امرأة واحدة ووحيدة في حكومة السيد بنكيران، هي من صقور الحزب، ومن الأطر العليا تنظيميا به، حققت نجاحها بكاريزما ذكورية، لأنها وسط عالم ذكوري بامتياز، أظن أن الثقافة السياسية في حزب اللمبة، سهلة ويسيرة، لأن المرجعية الدينية هي المتحكم الرئيسي في التعاقدات بين الأطراف المختلفة بالحزب، لذا كل من استطاع الحج إلى القمة الحزبية، لابد أن يكون مقنعا للجيوش المجيشة بالقواعد، والإيمان بالقدر يجعل البقية تنتظر حظها، الذي قد يأتي أو لا يأتي، قد تصبح وزيرا مع البيجيدي وأنت نائم بالبيت، وقد تبقى مجرد مناضل حالم بعالم المسؤولية. نعود إلى هذه المرأة الصقرية المربية الفاضلة، والتي أخذت على عاتقها التفرغ للأسرة، بعدما وجدت أن السابقة عليها، السيدة نزهة الصقلي، لم تفعل شيئا في الدار، ودخلت بمعطفها وفولارها التركيين، لتحث نساءنا على ترك الجلباب والنقاب الأنيق، ولتدعم الرجال في معركتهم نحو تعدد الزوجات، حتى لا تبقى أي امرأة (بايرة) وحتى يشفي الرجل غليله من خريجات الضلع الأعوج، وحتى تصبح الجنة مكتملة الأضلاع بالحور العين، والجواري الحسان، في مغرب يفتى فيه (بالبنان) . هذه السيدة المحترمة قالت للجزيرة، أن الأطفال يتيهون في الشوارع، لأنهم يحبون كرة القدم ويحجون إليها بمفردهم، ولا يعرفون طريق العودة، كما لو أن أمهاتهم، وآبائهم لا يسألون عنهم، وأن الشرطة لا تقوم بواجبها لمعرفة المتشرد على الأقل، الله أكبر سيدتي، هناك تفاقم في الخلافات العائلية، وهناك مرض مجتمعي اسمه النفاق تدعمه المنظومة الدينية والعرفية، وهناك تخلف حكومي يخاف طرح الموضوع بجدية، أطفال الشوارع سيدتي هم ضحية مرض اسمه النفاق الاجتماعي. كما أنها كلما قامت للرد على نائبة أو نائب برلماني، ذكرته بأن المشاكل التي يتحدث عنها هي من ارتكاب الحكومات السابقة، وأنها (ضربت السبرديلة وخرجات للتيران) قبل أن تدخل كوزيرة، وهي اليوم تتابع الوضع عن كثب، وتصلح قدر المستطاع، فالميزانية هزيلة، علما أن هذه الوزارة، ليس عليها أكثر من تتبع الملفات التي يشتغل عليها المجتمع المدني، الذي يدبر الشأن الأسري أكثر من الوزارة، وما السيدة عائشة الشنا ونضالها في مجال الأمهات العازبات، إلا نموذج لذلك. الأسرة سيدتي هي النواة، الطفل والأم هما لبنتهما، والأب وباقي العائلة هم المسئولون عنها، فيجب أن تقوموا بدوركم كوزارة، في وضع الاستراتيجيات، ضد العنف و التهميش و التفكك والتشريد الممنهج، ودعم المجتمع المدني بغض النظر عن تقاربه مع سياسة وزارتكم، أو ابتعاده عنها، ليس بالإحسان يعيش الإنسان، بل بتمكينه من الافتخار بكرامته سيدتي.