تزامنت ذكرى استشهاد الزعيم الاتحادي الفذ، عمر بنجلون مع انتهاء أشغال المؤتمر التاسع لحزبنا. ولاشك أن الاتحاديات والاتحاديين الذين حضروا المؤتمر، أو الذين انتدبوهم قد استحضروا رمزية هذا التلاقي ومعانيه، كما استحضروا المسيرة الطويلة التي قطعتها الحركة الاتحادية منذ اغتيال شهيدنا الكبير، بعيد المؤتمر الاستثنائي، مؤتمر النضل الديموقراطي، والقطع مع كل الاشكال التجريبية في إحداث التغيير، أو السقوط في فخاخ رد الفعل. المؤتمر التأسيسي عرف طاقة عمر وقدرته على العمل الميداني، والتفكير والمجهود الفكري والابتكار الثقافي، كما شكل الفيصل في قراءة تاريخ المغرب، من زاوية متجددة وباستحضار الكيماء الخاصة لتاريخ المغرب. وقد كان بحق مؤتمر التفكير في طبيعة الدولة وتركيبتها وحدود الخصوصية في تشكلها. في المقولات الكلاسيكية للاشتراكية العلمية آنذاك، كما أنه كان مؤتمر النظر والتمحيص في التراث الروحي والعقدي للمغاربة والمغرب، وإسناد الموقف منه بالامتداد التاريخي للمغاربة ولتعدديتهم الثقافية ومسارهم النضالي.. وحدد الموقف ،كما كان وقتها، من كل أشكال التضييق على حرية الهوية وانفتاحها على العالم. واليوم، والاتحاد يعقد مؤتمره في أجواء الذكرى، يستحضر المجهود الخلاق لشهيدنا عمر ويتذكر الجريمة الشنعاء التي أودت بحياته ، والتي كان القرار فيها مزدوجا وكان التنفيذ بأدوات «متدينة، مزدوجا لأن قوى القمع والاستبداد التقت مصالحها مع قوى الأصولية والرجعية من أجل إسكات صوت الشهيد، الذي رفع استراتيجية النضال الديموقراطي الى مصاف الاستراتيجية التاريخية والحضارية لمواجهة كل إشكالات البلاد، بما فيها إشكالية الحكم والسلطة.. ومازالت قضية عمر تمثل، الى اليوم، وصمة عار في جبين من اقترفوها ومن مدحوا القاتلين،بالرغم من المسافة الزمنية والسياسية بين تاريخ الاغتيال وتاريخ الذكرى.. لقد جرت مياه كثيرة، ودماء كثيرة أيضا تحت الجسر المغربي، ومطروح اليوم أن نقرأ الذكرى بأسئلة اليوم ونقرأ التجربة بعيون الذكرى، لأن الوفاءوالارتباط بالرموز التاريخيين للحزب وللبلاد ، هو دليل حياة، ضدا على ثقافة الموت التي تعددت أوجهها في الراهن المتشابك.. ذكرى عمر مناسبة أيضا للتذكر والتفكير في علاقة الاتحاد بالمواطنين المغاربة، نساء وذكورا، ودور المثقفين والحركة النقابية في صناعة المستقبل، وفي القيم والأخلاق النضالية التي التزم بها، نكران الذات والعمل الجماعي والوفاء والتضامن ومحاربة الانتهازية، والسمو من أجل الافكار والتفاني في خدمة الوطن وخدمة المواطنين.. الذكرى كذلك سؤال متجدد على النخبة الاشتراكية والتقدمية، وامتحان لقدرتنا على أن نحول الأفكار والأخلاق والسلوكات إلى قوة مادية لوقف الردة وزحف الرجعية المتلفع بالتدين وخوصصة التراث المشترك.