تقديم: وصل الإسلاميون إلى تدبير الحكم، وصاروا قادة بلاد ما يسمى الربيع العربي، لم يصلوا بانقلاب عسكري بل بإرادة الشعوب عبر ممارسة ديمقراطية عنوانها صناديق الاقتراع : فهل حققوا وعودهم التي جاءوا بها في برامجهم الانتخابية التي حملت عناوين عريضة في الإصلاح والتنمية وصون كرامة المواطن بالعدالة الاجتماعية والحرية والإنصاف. وهل الإسلاميون يؤمنون بالتشارك في تحقيق توافق وطني عام يتسع لكل التيارات من غير إقصاء أو تهميش أو احتكار، أم أنهم سيتجهون بالفعل إلى سياسة الاستحواذ والهيمنة والزحف على مفاصل ومؤسسات الدولة عبر الإعمال بالأغلبية لا بسياسة التشارك. وفي مصر» أم الدنيا» هناك خوف من عودة النظام القمعي في نسخته الإخوانية المتوجة بسلسلة القرارات الانفرادية لرئيس الدولة رصدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان كما رصدها الشارع المصري زيادة في الإرهاب الفكري وسياسة تكميم الأفواه من بعد 15 يناير إلى اليوم، وهناك أصوات محذرة اليوم في مصر من أن مستقبل الثقافة في مصر مظلم. كما أن الحقوق الفردية وحرية المرأة والمعتقد في تونس معرضة للانتكاس والضياع ،وأن ساحات أخرى في ساحات الحراك تبوء الإسلاميون فيها المقاعد الأولى في السلطة غير مستثنية من الردة والعودة الى قرون غابرة، ضد كل المكتسبات التي أحرزها الصف الديمقراطي الحداثي التي ناضل من أجلها في مواجهة ثقافة الظلام والاستبداد الفكري والسياسي وضحى بالأرواح وبالحياة التي دفن زمنها في السجون السرية والعلنية. لكن ايمانا بالممارسة الديمقراطية يرى الديمقراطيون أن مشاكل الحكم والسلطة أكبر وأعقد من أن يواجهها التوجه السياسي الواحد، والإسلاميون بحاجة إلى التشارك المبني على الديمقراطية والوعي بتحديات مرحلة يجب أن تتسع لكل التيارات وتحترم التعدد من غير إقصاء أو تهميش أو احتكار، و الكف عن سياسة الاستحواذ والهيمنة والنية في السيطرة على مفاصل ومؤسسات الدولة عبر الاعمال بالأغلبية العددية من بوابات مختلفة. من هذا المنطلق فتحنا النقاش مع سياسيين ومفكرين من مختلف التوجهات في العالم العربي على هامش المؤتمر الأفرو-أسيوي الهام الذي نظمته اللجنة المغربية التي يترأسها الاتحاد الاشتراكي في شخص المنسق العام طالع السعود الأطلسي وتضم في عضويتها أعضاء من الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال. وهو المؤتمر الذي نظم بمدينة مراكش الأسبوع الماضي. حلمي حديدي: رئيس المنظمة الأفرو-أسيوية تنقصهم الخبرة و التجربة، لهذا يريدون وضع دستور على مقاسهم تجربة حكم الإسلاميون لازالت في بدايتها و أتبت هؤلاء في الفترة القصير التي مضت أنهم غير مؤهلين لحكم بلد كبير كمصر وأعتقد أن ذلك ينطبق على عدد من البلدان التي عاشت نفس التجربة. والإسلاميون من هذا الباب تنقصهم الخبرة و التجربة، وهم في أحيان كثيرة يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يقولون وهذه نقيصة لا بد أن تؤخذ في الاعتبار. فقد تحدث الاسلاميون في مصر عن الدولة المدنية ولكنهم لا يمارسون متطلبات الدولة المدنية. فالدستور في مصر لم يوضع بعض ويطلب وضعه على مجاز وهوية فصيل واحد من الشعب المصري. لكن هذا الشعب له مواصفاته التاريخية أنه يضم طوائف وأراء وأديان وعقائد وتوجهات كثيرة، ولابد للدولة المدنية أن تكون هي الدولة الحاكمة في مصر. ناهيك على أن الاسلاميين يدخلون الدين في العملية السياسية التي تختلف عن طبيعة الدين. فمن حق السياسي أن يكذب لمصلحة بلده لكن الدين يأمر بغير ذلك. فهناك خلافات جوهرية بين الدين وبين التطبيقات السياسية ومن هذا الباب فمن الخطأ أن يدخل الدين في السياسة. وهذا المنحى يمنع الممارسة الحقيقية للمواطنة، فكل مواطن له حقوق وعليه واجبات. فليس هناك فرق بين المواطنين بسبب الدين أو اللغة أو الجنس أو العقيدة. وإذا وضعنا الدين في قلب ذلك سيحصل