تناقلت ساكنة الجديدة مؤخرا إشاعة وجود «سفاح» بالمدينة وتفنن الشارع في نسج روايات متعددة حول هذا السفاح، كما تناقلت الجرائد والمواقع الالكترونية خبر إلقاء القبض على السفاح المفترض ومباشرة النيابة العامة لتحقيقات من خلال مصالح الشرطة القضائية وصفت بالماراطونية مع شخص مشتبه فيه مع نشر صور لشخص في الثلاثينيات من العمر يضع لحية مصطنعة وصباغة سوداء على وجهه، وبعد عرضه على مصالح الطب النفسي خلصت إلى أنه شخص يعاني من اضطرابات نفسية فقررت النيابة العامة إطلاق سراحه، كل هذا في ظل صمت مطبق للمصالح الأمنية والتي يعتبر التواصل آخر اهتماماتها. إن هذه الاشاعة تعبر عن مدى الشعور بغياب الأمن الذي يعيشه المواطن الجديدي في ظل تنامي الجريمة وارتفاع معدلاتها ، إذ رغم التغييرات التي طالت مؤخرا هرم جهاز الأمن الاقليمي، فإن الأوضاع داخل مدينة الجديدة والتي تعرف توسعا عمرانيا كبيرا في ظل المشاريع المحدثة أخيرا والتي يفوق عدد الشقق التي سيعرفها حي المطار والذي يتجاوز 90 هكتارا أكثر من 10 آلاف شقة بالإضافة إلى الوحدات التي يشيدها قطاع الفوسفاط، مما يستدعي مقاربة أمنية كفيلة باستتباب الأمن وبعث الطمأنينة في نفوس الساكنة. إن المقاربة الأمنية المعتمدة مؤخرا والمتمثلة في نشر عناصر للشرطة في مداخل المدينة والشوارع الرئيسية بها ودوريات راجلة بوسط المدينة، ونشر عناصر للأمن بمحيط بعض المؤسسات التعليمية «المحظوظة» ، تبقى غير كافية للتعاطي الجدي مع الانفلات الذي تعرفه أحياء عدة كالنجد والسلام والسعادة وسيدي موسى وحي المطار و الإقامات المتواجدة في طريق سيدي بوزيد وغيرها، وكذلك الشأن بمحيط المؤسسات التعليمية كالقاضي عياض وأبي شعيب الدكالي وابن خلدون وغيرها من المؤسسات الابتدائية والثانوية والتي أصبحت فضاء لمروجي المخدرات والتحرش والتحريض على الدعارة. أما عن تنظيم السير والجولان فهو يخضع بدوره لنفس المقاربة، فرغم الاختناق المروري الذي أصبحت تعرفه المدينة وخاصة في أوقات الذروة، فإن شرطة المرور لا تتواجد إلا بوسط المدينة والأحياء الرئيسية بها و أصبح دور بعض عناصرها يتمثل في التنكيل بسيارات المواطنين بواسطة سيارات الجر في مفارقات غريبة، حيث يتم التغاضي عن «علية القوم» كما يحدث بشكل مستفز بجوار مدرسة شاركو والتي يتم التوقف أمامها في الوضعية الثالثة أمام أعين أفراد الشرطة، في حين لا يتم التساهل مع من توقف لأداء فاتورة الهاتف أو قضاء غرض إداري بالوكالة الحضرية أو مندوبية التشغيل بشارع النخيل... أما علامات التشوير الطرقي، سواء تعلق الأمر بعلامات منع الوقوف أو الإشارات الضوئية والتي تدخل ضمن اختصاص الجماعة الحضرية، فتأتي في آخر اهتمامات المسؤولين، وكمثال صارخ على هذا عدم إصلاحها بملتقى الطرق بالطريق المؤدية إلى سيدي بوزيد وعدم نصبها بالمرة بملتقى شارع العلويين والذي افتتح جزء منه مؤخرا ، ولعل المفارقة الغريبة و العجائبية هي وضعية ملتقى الطرق 11 يناير والمتواجد بمحاداة ثانوية أبي شعيب الدكالي وإعدادية حليمة السعدية والمدرسة العليا للتسيير ويؤدي لمجموعة من الادارات والمصالح الحيوية والذي يعرف أشغالا منذ ما يربو عن السنة والذي شهد حادثة سير مميتة خلال عيد الأضحى، لا تتواجد به ولا إشارة واحدة للأشغال ولا إنارة ولا شرطي واحد لتنظيم السير والجولان. إن الخطوات التي تمت مؤخرا لتدعيم و تعزيز الأمن بمدينة تتحول بسرعة قياسية وكبيرة ، تظل حلولا لا ترقى لمستوى وتطلعات الساكنة التي تنتظر الكثير من الساهرين عن الأمن من خلال مقاربة موضوعية قوامها التواصل وإشراك مختلف الفاعلين.