى بنيات تحتية أولها وجود أحياء صناعية مهيكلة بجميع مرافقها تكون منتجةو الشيء الذي تفتقده مدينة فاس نتيجة المضاربات التي تحصل حول الأحياء الصناعية إضافة الى غياب مفهوم السوق في المدينة نتيجة عدم ربط المدينة بشباكات الطرق السيارة سواء الى الشمال أو الصحراءو مما يجعل المدينة معزولة، وهناك الطريق السيار الى شرق المغرب عبر تازةو لكن يتبين أنه غير مجدي، فمازال هناك تمركز للسلع بالدارالبيضاء . إضافة أن المستثمر يبحث عن سوق للبيع، وهذا مشكل يحتاج الى كفاءات. وفاس من جهة أخرى تحتاج الى تشجيع ضريبي لهيكلة وحدات صناعية وخلق معاهد خاصة لتسيير المقاولات لخلق دينامية. عبد العزيز اللبار رئيس المجلس الجهوي للسياحة فاس - بولمان يدق ناقوس الإفلاس فاس ضحية تراجع الحكومة عن التزاماتها وقال رئيس المجلس الجهوي للسياحة لجهة فاس - بولمان عبد العزيز اللبار أن المجلس الجهوي للسياحة على وشك الافلاس، حيث لم يجد الإمكانيات المادية لتسديد أجور الموظفين و المستخدمين، وذلك ناتج لعدم تمكن المجلس من المنح المخصصة له من طرف مجلس المدينة والمتجلية في 80 مليون سنتيم، ثم مجلس الجهة الذي عادة يمكن المجلس من منحة 150مليون سنتيم، معتبرا أن الأزمة الاقتصادية العالمية وأحداث أركانة الارهابية، كانت وراء تراجع القطاع السياحي بصفة عامة و جهة فاس - بولمان على وجه الخصوص، مضيفا بأن هذه الجهة كانت وجهة سياحية بامتياز إلا أن تراجع الحكومة عن التزاماتها خاصة في ما يخص تخفيض الاثمان للرحلات الجوية لكل الشركات التي كانت تقوم برحلات منتظمة لمطار فاس - سايس، ثم تراجعها حتى عن الرحلات المبرمجة العادية، جعل فاس خارج التغطية الجوية . وفي هذا الصدد يتساءل رئيس المجلس الجهوي للسياحة عبد العزيز اللبار عن تملص مجلس المدينة ومجلس الجهة عن وعوده . كما ناشد الحكومة إعادة النظر في الأثمنة مع شركات الطيران وعدم الزيادة فيها، حيث أصبحت حاجزا جعلها تلغي العديد من الرحلات. كما تساءل عن أسباب برمجة الخطوط الملكية المغربية الجوية للعديد من الرحلات ثم دون سابق انذار يتم الغاؤها مما يؤثر على السائح والقطاع السياحي بصفة عامة . وقد اعتبر عبد العزيز اللبار أن استمرار الوضع السياحي على ما هو عليه يعني إفلاس القطاع بجهة فاس - بولمان التي أصبحت العديد من الوحدات الفندقية بها، مهددة بإغلاق و تسريح المستخدمين والعمال مما يؤثر كذلك على الصناعة التقليدية والصناع الذين يوجدون اليوم في وضع صعب ، مضيفا أن الدول التي تعتمد على السياحة في مثل هذه الأزمات تكون بجانب القطاع، «حيث تقدم العديد من التسهيلات والمساعدات الا نحن نزيد الطين بلة». وقد سبق لعزيز اللبار أن أكد أن فاس هي الأضعف على المستوى السياحي مقارنة بباقي المدن العواصم (مراكش، مكناس، الرباط). وهذا التدهور كانت له تداعيات اجتماعية، خاصة أن فاس تقع بمحاذاة مناطق فقيرة. معتبرا الجهاز الأمني يقوم بدوره في مكافحة الجريمة، وتوفير الأمن لا يعني رجل أمن لكل مواطن، علما أن جرائم السرقة والنشل موجودة بكافة الجهات المغربية. وما ينبغي التركيز عليه هو الجرائم الاقتصادية المرتبطة باختلالات تدبير الشأن المحلي (الصفقات المشبوهة، تفويت الملك العام بأثمان بخسة، مراكمة الثروات في ظرف وجيز على حساب الساكنة..)