اختلاف. فالبلاد المتعددة الثقافات و الديانات والفصائل والأطياف لابد أن يؤخذ فيها بعين الاعتبار عنصر المواطنة أولا. حسن مدن المنبر الديمقراطي في البحرين قطفوا ثمار التحولات لأنهم الأكثر تنظيما ودعما ماديا من دول عربية من مفارقات التحولات العربية التي جرت منذ 2011 أنها كانت في الأصل حراكا جماهيريا وشعبيا واسعا جدري الطابع في المطالب والشعارات التي طرحها ورفضا لأنظمة الاستبداد الذي حكم العالم العربي على مدى عقود طويلة، وشارك في الحراك كل القوى الشعبية ومن كل الاجيال وخاصة الأجيال الشابة، من أحزاب وهيئات وتنظيمات سياسية ومدنية، ولكن الذي حدث أن من قطف ثمار هذه التحولات هي القوى الاسلامية لأنها كانت أكثر تنظيما وإمكانيات مادية، لتوفرهم على دعم خفي من قبل دول عربية، لأن هذه الأخيرة وجدت فيها البديل الأنسب لاستيعاب هذه التحولات الجدرية التي جرت في العلام العربي لمنع المسار الديمقراطي من المضي الى الأمام. ففي البداية كان هناك من يقول أن هذه هي الآلية الديمقراطية ويجب أن نحترمها طالما أن هذه القوى وصلت عبر صناديق الاقتراع فلنترك لهذه القوى أن تطرح برامجها من موقع السلطة على أن توفر للآليات الديمقراطية نفسها لتصحيح هذا الوضع عندما يكتشف الناخبون الذين أعطوا أصواتهم لهذه القوى الاسلامية أنها ليست مؤهلة لتحقيق وتنفيذ تطلعات الشعوب. لكن ما نشاهده اليوم في مصر وتونس خاصة وغيرها من الدول العربية ، أن القوى الاسلامية عندما وصلت الى السلطة بدأت تعمل على إعاقة الآلية الديمقراطية نفسها وكأنها استخدمت الديمقراطية لمرة واحدة فقط من أجل وصولها الى السلطة، للحيلولة دون تطور المسار الديمقراطي في بلدانها والتمكن من خلال تداول السلطة من تصحيح المسار الديمقراطي وهذا هو وجه الخطورة، لأن هذه القوى كانت ترفع شعار الديمقراطية لكن عندما وصلت عبر هذه الديمقراطية الى السلطة أصبحت تضيق درعا بها وتحاول مصادرتها من مضمونها الحقيقي ومن أدواتها. والبحرين لا تختلف عن أي بلد عربي آخر، فالقوى الاسلامية فيها، كبيرة وهذه ظاهرة عربية وليست بحرينية. والبحرين بلد صغير وسريع التأثر بما يجري في محيطه العربي وهناك ميزة تتسم بها البحرين وهو الانقسام المذهبي بين الشيعة والسنة، والشيعة يشكلون الجزء الكبير من المعارضة بينما اختار الاسلام السني خيار التحالف مع النظام على خلاف الاسلاميين السنيين في البلدان الأخرى وهذا موقف برغماتي. والحراك في البحرين لم يحقق أهدافه، إلا أن البحرين لا تنجو من مخاطر ما تحمله القوى الاسلامية من برامج اجتماعية والتي ليست بالضرورة منسجمة على المدى البعيد مع خيارات التحول الديمقراطي لأن هذه القوى تملك برنامجا ورؤية اجتماعية سياسية محافظة بالقياس الى ما قطعه المجتمع البحريني من تطور اتجاه الحداثة والحريات المدنية، والدولة لم تنجز هذا الترات الحداثي و إنما هو نتاج التحول الاجتماعي والثقافي والسياسي في البحرين والذي كان للمعارضة الوطنية والتقدمية دورا كبيرا في إحرازه. واليوم هناك مشترك بين المعارضة سواء كانت اسلامية أو وطنية تقدمية في ضرورة التحول الديمقراطي وضرورة إقامة مملكة دستورية ولكن هذا لا يلغي التناقضات الموجودة في البرامج الاجتماعية والرؤية الثقافية بين هذه القوى. محمد براهمي : حركة الشعب التونسية ليس لهم مشروع مجتمعي وكل ما لديهم هو مشروع سلطة الاسلاميون لم يكن لهم دور في إحداث الثورة في تونس وإنما جاءوا بعد أن تهاوى رأس النظام وهرب زين العابدين بنعلي، في إطار توافق دولي لإحلال الاسلاميين محل النظام الرسمي العربي المتهاوى. وبالتالي ما يدفع بالإسلاميين الى توخي سياسات وتوجهات معينة هي تعهدات قطعوها مع القوة التي اتفقت معهم على أن يحكموا البلد لذلك أعتقد أن الاسلاميين ليس لهم مشروع مجتمعي وكل ما لديهم هو مشروع سلطة، فهم يريدون السيطرة والحكم والاستيلاء على السلطة بأي ثمن وبأي وسيلة وليس لهم أي بديل لا في مجال تحقيق الديمقراطية ولا في تحقيق العدالة الاجتماعية التي من أجلها قامت الثورة .