لم يستطع المغرب إلى حدود الآن أن يعلن «رفضه القاطع» لاقتراح السلطات الهولندية تعديل الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالحماية الاجتماعية التي يعود تاريخها إلى سنة 1972، كما فعلت تركيا، التي يوازي ثقل جاليتها في هولندا، ثقل الجالية المغربية. لقد فضلت السلطات المغربية عدم الرد على اقتراح التعديل، الذي يمس ذوي حقوق المتقاعدين المتوفين الذين يعيشون في المغرب من أرامل ويتامى، وفضلت الصمت بالرغم من الدعوات المتكررة لوزارة الشؤون الاجتماعية والشغل الهولندية، ما جعل السلطات الهولندية تعتبر ذلك «تعنتا»، مما فرض عليها المرور إلى السرعة الموالية عبر توجيه الضمان الاجتماعي الهولندي نهاية شهر نونبر المنصرم إشعارات إلى ذوي الحقوق تخبرهم بتخفيض 40 بالمائة من التعويضات العائلية، ابتداء من هذا الشهر. وكانت السلطات الهولندية قد أدرجت هذه السنة الماضية مبدأ بلد الإقامة بدل العمل في لتحديد قيمة التعويضات العائلية، ما يفيد أن الأشخاص المعنيين (الأطفال والأرامل أو اليتامى) سيتوصلون بمنحة الدولة الهولندية وفق مستوى عيش بلد الإقامة. لقد رمى الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج، عبد اللطيف معزوز، الكرة في مربع أرامل ويتامى يعيشون على التراب المغربي سبق لأزواجهم ولآبائهم أن أفنوا زهرة شبابهم للمساهمة في إعلاء درجات أراض منخفضة هناك في الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط حين قال «إن أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج المعنيين مدعوون الآن إلى الطعن في هذا القرار بشكل فردي في الآجال المحددة»، دون أن يقترح إجراءات ملموسة مصاحبة لكلامه. غير أنه بدل تشجيع خطوات الطعن «بشكل فردي في هذا القرار داخل ستة أسابيع، حيث تبنت «مؤسسة العائدين» توجيه 131 شكاية إلى الضمان الاجتماعي الهولندي، وايضا تبني الجمعيةالمغربية لمساعدة المهاجرين تسليم بنك التأمين الاجتماعي الخاص بالتعويضات الخارجية في مدينة لايدين الهولندية 720 اعتراضا على القرار، الذي أصبح قانونيا بعد مصادقة البرلمان الهولندي عليه، انخرط المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج في متاهات النقاشات الجانبية المتعلقة بالاتفاقية التي تارة تتخذ صبغة دبلوماسية وأخرى تقنية، وأخرى «فرقعة إعلامية.» هكذا لم يستحضر الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج، وهو يتلفظ بمثل هذا الكلام بمدينة الحسيمة مؤخرا، معقل المهاجرين المغاربة إلى هولاندا، أن نساء المتقاعدين المتوفين الذين يعيشون في المغرب يصل عددهم ما يقارب ألف أرملة، لا يتحدثن في غالبيتهن إلا لهجاتهن المحلية، وأن اليتامى من أبناء هؤلاء، الذين يبلغ عددهم حوالي 4500 طفل لا حول ولا قوة لهم لملامسة البلاد الهولندية، فما بالك بالتقدم أمام المحاكم بالاراضي المنخفضة للطعن في قرار يقضي بتخفيض 40 في المائة من التعويضات العائلية ابتداء من يناير 2013 . لقد اختارت الرباط، التي لا تتوفر منذ حوالي سنة ونصف، ولاهاي عاصمة الأراضي المنخفضة، على سفير لديها يمثل المملكة المغربية، «أن تحدث خلية وزارية مكونة من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون ووزارة التكوين المهني والوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج لتتبع تطورات هذا الملف عن كثب». ويذكر أن مدينة الناظور تتصدر قائمة المدن التي تأوي أرامل هولندا، إذ يبلغ عددهن 213 أرملة، تليها الحسيمة 96 أرملة، وورزازات 62 أرملة، وطنجة 42 أرملة، وتطوان 39 أرملة، وتازة 36 أرملة، وبركان 31 أرملة، وأكادير 27 أرملة، ومكناس 21 أرملة، ومراكش 15 أرملة، والدار البيضاء 12 أرملة، والعرائش 11 أرملة، وكلميم 10 أرامل.