1 - الناقد المبدع الزميل شفيق الزكاري هو، بلا شك، واحد من النقاد الفنيين المتميزين بالمغرب، وذلك بالنظر إلى دقة خطابه النقدي ورصانته، إذ كثيرا ما يتقوّى ويتعزز بالمصادر والمراجع البصرية الضرورية التي تتكئ عليها مقارباته الجمالية. وقد تتبعتُ كتاباته النقدية منذ منتصف الثمانينات وتمثلتها باستمرار واكتشفت انتباهه المبكر لسؤال التأريخ للتجارب التشكيلية المغربية والعربية، وهي ميزة نادرة لا يتوفر عليها إلا النقاد المحترفون والمتمرسون، غير أن النشاط النقدي لدى الزميل الزكاري - وبالنظر إلى الكثير من الظروف وتجربة الغربة بإسبانيا- سرعان ما تقلص خلال فترة عابرة قبل أن يعود إلى الظهور بقوته المعهودة، حيث أغنى الصحف والمجلات المغربية والعربية بكثير من النصوص والمقاربات البصرية المتخصصة في النقد والتحليل التشكيلي.. هو، بلا شك، عنوانٌ لرحلةٍ متوهِّجة في فضاء الكتابة والنقد، ومنجزُه الجمالي الزاخر يجعل منه مبدعاً عضوياً حيوياً يتمتَّع بحس نقدي نادرٍ ضمن أعضاء جيله من النقاد الذين يبرقون وَهَجاً ويشعُّون عطاءً وإنتاجاً 2 - المصوِّر أما عن تجربته الصباغية، فإن اللوحات التي يبدعها الزكاري تظل تتميز -من الناحية التيماتية- بشخوص من طينة أخرى ومن الأشياء التي تمنح شخوص الفنان الزكاري الحيوية المفترضة، تحكمه في التقنية التعبيرية ومعرفته الجيدة بأسرار المواد والأصباغ والحوامل. أضف إلى ذلك إدماجه للصور في بنية العمل الفني بأسلوب جمالي حداثي تلعب فيه الشاشة الحريرية دورا مهما ومركزيا. وقد تمكن الزكاري خلال إقامته بالديار الإسبانية من نسج علاقات مهمة مع تشكيليين إسبان، رسامين ونحاتين، افتتنوا بفنه وإبداعه كما تبرهن ذلك المعارض المشتركة التي جمعته وإياهم خلال أكثر من مناسبة سجلت عودته القوية لتيمة الجسد في أبعاده التعبيرية والرمزية مع إضافة أساسية، هي أن المبدع شفيق الزكاري يعد من أبرز الفنانين المغاربة المتخصصين في فنون الطباعة والنسخ الفني، ولاسيما الطباعة الحريرية (السيريغرافيا) والحفر ببعض أجناسه التعبيرية. 3 - الإنسان/ الصديق ... ليس إنساناً عادياً، إنه لا يُشْبِهُ أحداً ولا يُشْبِهُهُ أحدٌ. يقول أشياءً عديدة تنطق بها مداخلاته ولوحاته وتَعُجُّ بها نصوصُه الإبداعية والنقدية الغزيرة. صديقٌ حميمي جالسته لمرَّات متكرِّرة، في أمكنة وأزمنة كثيرة، بشمال المغرب كما بوسطه وجنوبه، واكتشفت بأنه فنان وناقد وصديق مثالي يعيش داخل جغرافيا ممزَّقة لا حدود مرسومة تُسَيِّجُها، فكل الفضاءات التي يتردَّد عليها تتلاءم مع أسئلته وقلقه ورهاناته وأحلامه، وأيضاً ل»شغبه» الدائم مع الإبداع..... أما عن علاقتي بالزكاري كإنسان وكصديق حميم عَبَرْنَا معاً لحظات لا تُنسى، فهي وشمٌ في الذاكرة يلوح في السماء كشمس الأصيل ويتهادى مثل القمر المتلألئ في الليالي الحالكة. نسجنا أولى خيوط هذه العلاقة عبر الكتابة والمراسلة والتلفون، وتقوَّت بلقاءات جميلة متتالية كثيراً ما تنتهي بالمبيت ببيته «الصغير» الذي ينبت وسط مدينة المحمدية وقد تحوَّل إلى خيمة كبيرة تتسع لكل الزوار والأصدقاء..... ... شفيق الزكاري يظل حاضراً فينا ومعنا..في قلوبنا كما في وجداننا فناناً، موهوباً يفيض بالكثير من المعاني الإنسانية النبيلة..