فالثورة في تونس قامت على خلفيتين الاولى سياسية والثانية اجتماعية وأول شعار رفع في بداية أحداث الثورة في سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر 2010 كان «التشغيل استحقاق يا عصابة السراق» مما يختزله ذلك من بعد سياسي وبعد اجتماعي وبالتالي فالإسلاميين في تونس يحاولون أن يسيطروا على مفاصل الدولة من خلال عناصرهم والتمكن من الادارة والسيطرة على المجتمع من خلال جمعيات توصف بالمدنية ولا أحد يعرف أهدافها ولا كيف تمول وماذا تشتغل، فآلاف الجمعيات اليوم هي بصدد التشكل في المجتمع وهي من فروع حركة النهضة وبتوجيه وتمويل منها، يريدون من خلالها توجيه المجتمع الى مشروعهم الخاص الذي يهدف الى السيطرة على الدولة والمجتمع. اما بخصوص الأفق فالصراع اليوم هو صراع إرادات بين مسار ثوري مازال لم يحقق أهدافه ومسار آخر تسلطي سلطوي ليس له أهداف مجتمعية، ولا أهداف ديمقراطية فإما تنتصر إرادة الشعب أو تنتصر إرادة الذين يحكمون الآن ويريدون أن يستمروا في الحكم لعقود بدعم لوجستي وإعلامي ومالي من دولة قطر والولايات المتحدةالأمريكية، وهذا ليس اتهاما لأن السيد راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، صرح في اكثر من مناسبة في الاعلام أن هناك تحالف استراتيجي مع أمريكا حتى قبل الانتخابات وصعودهم للحكم، وكذلك ليس خافيا الآن الدعم القوي جدا من دولة قطر لحركة النهضة في تونس سواء على المستوى اللوجستيكي أو المالي أو الإعلامي، فقناة الجزيرة مسخرة بشكل يكاد يكون كليا لحزب حركة النهضة من قبيل الانتخابات التشريعية والتحضير لإنتخابات 2011 الى الآن. أما بخصوص العودة الى الشارع من أجل المطالبة بتطبيق أهداف الثورة فالصراع قوي جدا والشعب لن يسكت الى أن تتحقق أهدافه كاملة، فالشعب الذي ثار من أجل أن يمنع الاستبداد لا يمكن أن يقبل بأي نوع من انواع الاستبداد حتى وإن كان مغلفا بالدين، والشعب الذي ثار من أجل إعادة توزيع الثروة الوطنية لفائدة الفئات والجهات التي حرمت من ذلك طيلة حكم النظام السابق بنسختيه «البورقيبية والبنعلية» لا يمكن أن يقبل بمنوال ثان لا تعاد بموجبه توزيع الثروة الوطنية لفائدة هؤلاء، وبالتالي نحن نشهد اليوم في تونس حراكا شعبيا اجتماعيا قويا جدا، والسلطة تحاول أن تجرم ذلك وتعتبره أعمالا مخالفة للقانون ومخلة بالنظام العام، والقوى الديمقراطية والشعبية تحاول أن تثبت هذه التحركات باعتبار أنها من صميم تصحيح المسار الثوري و اعمال بمبدأ الثورة ومطالب الشعب التي لا يمكن أن تجرم. وللإشارة فقد قمت أنا وأحمد الخصخوصي الامين العام لحركة الاشتراكي الديمقراطيين بإضراب عن الطعام في المجلس الوطني التأسيسي طيلة 23 يوما دفاعا عن هذا الحراك الشعبي والاجتماعي الذي نعتبره حراكا مشروعا. وقلنا للسلطة التي تحاول أن تجرم هذه الأعمال أنكم أولى أن تجرموا أعمالكم التي قمتم بها أيام حكم زين العابدين بنعلي حين حرقتم الاحياء وقتلتم السياح وقمتم بأعمال كبيرة جدا ضد النظام، قبل أن تجرموا أعمالنا وإن اعتبرتم أعمالكم تلك مشروعة فيجب أن تعتذروا للشعب عما تقومون به الآن من سجن المناضلين ومن قتل متعمد أثناء الاعتقال، ومن ممارسة التعذيب على المعتقلين وهذا متبث بوثائق وفي قضايا مرفوعة الآن أمام القضاء، لقد اعتبرونا نتدخل في القضاء لأننا أعضاء في المجلس التأسيسي ،فقلنا لهم بالوضوح أنتم من زج بالقضاء في معارك سياسية وكان أولى وأحرى أن يظل القضاء مستقلا عن المعارك السياسية التي تريدون أن تحسموها باستعمال القضاء. أنيس سويدان: حركة فتح ،فلسطين : عندما وصلت حماس إلى الحكم أقامت إمارة في غزة واستولت على السلطة بقوة السلاح إن من أسوا ما أفرزته الثورات العربية هو