حاولت أن أفهم «لوغاريتم» السيد عبد الله بوانو في قضية «قياديين من العدالة والتنمية في قفص الاتهام» ورده عن ذلك في تصريح ليومية المساء. لم أع العقل الذي يتحدث عندما يقول إن «تحريك المتابعات بشكل متزامن يسعى إلى التشويش على التجربة الحكومية»، في حين أن الذي يحرك المتابعات، منطقيا هي النيابة العامة، ورئيسها، كما هو معروف، السيد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، أو على الأقل، أنه هو الذي يفترض فيه أن يفعل ذلك. لنترك السيد مصطفى الرميد، في معادلة زميله بوانو، ونتساءل مع الحائرين: كيف تكون متابعة أناس آخرين، من أحزاب أخرى أو بلا انتماء، نظريا تدخل في سياق محاربة الفساد، وتكون متابعة رؤوس العدالة والتنمية لنفس الأسباب تماما أكثر، تشويشا على التجربة. إن الجواب الذي يبدو منطقيا هو أننا في دولتين اثنتين!! ولماذا لا، في عالمين متوازيين، على طريقة العالم الكوانطي. عالم فيه متابعة السيد جامع المعتصم، وهو رجل نقابي من الحزب، و يشغل اليوم رئيس ديوان رئيس الحكومة. وقبل أن يكون في منصبه كان قد تولى تدبير شؤون بلدية سلا، ورأت العدالة أنه يجب أن يجيب عن بعض الأسئلة، وتم اعتقاله على ضوء ما قدمته من تقارير. قامت القيامة وأظهر الحزب الحاكم اليوم، والمعارض الكبير يوم أمس، عن مساندة مطلقة لنقابيه المعتقل، ورفع سقف القضية إلى درجة أن 20 فبراير لم تكن كافية لكي ينزل بنيكران إلى الشارع للدفاع عن زميله، وفضل أن ينتظر قليلا، إلى حين تشكل المجلس الاقتصادي والاجتماعي لكي يخرج معتصم من القضبان ويذهب مباشرة إلى المسؤولية الدستورية الجديدة. جامع المعتصم تحركت ضده قضية أخرى «أدركته» كما يقول أهل الأدب القدامى، بعد أن نسيها في ما يبدو. وتتعلق حسب ما أوردته الصحافة بملف تعاونية سكنية أثناء ترؤسه لها في حي أفراك بالمدينة. المدير الكبير للرئيس الكبير لم يحضر، والعهدة على الزملاء في«الصباح» أربع جلسات متتالية، لأنه مشغول بمصير البلاد فيما يبدو، وهو على كل حال ضروري لنجاح التجربة التي يتم التشويش عليها. الملفان فيهما ما هو عاد، وما هو يطرح أسئلة كبيرة. والمهم أن المعتصم بريء إلى أن تثبت إدانته، لا العكس، ويتهم من أثار ملفه. عندما كان رئيس الحكومة يتحدث في اكوراي في مكناس كان يفتخر أن «الحيتان الكبيرة» بدأت تدخل إلى السجن، وهي على كل «حيتان» افتراضية سيرت سنوات قبل أن تصبح حيتانا، وإذا تعلمت، كما يزعم، السباحة في المياه العكرة، فقد فعلتها بعد سنوات طويلة، لا أن تكون السباحة سابقة عن تحول صاحبها إلى حوت. بعبارة أخرى «كون حوت بعدا واسبح »!! ماشي تسبح قبل ما تكون حوت كبير! على كل حوت آخر، سمين، ولا يمكن أن تغفله الصحافة، بدأت أطوار مساهماته في تنشيط الصفحة القضائية قبل وصول بنيكران إلى الحكومة. وهو عمدة مكناس السابق السيد بلكورة، والذي يتبع بدوره حسب ما بقي عنه من ذكريات تخص عمودية المدينةالإسماعيلية. ويبدو أن «الحكومة عندها الراكد»، لأنها تتبرم من هذه المحاكمات وتعتبر أن تحريكها اليوم يعني أنها قد تفاجأ بمخاض لا تقدر عليه، كما أن متابعة مواطن آخر، من درجة ذهبية، عبد المولى الذي تحول بين الانتماءات السياسية، يقلق السيد بوانو رئيس الفريق النيابي للعدالة. والحال أن الرجل قد جاءهم من أفق آخر، أفق المال وله علاقة كبيرة مع شركة كوماناف، والملف الضخم الذي تمخض عنها. وهي متابعة ليس من درجة متابعة معتصم ولا المسؤول الذي «تَجَوَّنَ» خلسة عن أعين حركة التوحيد والإصلاح بجهة الغرب. إنه ملف، لا شك، أن أطواره ستكون كبيرة وملغزة وملغمة، وقد نكتشف في الأيام القليلة القادمة حتى «الصفقات الإعلامية» التي نزلت على أصحابها «سقفا وسلاما» في الدارالبيضاء أو توظيفات في زمن الجهاد ضد التوظيف المباشر. على كل لا يمكن أن نسير بعقلين في مرحلة سياسة واحدة، بحيث تكون متابعة المنتمين للعدالة والتنمية مشبوهة، وتهدف إلى تشويه التجربة، وتكون في حق الآخرين محاربة للفساد. بمعنى آخر عندما تتابعونا، نحن أناس طاهرون تتربصون بنا، وعندما نتابعكم، فأنتم شياطين، جئنا لكي نحرر البلاد منكم. وفي هذا السيناريو يكون كل المغاربة متهمين ويستحقون ما يحصل لهم (حتى أمينة الفيلالي استحقت ما حل لها بمنطق بوانو ومن معه)، أما من «دخل دار أبي كيران فهو آمن». لقد انتهى زمن الفتح والكلمة يجب أن تكون لدولة الحق والقانون..