دمعت العيون وقبلها القلوب حزنا لفراق شخص عزيز علينا، له مكانته في المجتمع ولدى الساكنة البنورية، إنه الأستاذ النقيب عبد الله بشيري الذي أسلم الروح لخالقها وابنه عبد المغيث بشيري إثر حادثة سير مفجعة وقعت لهما صباح يوم السبت الماضي إثر اصطدام السيارة التي كان يقودها المرحوم بسيارة أخرى كانت تسير في الاتجاه المعاكس. تعانق الإخوة و لأصحاب والزملاء والأساتذة، الكل يواسي الآخر، والكل يتلقى التعازي في فقدان أستاذ متميز بأخلاق جد عالية، حشود غفيرة توجهت إلى مقر بلدية سيدي بنور لاستقبال جثمان الراحل، حيث شلت حركة السير نتيجة امتلاء الطريق بممثلي هيأة القضاء والمحاماة والسلطات المحلية والأمن الوطني والدرك الملكي والمنتخبون والمناضلات والمناضلين... الذين تعالت أصواتهم عند مطلع سيارة الأموات التي كانت تقل جثمان الراحل في حدود الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح يوم الأحد، الكل كان يردد في خشوع «الله أكبر، الله أكبر»، اقشعرت الجلود لذلك المشهد الرهيب واهتزت الأكباد واعتصرت القلوب وجرت الدموع على الخدود، منظر الحزن يخيم على المكان، إنها لحظة فراق عزيز علينا، دافع عن المظلوم باستماتة ورافع أمام القضاء بكل جرأة وشجاعة، أعطى من وقته وحياته الشيء الكثير في سبيل الرفع من مكانة مهنة المحاماة، رجل جاد يساهم ويشارك في الملتقيات الفكرية والأدبية، يهتم بقضايا الصحافة والحريات العامة، وقف إلى جانب المناضلات والمناضلين من حزب المهدي وبوعبيد، عانق المتاعب في صمت لنصرة الحق، فمرافعاته المدوية لا تزال راسخة في الأذهان، لم ييأس يوما في التطلع لغد مشرق تعم فيه الديمقراطية وينعم فيه المواطن بالحرية والنماء، تجده بين الجمعيات يدلي بما خبره من علم وهو فقيه وابن فقيه حامل لكتاب الله. في موكب جنائزي مهيب خرجت الجماهير الغفيرة وعلى رأسها عامل إقليمسيدي بنور والسيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسيدي بنور والسيد رئيس المحكمة بذات المدينة والأستاذة النقيب مكار وجكاني والخلفي والعلام وغيرهم لتودع أحد أبنائها المناضلين الأوفياء البررة الذي منحها حبه ووقته وجهده وظل مخلصا لمبادئه ومواقفه، حيث لم يكن ذلك الموكب الجنائزي الكبير لفقيد دكالة المناضل الجسور عبد الله بشيري الأستاذ النقيب إلا دلالة واضحة على مكانته الرفيعة في قلوب الدكاليين عامة والبنوريين خاصة، حيث تجسدت في ذلك المشهد الجنائزي العظيم كل معاني الحب والوفاء التي امتزجت بمعاني الألم والحزن على وداع الفقيد العزيز. بالجماعة القروية سبت المعاريف التي تبعد عن مدينة سيدي بنور بحوالي 30 كلم تقريبا تمت الصلاة على جثمان الفقيد الراحل وابنه عبد المغيث بالمسجد المحلي قبل حملهما إلى المقبرة الموجودة بذات الجماعة، حيث ووري جثمانيهما الثرى. رحم الله فقيدنا المناضل الذي بكته كل المعاني النبيلة والقيم الرفيعة والأخلاق الحميدة العالية، وبكاه كل زملاء النضال والعمل وكل الأصدقاء والأصحاب والأحباب والمحامين.. وقد أشاد المشاركون في التشييع بمآثر الفقيد ومناقبه ودوره وإسهاماته في الرفع من مكانة مهنة المحاماة، يقول المناضل أحمد طالب بالحاج: «لم أعرف فيه سوى الشجاعة والتضحية من أجل المهنة كما عرفت فيه نقاء النفس وصفاء السريرة واستقامة القصد ودماثة الأخلاق وعفة اللسان وروح التسامح وإخلاص العمل وصدق الصحبة ومودة الأخوة وسخاء العطاء وديمقراطية الحوار وكرم العفو وغير ذلك من الصفات الحميدة التي لا تحصى.. «. الأستاذ أحمد محمد بالخدير صرح للجريدة «لقد خسرت دكالة برحيله مناضلا جسورا ومدافعا صلبا عن القيم والمبادئ السامية.. فقد كان -رحمه الله- مثالا للإخلاص والتفاني في خدمة مهنة المتاعب المحاماة وموكليه من خلال كل المسؤوليات التي تحملها وفي مختلف المواقع والظروف وأثبت في كل المواقف التي مر بها أنه مناضل شريف وأستاذ مخلص، كما كان -رحمه الله- نموذجاً مشرفا للمسؤول النزيه والشريف ومحل اعتزازنا لما تحلى به من تفان في عمله وكفاءة في الدفاع عن الحقوق وتصريف الأمور، وإنني إذ أشاطركم الأحزان في هذا المصاب الجلل.. أسأل الله العلي القدير أن ينزل عليه شآبيب الرحمة والمغفرة وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهمنا جيمعا الصبر والسلوان». »»ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي..« «. صدق الله العظيم. إنا لله وإنا إليه راجعون