وصول الإسلام السياسي إلى الحكم في أكثر من بلد عربي وكما نعلم جميعا أن البداية كانت من فلسطين سنة 2007 عندما وصلت حركة حماس إلى الحكم وأقامت لا حقا إمارة في غزة، واستولت على السلطة بقوة السلاح. ونحن نرى اليوم ممارسة الإسلاميين في مصر بالتفرد في القرارات وبداية ديكتاتورية جديدة ، يغيبون الديمقراطية التي أوصلتهم أصلا إلى الحكم، كما نرى السلفيين في تونس يقومون بأعمال عنف ضد المواطنين. وبالتالي فوصول الإسلام السياسي إلى الحكم في هذه الدول العربية قد أضر بشعوبها ويعيدوننا إلى مراحل كنا نتجنب الوصول إليها. و الاسلاميون ليس لهم أي تجربة في الحكم وهناك تخبط كبير في القرارات: ففي مصر على سبيل المثال اتخذ الرئيس عدة قرارات ومراسيم وتراجع عنها وتبين أنها غير دستورية وغير قانونية مما أضر بالمصريين، وممكن أن يضر بمستقبلهم، إن لم يتم الحد من مثل هذه القرارات التي أعادت الشعب المصري مرة أخرى إلى الشارع لتحقيق أهداف الثورة. إن ما يهم هذه الأحزاب الإسلامية التي حكمت - وأخص بالذكر مصر وغزة- بالأساس هو كرسي السلطة بأي ثمن كان، والأدهى من ذلك أن هناك تنازلات سياسية للبقاء في السلطة كما أن هناك غطاء أمريكي يريد بقاء هذه الأنظمة ولكنها ستدفع بذلك تمنا سياسيا وإقليميا صعبا. وعودة إلى الأخطاء التي ارتكبتها حماس في تدبيرها للحكم، فقد استلمت السلطة بقوة السلاح وبقوة الدم وكان وصولها للسلطة انقلابا عسكريا واضحا، تبعته السيطرة على مقاليد الأمور بالقوة، وتجربة حكم حماس سياسياتؤشر عن عدمقدرتها على التفاعل مع القضية على المستوى الدولي، لأنها ربطت نفسها مع قوى معينة وهي إيران تم لا حقا قطر. علما أن حماس في الحرب الأخيرة في شخص رئيس مكتبها خالد مشعل ورئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية شكرت حماس رسميا على تزويدها بالأسلحة والمال ،ولكن إيران خافت من ردود الفعل الدولية فنفت أن تكون قد ساعدت حماس. وهناك دولة عربية هي قطر تعمل على الانقسام الفلسطيني بدعم لحركة حماس سياسيا وماليا وبالتالي فهذا التدخل سيكون له وقع خطير على الأمن الداخلي لفلسطين مما يكرس الانقسام وعدم عودة الأمور إلى طبيعتها وضد وحدة الفلسطينيين ولحمتهم. جلول عزونة، الحزب الشعبي للحرية والتقدم التونسي ما يحدث في تونس هو محاولة للسيطرة على مؤسسات الدولة أولا أريد أن اشير أن الحزب الشعبي للحرية والتقدم التونسي هو عضو من مكون أوسع وهو الجبهة الشعبية التي تضم اليوم اثنى عشر حزبا في تونس. وحسب تقييمنا لما يحدث في تونس أن هناك لهفة كبيرة على كرسي السلطة في حركة النهضة وفي الترويكا الثلاثية الحاكمة. فتجربة سنة في الحكم أبرزت شيئين اثنين، أولا جانب التسابق على السلطة ومحاولة السيطرة على مفاصل الدولة في جميع المستويات محليا و جهويا ووطنيا، الأمر الذي نعتبره تخطيط مدقق بين حكام النهضة وقواعدها. لكن هناك فشل واضح في تدبير الدولة وهذا الفشل راجع بالأساس الى غياب أطر قادرة على تدبير الشأن العام وهذا ما ابداه بالفعل وزراء في حكومة التحالف الثلاثي. أما من جانب ثان وهو المحير بالفعل هو أن الترويكا الحاكمة وبالخصوص حركة النهضة قد ساهمت في تجمع تم قبل الثورة سمي بتجمع هيأة 18 أكتوبر للحريات التي أسست سنة 2005 إضافة الى مساهمة الحزبين الحاكمين الآن حزب المؤتمر وحزب التكتل إضافة الى أحزاب أخرى، وكنت أنا أحد أعضائها و اتفقنا على العديد من النقط وأصدرنا بيانا بشأنها في عهد ديكتاتورية زمن بنعلي، حول مدنية الدولة وفصل الدين عن السياسة والنوع الاجتماعي ومكانة المرأة والحريات الفردية الى غير ذلك من النقط التي تدخل في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان لكن نفاجأ اليوم أن كل هذه الأمور تم التراجع عنها. وأريد أن أشير في إطار سلسلة التراجعات، ما أقدمت عليه النهضة في موضوع التطبيع مع العدو الصهيوني. وهناك