تبقى سياسة إعادة التلاميذ المفصولين والمنقطعين واحدة من المبادرات الجريئة التي دأبت المؤسسات التعليمية على إنجازها، من باب مقاربة تربوية تساهم في احتواء تفشي ظاهرة الفصل والانقطاع عن الدراسة، وذلك كحل من الحلول الممكنة واستثمار الفرص المتاحة لهذه الظاهرة، ومن هنا لا بد من الاعتراف بقيمة ما صدر من المذكرات الوزارية في شأن عملية إرجاع التلاميذ المفصولين والمنقطعين، والاحتفاظ بهم داخل المنظومة التربوية، مع تجنب قدر الإمكان التسرع في فصل التلاميذ. ومن هذه المذكرات أساسا المذكرة رقم 118 بتاريخ 25 شتنبر 2003، المذكرة رقم 137 بتاريخ 04 أكتوبر 2006، حيث تمت على صعيد الأقاليم معالجة العديد من طلبات وملتمسات الرجوع للدراسة، طلبات الاستعطاف، طلبات الإنقاذ، طلبات الفرصة الأخيرة...)، مع مراعاة مختلف الجوانب والأبعاد والظروف للمعني بالأمر، وكذا الخصوصيات المحلية لكل منطقة. في هذا الإطار، توصلنا بحالة ما تزال تصرخ خارج التغطية دون مجيب، ويتعلق الأمر بالتلميذ رشيد الخطاب (21 سنة) من اولاد ازباير، الذي تقدم للنائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بتازة بطلب استعطافي يلتمس منه فيه التدخل من أجل إنقاذ مصيره الدراسي من الضياع. ويفيد التلميذ المذكور أنه كان يتابع دراسته، خلال الموسم الماضي، بالسنة الثانية باكالوريا علوم، بثانوية الزيتون التأهيلية، إلا أن الحظ لم يحالفه في اجتياز الامتحان بنجاح بسبب بعض الظروف القاهرة والخارجة عن إرادته، على حد قوله، وإثرها تم إشهار بطاقة الفصل في وجهه، ليتقدم في بداية السنة الدراسية الجارية بطلب استعطاف لرئيس المؤسسة من أجل السماح له بمتابعة دراسته، إلا أن هذا الأخير رفض طلبه بدعوى أن أستاذة لمادة علوم الحياة والأرض لم تقبل بعودته لفصول الدراسة بالمؤسسة. وأمام إلحاحه في عدم تضييع الفرصة، وتمسكه برغبته في مواصلة الدراسة، تقدم التلميذ رشيد الخطاب بين يدي الأستاذة المعنية بالأمر، مستعطفا إياها من أجل فسح الطريق أمام مستقبله، وفعلا تنازلت عن رفضها، ما جعل رئيس المؤسسة يقبل بعودته للمؤسسة، ويطلب منه إنجاز التزام في هذا الشأن، ولما أحضر الوثيقة المطلوبة (يوم الجمعة 19 أكتوبر 2012) تم السماح له بالالتحاق بمقعده بالمؤسسة (يوم الاثنين 22 أكتوبر 2012)، وكم كانت صدمة التلميذ كبيرة عندما عاد المدير ليشهر في وجهه ورقة الرفض على أساس وجود ثلاثة أساتذة يمتنعون عن القبول به، رغم أنه، حسب قوله، لم يسبق له درس لدى هؤلاء الأساتذة الذين اشترطوا عدم القبول به إلا في حالة القبول بإعادة تلميذين آخرين. وفي هذا الصدد، لم يتوقف التلميذ، منذ بداية الموسم الدراسي الجديد، عن طرق باب رئيس المؤسسة، والنقابات التعليمية، ومناشدة النائب الاقليمي من أجل التدخل لمساعدته على الالتحاق بمقعده ومنحه الفرصة لإعادة وإكمال دراسته، ولم تفته الإشارة إلى تمتعه بسلوك حسن وجيد، وله رغبة قوية في الدراسة إنقاذا لحياته من التشرد والضياع والهدر، رغم بعد بيته عن المؤسسة بحوالي عشر كيلومترات. وليس غريبا أن يكون التلميذ المعني بالأمر قد شعر عميقا ب»الحكرة» عندما بلغ إلى علمه ما يفيد أن تلميذا مفصولا قد تمت إعادته إلى الدراسة بتدخل من عمه الذي هو رئيس جماعة قروية.