تتواصل، منذ يوم الإثنين الماضي في دبي مفاوضات الدول الأعضاء في الاتحاد الدولي للاتصالات اللاسلكية، و ذلك طيلة أسبوعين تتداول خلالها الوفود ال 193 موضوعا بالغ الأهمية. و يتعلق الأمر بمراجعة «قواعد الاتصالات الدولية»، و هو معاهدة عمرها ربع قرن تم تبنيها لتنظيم و تقعيد الاتصالات بين الدول. و إذا كانت هذه المعاهدة تنص على كيفية ربط الشبكات الوطنية بعضها ببعض و على الحق المطلق في بث رسائل أو إشارات الخطر، فإنها لا تشير البتة إلى موضوع الأنترنت، و السبب بسيط هو أنه في سنة 1988 ، تاريخ تبني هذه المعاهدة، كانت شبكة الأنترنت في بداياتها. والتحديث الذي يسعى إليه الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة، يعتبر ورشا ضخما و وسيعا. إلا أن هناك رهانان أساسيان هما: فهناك دول تسعى إلى إعادة النظر في حكامة الأنترنت بينما تأمل دول أخرى في إعادة تحديد شروط اقتسام قيمة هذه الشبكة. فبالرغم من أن بعض الدول تعمد إلى قطع الأنترنت أو مراقبته إلا أن الشبكة لا زالت في منأى عن الرقابة بصورة عامة.فهناك هيآت تدبر شؤونه و تنظمها (مثل توزيع النطاقات و الأسماء...) و تشرف على سيره من الناحية التقنية. و هي هيآت رأت النور عند ظهور الأنترنت بالولاياتالمتحدة أولا و هي عموما هيآت مقربة من الحكومة الأمريكية. هذا القرب من الإدارة الأمريكية يشكل تفاحة خلاف بين الأعضاء الذين يطالب بعضهم (و على رأسهم روسيا) بأن تعترف المعاهدة الجديدة المقبلة بحق كل بلد في الإشراف على الأنترنت. و يشكل هذا الطلب كابوسا لمحرك البحث غوغل، مثلا، الذي يكمن نجاحه الهائل فياتساع و انفتاح الأنترنت على العالم أجمع، و لهذا الغرض فقد بعث غوغل أربعة ممثلين عنه إلى دبي للقيام بحملة من أجل الإبقاء على حرية و انفتاح العالم على الأنترنت. و وراء هذا الرهان هناك صراع حول عائدات الأنترنت. و إذا كان من المؤكد أن الدول هي التي تصوت داخل الاتحاد و ليس المنظمات، فإن لهذه الأخيرة دورا في الضغط على الأعضاء في اتجاه قرار من القرارات، علما أن القرارات غالبا ما تُتخذ داخل الاتحاد الدولي بالتوافق دون اللجوء للتصويت و إذا كانت الولاياتالمتحدة (123 مندوبا) تدعو إلى تقليل الرقابة على الأنترنت و إذا كان الاتحاد الأوربي له بعض المآخذ على الهيآت الأمريكية فإن العنصر الذي لا زال مجهولا لحد الآن هو موقف البلدان النامية التي جاءت بكثرة إلى دبي (52 مندوبا للبرازيل و 33 للصين و26 للهند و 72 لنيجيريا و 46 لإفريقيا الجنوبية....). وترجع نشأة الاتحاد الدولي للاتصالات إلى عام 1865، قبل نشوء الأممالمتحدة. وكان التركيز آنذاك على التليغراف، لكن الحكومات عبر عقود من الزمن وسعت نطاق الاتحاد ليشمل تقنيات الاتصالات الأخرى. وقد ساعد الاتحاد على تطوير مستويات هدفت إلى ضمان تواصل شبكات خطوط الهواتف في كل بلد مع بعضها البعض، ويواصل الاتحاد كذلك تنظيم محطات الإذاعة ومدارات أقمار الاتصالات عبر العالم. «لوموند» 4 دسمبر 2012