حجج تقدم من أجل تبرير هذه التراجعات التي يقولون عنها أنها نتيجة ضغوطات من قواعد إسلامية. إلا أننا نرى أن رجل الدولة كما رجل السياسة يجب أن يكون مقتنعا بحد أدنى من المبادئ التي حولها إجماع. فهناك حراك اجتماعي في تونس منذ سنوات وهناك قناعات كنا نظن أنه وقع اتفاق حولها، من أجل التوجه إلى المستقبل بالبحث في إشكالات جديدة تطرح بعد الثورة، لكن ما وقع هو العدول عن هذه القناعات مما شكل ارتباكا واضحا في الحياة السياسية وجعل تحرير الدستور يتأخر أمام نقاشات شبه بيزنطية تسود لكي نعود الى المربع الأول. أما بخصوص دول عربية أخرى فما تم مؤخرا في مصر هو انتكاسة كبيرة تدل على «تغول» الاسلاميين وأنهم أتوا بالديمقراطية لاستعمالها والقضاء عليها ولهذا فلابد من التجنيد من طرف جميع القوى السياسية والاجتماعية من أجل وقف هذا الزحف الخطير. أحمد الخصخوصي: حركة الديمقراطيين الاشتراكيين التونسيين قاموا بمناورات في محاولة جمع أغلبية عددية أريد أن أتناول موضوع تدبير الحكم من طرف الاسلاميين انطلاقا من التجربة التونسية، وبناء على تقييمنا لهذه التجربة بشكل موضوعي نقول أنها لم تكن موفقة، وإذا تساءلنا لماذا؟ فإننا نجيب أن فكر الاسلاميين في حقيقته دون كلام معسول أو خطاب منمق هو فكر منطقه شمولي ومقاربته مقاربة «كوليانية « وللإسلاميين أهداف يريدون تمريرها ،وإن لم تكن دفعة واحدة، فهي على مراحل. لهم استراتيجية واحدة وموحدة تكمن في إقامة دولة دينية ضد إرادة ما يصبو له المجتمع التونسي الذي له قرن ونصف من التجربة الحداثية والتعددية الفكرية والسياسية والثقافية. لقد بينت الممارسة أن الاسلاميين متعطشون كثيرا إلى السلطة، ولهم نزوع كبير إلى التسلط والتحكم وإلى الانفراد في تدبير الشأن العام وفقا لتحليل نظرتهم التي عبروا عنها في أكثر من مناسبة بل ومارسوها من بوابة الحكم. كما أنهم يسعون الى ما يسمونه التدافع السياسي أو الاجتماعي بمعنى أن الصراع بالنسبة إليهم مسألة أساسية، وهذا الصراع يجعل الساحة في ما يشبه الحرب الأهلية الدائمة للسيطرة على دواليب الدولة ومفاصل المجتمع ، وهذا الأمر حدث في تونس في وقت وجيز. يضاف إلى كل هذا أن هؤلاء الحكام الجدد ليست لهم الكفاءة ولا الدراية اللازمة في تدبير الشأن العام، بالنظر إلى أنهم كانوا مغتربين على مدى عقود ناهيك عن الجانب الذي بقي منهم في كوادرهم وإطاراتهم و التي بقيت داخل الوطن ، فكانت تعاني من القمع و الاعتقالات والمنافي ومن المتابعة القضائية و الأمنية، مما جعلهم في وضع مهمش وفي غير اتصال حقيقي بهموم الناس و تطلعاتهم، وهم يستجيبون لما يفكرون فيه ويشعرون به ولا يستجيبون إلى المطالب الشرعية للشارع التونسي أو الحقوق الأساسية التي تقتضيها المجموعة الوطنية وتنشدها، والمتجاوبة مع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتعارف عليها في التعليم والصحة والتنمية و الشغل، وكل هذا لا يساوي شيئا بالنسبة لهم وإنما المهم لديهم هو الانفراد بالحكم. وبدون مبالغة أقول أن الإسلاميين قاموا بمناورات في محاولة جمع أغلبية عددية وكأنهم يقيمون تحالفا ثلاثيا، ولكنه تحالف أحادي الجانب يريدون من خلاله أن يسيطروا على دواليب الدولة ومفاصل المجتمع ويؤسسوا الحلم الذي لم يستطيعوا تأسيسه دفعة واحدة، ولهذا اختاروا طريقة تأسيسه على مراحل وبلغة تختلف من شخص إلى آخر، وحتى الشخص الواحد له أكثر من أجندة داخلية يخفيها ولا يبديها لكنه يسعى إلى تنفيذها. عصام شيحة حزب الوفد المصري ممارسة السلطة كشفت الوجه للإسلاميين من نتائج ثورات الربيع العربي أنها أظهرت الوجه القبيح للمتأسلمين في المنطقة العربية. فالقوى المدنية ساندت القوى الاسلامية وسارت ضد الأنظمة السلطوية الدكتاتورية، علما أن الاسلاميين شاركوا متأخرين في هذه الثورات لكنهم الفصيل السياسي الوحيد الذي جنى ثمار الثورة