، والتي ساهمت في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتفشي الفقر وارتفاع نسبة الجريمة. ولهذا - يضيف اللبار- لابد من تشجيع الاستثمارات لامتصاص البطالة، وذلك لن يتم دون تسريع المساطر الإدارية ومحاربة الفساد. فغياب الاستثمارات بالجهة التي ترتبط في شق كبير بالتسيير المحلي، وكذا غياب مخطط اقتصادي لدى المجلس الجماعي لفاس الذي يظل هاجسه الأكبر هو اقتصاد الريع، وكذا تفشي المضاربات العقارية، كل هذا يساهم في نفور المستثمرين، وبالتالي تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
هشام شقور: نائب عمدة فاس: نلتمس أن تكون لفاس وكالة للتنمية وحل إشكالية جهة فاس بولمان يحتاج إلى دفع اقتصادي واجتماعي بتعاون من الدولة لدعم المشاريع الكبرى. حملنا هموم المواطنين وما تقصينا حقائقه انطلاقا من فضاءات هشة وهامشية كما حملنا سؤال قلقنا الى مجلس المدينة بعدما هاتفنا عمدة المدينة حميد شباط لكن هاتفيه ظل يرن دون جدوى ووجدنا عذرا للرجل بعد علمنا أنه كان مشغولا في انعقاد لجنة حزبه المركزية، فاتصلنا بنائبه هشام شقور الذي أبدى استعداده الكبير لإستقبالنا بعد اجتماع له داخل الجهة. سألنا شقور عن خريطة فاس التدبيرية، ما الذي حققه المجلس وما الذي لم يتحقق وما هي الإكراهات التي تواجهم، قال نائب العمدة أن تدبير الشأن المحلي والعام تشوبه إكراهات كبرى وبالتالي عندما استلمنا تدبير المدينة منذ2003 الى اليوم مباشرة وقفنا عند العديد من الاكراهات الكبيرة أولها عجز في المداخل أمام المصاريف لاعتبار أن مطالب المواطنين تفوق المداخل، فقمنا بدور كبير بتحصيل المداخيل مررنا فيه من مدخول 2004 أي الذي بلغ 28مليار سنتيم الى 60 مليار اليوم. كما قمنا بمقاربة تعبئة العقار كعقار معمل الخير الذي كان لا يتعدى 4 مليار سنتيم والذي توجد فيه اليوم مقرا للجماعة هو جاهز وكذلك حافظنا على جزء منه أكوابارك وحديقة بمساحة 7 هكتارات كما تم تسجيل وتحفيظ الطرقات في اسم الجماعة وبيعت منه فقط 11 هكتار بما يناهز 80 مليار، كما قمنا بتعبئة قطعة أرضية «جهة السلام» في إطار تجزئة ومدخولها 20 مليار سنتيم . وأضاف شقور أننا نهجنا سياسة جديدة بعدما تعاطينا مع صندوق التجهيز الجماعية بحيث لم نكن نعرف كم نقترض وكم سنؤدي، حيت أصبحنا نعرف اليوم أنه سنويا ينبغي تأدية 8 مليار سنتيم ، وبنينا على هذا التوقع تصوراتنا، وذكرنا شقور بتدبيرات الداخلية سابقا التي تتحدث عن الوكالات المستقلة للماء والكهرباء حيث كانت الديون متراكمة، ووقع مشكل كبير حيث أن رئيس المدينة لم يشأ تأدية الفاتورة إلا بعد تسلم الفواتير، وأقيمت عدة اجتماعات مع مديرية وزارة الداخلية ووصلنا في الأخير الى عقد اتفاقية وهي عبارة