ملاحظات أولية حول المعاناة المادية والمعنوية لذوي حقوق الأغنية بأركانها الثلاثة الكلمة واللحن والأداء. بالنسبة لحقوق المؤلف أو الحقوق المادية والمعنوية لمبدعي الأغنية المغربية عامة والأغنية الأمازيغية خاصة : 1) تجدر الإشارة إلى أن مكتب حقوق المؤلفين للأسف كان تابعا كليا لفرنسا بجمع جزء بسيط من المستحقات ليرسل إلى فرنسا وبعد البت فيه تتم إعادته إلى مكتب الرباط ليتم توزيعه كيفما اتفق. 2) مكتب حقوق المؤلفين يسير في الرباط من طرف مجموعة من الموظفين لا يوجد بينهم مؤلف موسيقي ولا صاحب كلمات أو مغني ولا مسرحي أو سينمائي وبالتالي لا يوجد من بينهم أي واحد من ذوي الحقوق كما ينص القانون على ذلك. القانون المعطل لتعطيل المراسيم لحاجته في نفس يعقوب. كل حكومة تتركه لحكومة أخرى على حالته وعلى علله وشلله مريض يعاني أمراضا متقادمة مزمنة. 3) لما أسندت وزارة الاتصال للوزير السابق الأستاذ العربي المساري بادر إلى تكوين لجنة التسيير من المؤلفين من ذوي الحقوق : أ) ليساهموا في مراجعة الحسابات ولاستخلاص المستحقات من عشرات الجهات المحتفظة بالملايين بل بالملايير. ب) التحضير للجمع العام لانتخاب مكتب قانوني من المنخرطين يسهر على حقوق المؤلف جمعا وتوزيعا عادلا. ت) العمل على توظيف ما يكفي من الأطر للمراقبة مع توفير الوسائل الضرورية للتنقل وأجرة مناسبة لهم وقاية واحتواء أصحاب المؤسسات لهم بواسطة الارتشاء كما جرت العادة بذلك. كنت أحد الذين تم تعيينهم من طرف السيد الوزير واستطاعت اللجنة الوقوف على اختلالات كبيرة منها قروض بالملايين أيام حكومة الداخلية لمن لا حق لهم ولا علاقة لهم بالمكتب، منها الملايين التي على ذمة القناتين الأولى والثانية وعلى الفنادق الكبيرة وعلى شركات الإنتاج وتضم اللجنة التي يترأسها الفنان المرحوم عبد النبي الجراري ممثلين عن القناتين وعن الشركات المنتجة للأشرطة إلى جانب الفنانين وأصحاب الكلمات والمسرحيين (أنظر الصورة). واستطعنا استخلاص الملايين إن لم أقل الملايير. واكتشفت اللجنة العديد من الاختلاسات منها : أن المبالغ المخصصة للشأن الاجتماعي للتدخل أثناء مرض هذا الفنان وذاك وهذا المسرحي وذاك تؤخذ هذه المبالغ ويتم توزيعها كتعويض للموظفين بدل مساعدة مرضى ذوي الحقوق. وكنا على وشك عقد الجمع العام لانتخاب المكتب المسير من ذوي الحقوق لكن ليتم تعيين وزير جديد، الذي أمر بحل لجنة التسيير ليتولى الموظفون تسيير المكتب من جديد بل ومنحوا رخص التسجيل للمؤسسات دون الرجوع إلى ذوي الحقوق بعد أن كان المغني وصاحب الكلمات طبقا للقانون يقومان بإمضاء مطبوع كاتفاق من جهة وكضمان لحقوقهما من جهة ثانية. شيء آخر ساهم في الحرمان الكلي من الحقوق المادية لذوي حقوق الأغنية الأمازيغية خاصة عدم التصريح لا من طرف الفنان وصاحب الكلمات ولا من طرف مؤسسة التسجيل التي تشترط غالبا على الرايس أو المجموعة عدم التصريح والاكتفاء فقط بما تسلمه لهم من دريهمات لا تسمن ولا تغني من جوع، هي