منفردا. لكن هذا الفصيل انكشف في ممارسته للسلطة باسم الدين. ولهذا أريد أن أشير أننا خرجنا من نظم سلطوية ديكتاتورية باسم القانون وباسم الأحكام العسكرية الى من يمارس الديكتاتورية باسم المقدس. وجوابا على سؤالكم حول مستوى التجربة لهؤلاء في الحكم، أقول إنها تجربة مريرة، ونأمل أن من قاموا بالثورات من ثوريين وقوى مدنية أن تحدثوا توازنا في الشارع السياسي العربي لضمان استقرار المنطقة العربية وضمان التداول السلمي للسلطة وتقدم وتطور هذه الدول في سير العملية الديمقراطية. فالانفراد بالسلطة من جانب الاسلاميين يقسم المجتمعات العربية الى قوى مدنية ديمقراطية حديثة وأخرى مرتبطة بإساءة استخدام الدين في العمل السياسي. للأسف فالإسلاميين «يتزايدون»على القوى المدنية والثورية باحتكارهم للمقدس، على العلم أن الشعوب العربية لن تقبل إلا بالوسطية. ومن قاموا بالثورات في المنطقة العربية خاصة الشباب منهم قادرين على الانتصار على القوى الشمولية وهم كما استطاعوا أن ينتصروا على القوة الديكتاتورية السلطوية البوليسية في الأنظمة السابقة فهم لديهم قدرة الانتصار على المتأسلمين ويعيدوا التوازن الى الشارع المصري في المرحلة المتقدمة. خالد حسين محمد: مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية بالسودان التجربة المغربية نموذجا لتجنب إراقة الدماء في ساحات الحراك. من الأشياء الهامة في ثورات الربيع العربي أن يكون هناك قبول بالآخر، ولكي تنجح هذه الثورات لابد أن تكون الديمقراطية عملا وفهما وفكرا هي التي تحدد من الذي يحكم ، لكن من غير إقصاء للآخر. وتجربة الاسلاميين وفق المعطيات والمعلومات وانطلاقا من مجال بحثي وموقعي في مركز الدراسات والبحوث هي تجربة نحاكمها من خلال ما في أذهاننا وبأفكار قبلية وسابقة عن الإسلام الذي ننعته بالرجعية والتخلف، وهي مفاهيم كانت سائدة ، واليوم نريد أن نسقطها على هذه التجربة. ولنا الحق أن نشفق من هذا الجانب. نحن اليوم في عصر حقوق الانسان ولا بد من احترام ذلك. والإسلاميون مطالبون بتقديم وجهات نظر تتماشى مع هذا العصر. فنحن لا نرفض الإسلام لأن الغالبية الموجودة في العالم العربي هي غالبة مسلمة، لكن هناك أقليات يجب احترامها في إطار المواطنة وليس الدين. وأعتقد أن التجربة التونسية سائرة في هذا الاتجاه، فهي تريد أن تقدم فكرا متميزا، ومن الخطأ إبعاد الاسلاميين عن الحكم بمحاكمة سابقة لأن من شأن ذلك إفشال أهداف هذه الثورات العربية. علما أن الاسلاميون هم أكثر من عانى من أنظمة الحكم السابقة وهم الذين دفعوا حياتهم ثمنا للحرية، وسجنوا وعذبوا في مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا وفي كل العالم العربي والإسلامي. والآن هناك عملية ديمقراطية لا بد أن نقبل بها، ولا بد أن نتفق على أشياء أساسية وهي «العدالة، الحرية، الدولة المدنية، المواطنة بالحقوق والواجبات»، وبعد ذلك صناديق الاقتراع هي التي تحدد من الذي يحكم الاسلاميين أو اليساريين أو الشيوعيين. والمهم في كل هذا هو أن يكون التنافس وفق البرنامج الذي يقدمه كل واحد منهم لخدمة الوطن. والمواطن هو الذي يحدد من يمثله ومن يلبي تطلعاته، وألا نعمل على إقصاء بعضنا لأن من شأن ذلك أن يفشل أهداف الثورة. وأريد هنا أحيي التجربة المغربية التي جنبت الكثير من الاشكالات التي وقعت في ساحات أخرى أريقت فيها الدماء وساحات أخرى مازلت تراق فيها الدماء. فالتجربة المغربية فيها الكثير من توظيف العقل والتوافق والقبول بالآخر وهي واحدة من التجارب التي يمكن أن تستعين بها بقية الشعوب العربية ومن ضمنها السودان ،لأن في السودان بالامكان أن يكون هناك ربيعا عربيا، لكن إذا أتى بالطريقة الليبية فسوف ينتهي السودان .