عن برنامج نعرف من خلاله قيمة الفاتورة التي تصل الى 3 مليار يدخل فيها الاستهلاك والتجهيز. وقال نائب العمدة أن هذا التدبير العقلاني جعلنا نأخذ على عاتقنا توسيع الطرقات أمام تزايد عدد السيارات. وأضاف أن مشكل الاحتقان الاجتماعي الواقع في المدن الكبرى ومنها فاس هو احتقان يحتاج الى جواب حكومي دون أن يستبعد المسؤولية المحلية، مؤكدا أن المجلس قدم مجهودات كبيرة في الطرقات والكهرباء والبيئة بغلاف يناهز 200 مليار سنتيم، ولحد الآن لا زالت هناك مجموعة من الطرق مبرمجة لإصلاحها لنؤهل المدينة من هذه الناحية . ومن الإيجابيات ذكر نائب العمدة بإنجاز 11 قاعة رياضية، مما يفوق عدد القاعات في الكثير من المدن بحيث عمل المجلس في إطار سياسة القرب على بناء قاعات متعددة الاختصاصات من عين النقبي الى عين عمير الى بنسودة ومن أطراف المدينة الى وسطها، وأخذنا مداخيل المدن لإصلاحها وكذلك بالنسبة لمساحات الخضراء، وما زال هناك مجهود كبير فيها ، إضافة ألى إعادة مجموعة من الأحياء وكذلك التطهير، وهي مسائل لا يراها المواطن بشكل مباشر، وهذا الأمر فيه مصاريف كبيرة ، لا يراها المواطن، لكنها تحل مشاكل كبيرة، فرغم الامطار الكثيفة التي تهاطلت على فاس في خمس سنوات أخيرة لم نر أي مشكل يذكر عكس باقي المدن التي تعاني من تعقيدات في الأحياء . وكانت هناك مشاريع متوقفة في هذا الاتجاه - يضيف نائب العمدة - لكن أحييناها كالمركب الرياضي وقاعة 11 يناير والمركب الثقافي الحرية الذي سرعنا بإصلاحه. والمكتبة الوسائطية التي انجزت في إطار الاتفاقيات مع مدن أوروبية أهمها ستراسبورغ وبرشلونة. وذكر نائب العمدة مكتبات أخرى متعددة الاختصاصات والموزعة في عدد من الأحياء، ناهيك عما تقوم به المقاطعات في نهج سياسة القرب في جميع المجالات، وقال شقور أن مجيئنا الى مكتبه كان بعيد إنهاء اجتماع للجنة المالية التي سيصادق على قراراتها في دورة الاثنين 21/1/2013 لمجلس الجهة ، والتي سيعمل فيه على تنفيذ مشاريع في العديد من الأحياء بفاس. ولم يغيب شاقور الإكراهات التي تعرفها الجماعات المحلية، لكن هناك وحدة المدينة التي تدفع الى التنسيق. وقال نائب العمدة إننا نتمنى ونلتمس أن تكون لفاس وكالة للتنمية تعطي دفعة للعاصمة العلمية حاضرة مولاي ادريس ولولا تدخل اليوطي لكانت العاصمة الادارية، على غرار مجموعة من الجهات التي استفادت من أمور خارج الميزانيات الجماعية والتي أعطت في إطار التوجه الجديد للملك محمد السادس إحداث وكالات للتنمية كوكالة تنمية الأقاليم الجنوبية والشمالية والشرقية ووكالة للدار البيضاء الكبرى وكالة ابو رقراق والتي عرفت مشاريع كبرى مهيكلة تفوق ميزانيات الجماعات . وقال شقور إن حل اشكالية الجهة ككل وهي جهة فاس بولمان يحتاج الى دفع اقتصادي واجتماعي بتعاون من الدولة لدعم المشاريع الكبرى. فالمستشارون يعملون ما في وسعهم لكن بميزانية لا تناهز 60 مليار سنتيم ولا يمكن أن نواكب التحديات بها . وحول تسائلنا عن غياب الوعاء العقاري