بررت وزارة الفلاحة والصيد البحري ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس بسوء أحوال الطقس في سوس ماسة درعة وفي ضواحي مكناس، ووعدت بتراجع الأسعار إلى مستوياتها الاعتيادية ابتداء من منتصف يناير حيث يرتقب أن تتحسن أحوال الطقس وتستأنف النباتات قدراتها على الإنتاج.. المبررات التي تبناها البلاغ الوزاري ليست بجديدة، ولكنها لا تعكس إلا الجانب المرتبط بتقلبات أحوال الطقس بينما الجوانب التي يكون فيها للعنصر البشري دور حاسم في إشعال فتيل الغلاء تم إغفالها أو تجاهلها. ففضلا عن كون أسعار الطماطم لم تنتظر منتصف يناير وسجلت منذ نهاية الأسبوع المنصرم تراجعا ملحوظا، فإن مجرد الوقوف عند ما تضمنه البلاغ الوزاري يؤكد أن مسؤولية الطبيعة في الغلاء جد ضعيفة مقارنة مع مسؤولية العنصر البشري. لقد حدد البلاغ أعلى سعر للطماطم بالجملة في 7 دراهم للكيلوغرام وهذا السعر يمكن مقارنته بالأسعار عند الاستهلاك التي كانت في حدود 10 دراهم للكيلوغرام، أي في مستويات تفوق أحيانا سعر الموز، وفارق 3 دراهم في الكيلوغرام يساوي أو يزيد بقليل عن سعر البيع بالتقسيط في الأيام العادية، وهذا معناه أن الحكامة المعتمدة في تدبير تموين الأسواق الداخلية تحمي الوسطاء وتبرر سلوكاتهم عبر تعميم بلاغات رسمية تبني خلاصاتها وتوقعاتها على أنصاف الحقائق. إن ما تتوفر عليه مختلف الوزارات من وسائل متطورة ومصالح متعددة يؤهلها لتحديد مختلف مكونات السعر انطلاقا من المزرعة إلى قفة المستهلك، ولو تبنت هذه المنهجية لأعفت نفسها من اعتماد تبريرات غير مقنعة في تعاملها مع قضايا أساسية بالنسبة للأسر المحدودة الدخل، ففارق 3 دراهم في الكيلوغرام بين سعر البيع في سوق الجملة ونظيره عند الاستهلاك، يطرح التساؤل عن دور الإنفاق بسخاء في استراتيجية عصرنة اللوجيستيك، وعن مستوى انعكاسات الزيادة في أسعار المحروقات على رفع الأسعار عند الاستهلاك، بل يطرح التساؤل عما إذا كان يحق للمسؤولين عن تدبير الشأن العام أن يسمحوا للوسطاء بالزيادة في هامش الربح كلما ارتفعت الأسعار إلى مستويات لا تطاق.