فكل بيت وكل قبيلة تملك أسلحة وإذا خرج هذا السلاح فستكون مجزرة. محمد فائق :رئيس اللجنة المصرية للتضامن والسلم هناك محاولة لأخونة الدولة في مصر في البداية أريد ان أشير أن الاسلاميين من حقهم أن يمارسوا السياسة ، وألا يلاحقوا ويعتقلوا كما كان يحدث سابقا، وهم جزء أساسي من الشعب بكل تأكيد.ولكن لا يعني ذلك أن يستولوا على السلطة أو إذا وصلوا للحكم بالأغلبية والديمقراطية أن يفرضوا رأي الجماعة أو حزب واحد على كل عناصر الدولة و مؤسساتها، ويحولون هذه الدولة الى دولة دينية. إن الأمر يتعلق بمشكل حقيقي نواجهه اليوم في مصر على وجه التحديد. فالنظام السابق كان يتخذ من الإخوان «فزاعة» فجاء الاخوان من انتخابات شعبية والكل تقبل ذلك بشكل جيد جدا، وأجريت بعد انتخابات مجلس الشعب ومجلس الشورى انتخابات الرئاسة في مسار ديمقراطي ساهم فيه الجميع، ولكن للأسف الشديد هناك محاولة لأخونة كل شيء ، وحتى الدستور الذي هو أكبر مشكلة والذي بدأ بشكل مهزوم حيت أننا حاولنا أن ننجز وثيقة متوافق عليها لكن الإخوان المسلمين رفضوا ذلك، والان تريد اللجنة التأسيسية التي أسسوها وأغلبها من الإخوان المسلمين -وكان من المفروض أن يختارها مجلس الشعب حسب الاعلان الدستوري الذي هيأة الجيش وكانت هذه غلطة كبيرة- أن تفرض أفكارا غريبة خصوصا في موضوع المرأة والطفل والحريات الفردية، دون احترام الشخصية المصرية التي تبلورت من أيام محمد علي الى اليوم .إنهم يريدون تغيير هذه الشخصية . وبطبيعة الحال هناك صراع داخلي و اللجنة التأسيسية نفسها أصبحت محل نزاع كبير. وأخيرا فرئيس الجمهورية رغم أنه يمتلك السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية فقد أضاف الى ذلك أنه أقدم على تحصين جميع قراراته من أي أحكام قضائية، وهذا يعني الاعتداء على القضاء. والهدف الاساسي من هذه القرارات هو أخونة الدولة و مؤسساتها، بمعنى أن هذا الأمر لو استمر ولم يجد المقاومة الشعبية في مصر فإن مرسي لن يكون رئيسا لكل المصرين كما قال ولكنه رئيس للإخوان فقط،كلها ويفرض توجهات الإخوان على الدولة وهذا غير مقبول ولا معقول ولا يمت للديمقراطية بصلة.وأكرر من حق الثيار الاسلامي أن يمارس السياسة وأن يحكم إذا أتت به الديمقراطية لكن ليس من حقه أخونة البلد والانفراد بالسلطة، فيضع دستورا على مقاسه دون مراعاة التيارات الاخرى ولو في أقليتها . أما عن الأفق فأقول أن الثورة التي قامت في 25 يناير لها نتائج هامة وهو كسر حاجز الخوف، والآن في مقابل القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية وتجاوز سلطاته الحقيقية، هناك مواجهات كبيرة ورفض وصل حد العصيان المدني وهذا في حد ذاته يحدث التوازن في البلد.وهناك قوى حداثية هامة في مصر من مختلف التوجهات الثقافية والفنية والسياسية والمدنية ترفض أن تكون مصر دولة دينية.وهذا شيء مهم، جدا وفي النهاية سوف يتبلور عن ذلك وضع ايجابي. أحمد علي إبراهيم المجلس العراقي للسلم والتضامن القوى الديمقراطية في العراق تستعيد حيويتها في مواجهة فساد القوى الدينية تجربة الإسلاميين في تدبير الدولة هي تجربة لم تقدم للمجتمعات العربية أي منجز مستقبلي في القضايا الجوهرية التي عانى منها أيام الدكتاتوريات، ومن بين هذه القضايا الحريات الشخصية والتداول السلمي للسلطة إلى غير ذلك من القضايا. والقوة الدينية أصبحت غير واضحة للمواطن، فما يجري الآن في مصر بشكل واضح هو محاولة لقضم كل المنجزات التي سعت الثورة لتحقيقها. والأحزاب الإسلامية في المنطقة العربية بما في ذلك العراق، استعارات نفس الشعارات للحركات الديمقراطية بالمنطقة لتصل من خلالها إلى السلطة والهيمنة الكاملة، لتنتهي بعد ذلك إلى أنظمة شمولية لا تختلف على الأنظمة الدكتاتورية الشاملة . أود أن أشير جوابا على السؤال حول الدور الذي يمكن أن تقوم به الحركات الليبرالية والتقدمية لمواجهة هذا المد الإسلامي السياسي ، الى نموذج تجربة صغيرة لم تنته بعد في إدارة السيرورة وهي التجربة الليبية حيت شكلوا ما يسمى بالكتلة التاريخية، وجمعوا ما يقارب خمسين منظمة لها مشترك فيما بينها وهي التي استطاعت أن تحقق نتائج جيدة في الانتخابات.