للمجلس، قال شقور إن هذا سؤال هام، فالعقار يقصد به المشاريع التي كانت قبل 2003 والتي حصلت فيهم المدينة ما قيمته 100 مليار سنتيم، بمعنى أن هناك مدخولا مع الحفاظ على جزء هام منه للمساحات الخضراء ومقرات للجماعات ووفر لنا ملايير لتحسين البنيات التحتية للمدينة وحصلنا على رصيد عقاري في منطقة الشراردة في طريق مولاي يعقوب حوالي 200 هكتار، ونحن نقترح تحويل العديد من الأحياء الإدارية الى هناك، كما لنا مشروع مكتبة كبرى ستكون هي الأكبر في إفريقيا في اطار الاتفاقية مع مكتبة الإسكندرية لنرسخ الدور الثقافي والحضاري لهذه العاصمة العلمية. ولدينا توجه أن لكل منطقة في المغرب خصوصيتها . ناهيك أن هناك مشروعا في اطار الأورومتوسطي في إحداث جامعة أورومتوسطية تضم 300 أستاذ جامعي من كبار الأساتذة الجامعيين من الفضاء المتوسطي وهذه من المشاريع المهيكلة في إطار الاتفاقيات. وسألنا نائب العمدة عن الاوراش التي تفتح وتعرف بطء في الإنجاز وكذلك الأسواق العشوائية واحتلال الملك العمومي والتي لا يعرف المواطن طرق تدبيرها، قال شقور بالنسبة للمجلس لا يخرج الصفقات الى الوجود إلا وتكون الميزانيات مرصودة وفيما يتعلق بالبطء فله مسببات تقنية تتعلق بطبيعة الجو فالأمطار تمنع الشركات من الاشتغال وليس لها مصلحة في ذلك. ونتمنى أن يتقبل المواطن ذلك. وأضاف نائب العمدة أن هناك مجهودا كبيرا يبذل فيما يخص الحيلولة دون السطو على الملك العمومي ولكن نتمنى أن تقوم السلطات بكل مشاربها في إطار دورها على الحد من هذه الظاهرة التي استفحلت وشوهت معالم المدينة التي صرفنا فيها ملايير لكي تكون في مستوى التطلعات. قاطعنا شقور، متسائلين هل هناك بدائل فيما يخص الأسواق العشوائية علمنا ان المجلس له مشاكل فيما يخص الوعاء العقاري، قال إن المجلس يملك بدائل في هذا المجال. مشيرا إلى تصور لم يقبل من قبل والذي أتى به عرفة عندما كان واليا عندما بنى بدائل في الأملاك العمومية للباعة المتجولين، ولكن هؤلاء الباعة استغلوا امتلاكهم للدكاكين تم بيعها من جديد للخروج الى الشارع بحثا عن مكان جديد، الشيء الذي وضعنا أمام أزمة جديدة فأصبحت هذه المقاربة غير ذات جدوى . و أكد نائب العمدة لجريدتنا أن مقاربة المجلس اليوم وضع اتفاقية مع السلطات المحلية والمتدخلين والمجتمع المدني من ممثلي الباعة المتجولين أن تكون هناك مقاربات على غرار المقاربات الأوربية في إحداث أسواق متنقلة بين مجموعة من الأحياء التي يؤدى ففيها جزء تدبيرها لشركة بمساهمة شركة النظافة في زمن محدد يوميا حيص يصبح المشكل موزع على مجموعة من الأحياء . أمام غياب رؤية تنموية شاملة بفاس الأمن يعمل على الرؤية الاستباقية للحد من الجريمة لم يفتنا أن نتساءل عن الوضع الأمني في فاس بعدما لفت انتباهنا ونحن نتصفح أكثر من موقع إلكتروني التركيز على فاس بإعتبارها بؤرة لغياب الأمن أو «انفلاته» كما يحلو للبعض التعبير به عندما تحدث جريمة بشكل انفرادي في فاس أو الجوار. فعلا أخافنا هؤلاء من الولوج الى