أقرب إلى الإهانة منها إلى المكافأة. شيء آخر عدم إرسال الأغاني إلى الإذاعات قصد بثها وعدم التصريح بالمذاعة للأسف غالبا من طرف بعض المكلفين بالتصريح بها لمكتب حقوق المؤلفين. وكانت لجنة التسيير والمراقبة المشار إليها تعمل على عقد الجمع العام للمنخرطين في مكتب حقوق المؤلفين لانتخاب المكتب القانوني المتكون من أصحاب الحقوق للدفاع عن حقوقهم والعمل على انخراط الغير المنخرطين، مع حث مؤسسات التسجيل على احترام القانون بإرسال التصريح الحامل لأسماء ذوي الحقوق والتصريح بالكميات المسجلة ثم العمل مع الجهات المسؤولة العاملة على التقليص من القرصنة، إذن المطالبة بالحقوق والمساهمة مع المسؤولين في انتزاعها طوعا أو كرها. الكل يعلم أن أغنية الروايس رغم ما تمت الإشارة إليه من إيجابيات تعاني من فقدان شرعية الإبداع خاصة عندما يتعلق الأمر بالكلمات. فأغلبية الروايس ذكورا وإناثا وكذا المجموعات العصرية يدعون أنهم أصحاب الكلمات واللحن والغناء، والواقع يكذب ذلك خاصة لدى الباحثين والمهتمين والممارسين نعم هناك قلة ممن يجمعون بين الكلمة واللحن والأداء على رؤوس الأصابع، لكن الغير المقبول هو السطو على الكلمات وابتياعها أحيانا بدريهمات وحرمان مبدعيها من التصريح بأسمائهم كحق مادي ومعنوي. ظاهرة أو قل جريمة تنبذها الحضارات والقوانين المنظمة عالميا لحقوق المؤلف. أضف إلى هذا الدراسات الجامعية التي تناولت وتتناول القصائد المغناة لهذا الرايس وذاك وهذه المجموعة وتلك في شخص المغني مما يجعل أغلبية هذه الدراسات الأدبية تنقصها المصداقية. ذلك أن الطالب يقوم بتفريغ أشرطة هذا الرايس وذاك وهذه المجموعة وتلك ولا يقوم بتعميق البحث إن كانت القصائد للمغني أم لغيره خاصة أن الدراسة تتناول المتن الأدبي لا الموسيقي بل وتجد أحيانا من لا يتوفرون على النطق السليم بالأمازيغية ينسبون روائع شعرية هي لغيرهم على أنها لهم. على سبيل المثال لا الحصر، الحاج أحمد الريح، شاعر أمازيغي كبير من شعراء اجماك منح الكثير والكثير من القصائد للروايس وتارايسين دون الإشارة إلى اسمه كتابة أو صوتا، ونفس الشيء بالنسبة للشاعر عمر برغوت ومن الروايس شعراء يمنحون الكلمات لزملائهم لكن دون ذكر أسمائهم كما يفعل المبدعون على الصعيد العالمي... وإذا وصلنا إلى المجموعات ومن يغنون كأفراد فحدث ولا حرج سوف أقف عند تجربتي الشخصية معهم دون نسيان تجربة المرحوم الشاعر علي صدقي أزايكو الذي أعطى الكثير من القصائد للفنان عموري مبارك. وكما تعلمون، فالمستمعون لكلماته المغناة من طرف الفنان عموري مبارك لا يعرفون اسم الشاعر إلا القلة القليلة من المهتمين لعدم ذكر اسمه صوتا أو كتابة على ظهر الشريط فقط يكتب بخط باهت على الورقة المحاطة بالشريط يتم التخلص منها فور وصوله إلى المنزل دون نسيان الأمية التي تحول دون التعرف على المكتوب وهذا يعود إلى تدخل أصحاب المؤسسات. لهذا فالشاعر صدقي علي أزايكو تم التعرف عليه كصاحب كلمات بعد وفاته ثم لينسى.