وعلينا في المنطقة العربية في كل بلد من بلداننا أن نشكل ما يشبه الكتلة التاريخية لكي نوحد صفوفنا ونتحول الى قوى حقيقة في المجتمع. إن الأحزاب الدينية تركز بشكل أساسي على التخلف الكبير في المجتمع العربي وهذه قضية جوهرية، وبالتالي يأتي دور القوى الديمقراطية والليبرالية لإنعاش الوعي في صفوف شعوبنا لتنبيهها الى مصالحها الحقيقية . وقد شكلنا بالعراق في البداية ما سميناه بالتيار الديمقراطي، وهو تيار يضم أحزابا مختلفة وقوات تمثل مختلف الهيئات. وسندخل الانتخابات المحلية أي ما يسمى بالمحافظات والتي ستبدأ بعد ستة أشهر وبعدها تأتي الانتخابات البرلمانية العامة ونريد أن نطورها في أفق الانتخابات القادمة من أجل مواجهة كل الأمور السلبية بالكتلة التاريخية التي أشرت إليها. أما عن قوتها داخل العراق فالكتلة تحظى بتأييد واسع لأسباب جوهرية أهمها أن القوى الاسلامية أو الدينية التي هي على رأس السلطة، مارست كل ما يمكن أن يشار إليه من فساد، الشيء الذي جعل القوى الاجتماعية تنتبه الى ذلك . وطبعا نحن في مرحلة انتقالية ولكن هذا العبت لا يجب أن يستمر. والقوى الديمقراطية في العراق اليوم تستعيد حيويتها لمواجهة الخراب الذي تنشره القوى الدينية. عبد الله محمد النيباري: المنبر الديمقراطي الكويتي الاسلاميون يعيقون التجربة الديمقراطية في الكويت في الشارع الكويتي هناك انقسام في الرأي حول موضوع وصول الإسلاميين الى الحكم. فالتيارات الاسلامية تساند هذا الوصول وتدعمه وتعتبره انتصارا لها ولكن على مستوى الشارع السياسي هناك تخوف من فكرة الهيمنة للتيارات الاسلامية أو التي تلبس رداء الاسلام أو من الجماعات التي ترفع شعار الاسلام السياسي .وهذا من العوامل المؤثرة في المشهد السياسي الكويتي الحالي. والخوف يتزايد أكثر من أن تسيطر هذه الجماعات على مفاصل الدولة وهو نفس التخوف الموجود في ساحات أخرى مصر وتونس ومناطق أخرى . وأهم هذه المفاصل التربية والتعليم والأوقاف والشؤون الدينية، فقد تستخدم هذه المفاصل في الترويج والتحكم في نشر الفكر الشمولي الواحد وإقصاء الآخر وضرب المسار الديمقراطي بالديمقراطية نفسها. ففي السودان مثلا وقع ما يسمى «الديمقراطية مرة واحدة « وعندما وصل الاسلاميون للدولة عن طريق الانتخابات كما حدث في مصر وتونس وقعت محاولة الهيمنة على مفاصل الدولة وذلك بوابة لعودة الديكتاتورية كما كانت وأكبر قبل الثورات وهذا ما تواجهه مصر اليوم . فما يحدث في هذه الأخيرة وكأنه مجارات للنظام في السودان وفي إيران وبالتالي لن تكون هناك الديمقراطية التي ثارت الشعوب من أجلها، فتعود الهيمنة برداء آخر، هو الحزب السلطوي شمولي الذي يفرض شعاراته وأجنداته بالقوة و باستخدام أدوات الدولة . بالنسبة للكويت الوضع مختلف فهناك مد أصولي وهناك تنظيمات سلفية ،وتنظيم الإخوان وهو تنظيم قوي وهناك أيضا شخصيات مستقلة إسلامية وصلت الى البرلمان. وهم يطرحون شعارات إسلامية وأجندات تتعلق بمنع الحريات و التشدد، لكن ليست لهم مشاريع بناءة تسعى الى بناء الصرح الديمقراطي في البلاد. فالكويت اليوم تعيش أزمة سببها التوجه الاسلامي الذي أخاف الناس، وعمق الفرز الطائفي لأن في الكويت مذاهب ممثلة في المذهب السني والمذهب الشيعي الذي عززت انقسامه القوى الاسلامية وانعكس هذا الأمر على ممارسة الحقوق السياسية حيت أصبحت الانتخابات تمارس على أساس طائفي وقبلي مما أعاق تطوير العمل الديمقراطي. ونحن اليوم نواجه انتكاسة بعد دستور 1962 الذي كان دستورا جيدا. و المسؤولية تقع على عاتق التنظيمات التي تعتمد الاسلام السياسي، لأنها أنتجت واقعا اجتماعيا يعيق التجربة الديمقراطية الى جانب دور السلطة ومسؤوليتها وما تستخدمه من أدوات في اعاقة التطور الديمقراطي.