الفضاءات الضيقة والمهملة اجتماعيا واقتصاديا في المنطقة، لكن تجربتنا في التحقيق الذي قمنا به آمنين جعلنا نقف عند المفارقة الكبيرة بين القول والواقع. فوحدهم رجال الأمن من شبابنا يقفون في كل مكان حتى أنني قلت لخالد الطويل لقد دخلنا فاس آمنين وخرجنا منها متألمين في غياب «الأمن الاقتصادي» الذي ينبغي أن يفعل من خلال تنمية تعي حجم الإكراهات، يشارك فيها مدبرو الشأن العام محليا ووطنيا. كما قلت لخالد، وبكل حياد وموضوعية، إن تصريح وزير الداخلية بالبرلمان ينطبق على رجال الأمن بفاس عندما قال في جوابه عن سؤال الاستراتيجية الأمنية الجديدة بالمغرب الذي تقدمت به بعض فرق المعارضة، أن «المصالح الأمنية تبادر بالسرعة اللازمة إلى اتخاذ ما ينبغي من إجراءات لإعادة الشعور بالأمن لدى المواطن» . مشيرا إلى أن الوزارة ستواصل تفعيل استراتيجية مندمجة تهدف إلى الحفاظ على الشعور بالأمن لدى المواطنين خاصة عبر تقوية الحضور الفعلي لعناصر الأمن بالشارع العام للقيام بمهمات وقائية وردعية واتخاذ عدد من التدابير الأخرى المتمثلة أساسا في إحداث مناطق للأمن ودوائر إضافية من أجل تقريب خدمات الشرطة من المواطنين وتحسين مستوى التأطير الأمني.. ورأى الكثير ممن شاركونا في الإجابة عن تساؤلاتنا أن هناك انخفاض ملحوظ في معدل الجريمة بالجهة، مما يكشف عن التحريات الميدانية التي يقوم بها رجال الأمن داخل الأحياء التي تتفشى فيها الجريمة لتوفير الأمن للمواطنين برؤية استباقية ينبغي تعميقها في كافة تراب الجهة علما أن أسباب الجريمة، يضيف محاورونا، تعود إلى تدهور اقتصاد جهة فاس - بولمان، المرتبط بضعف الاقتصاد الوطني. ففاس التي كانت تصنف الثانية اقتصاديا بعد الدارالبيضاء في التسعينيات أصبحت الآن تحتل المرتبة 14 وطنيا. كما أن فاس هي الأضعف على المستوى السياحي مقارنة بباقي المدن العواصم (مراكش، مكناس، الرباط). هذا التدهور كانت له تداعيات اجتماعية، خاصة أن فاس تقع بمحاذاة مناطق فقيرة. وقال جواد الكناوي، المحامي بهيأة فاس في تصريحات سابقة للإعلام أن هناك متغيرات كبرى وقعت في فاس مثل البطالة، الهدر المدرسي.. حيث سجلت في الآونة الأخيرة جرائم مرتكبوها قاصرون، وهذا مشكل لأن الهدر المدرسي وعدم تلقين المنقطعين عن الدراسة حرفة معينة، يؤدي الى ذلك، وأكد جواد الكناوي تراجع دور الصناعة التقليدية في إدماج صغار السن أمام تراجع الإقبال عليها من طرف السكان، وهو ما يجعل القاصرين يلجون أبواب الجريمة في سن مبكر، بالإضافة إلى عامل عدم الاستقرار في بعض الأسر، ووقوع الطلاق يبقي احتمالا كبيرا لانحراف الأبناء إضافة الى عامل فقدان فاس دورها الريادي في المجال الصناعي. وأعتقد الكناوي أن فتح المجال للاستثمار سيساهم في الحد من تفشي الجريمة، لأن الساكنة حينما تجد نفسها أمام صعوبات تجليات هذه المعادلة على أرض الواقع. آنذاك كل فئة اجتماعية تحاول أن تخلق لنفسها مسارا معينا، بالإضافة إلى ضعف البنيات الثقافية والرياضية وهشاشة البنيات التحتية.