عرف ملف بناية «لينكولن» بشارع محمد الخامس الكثير من التجاذبات منذ سنوات بين الإدارة بمختلف مستوياتها وبين الملاك، الذين طرقوا في البداية أبواب الإدارة الترابية ممثلة في ولاية الدارالبيضاء الكبرى والمصالح الجماعية ممثلة في جماعة سيدي بليوط آنذاك، من أجل الحصول على رخصة لهدم البناية بعدما شرعت أجزاؤها في التداعي سنة 1989، والتي بين تقرير خبرة أنجز من طرف المختبر العمومي للدراسات والأبحاث بناء على طلب من المالك سنة 1990 ، بأنها تشكل خطرا ويتعين هدمها، وهي نفس النتيجة التي تم التوصل إليها في خبرة أنجزت من طرف المختبر ذاته بناء على طلب من الولاية سنة 2000، إلا أن التراخيص التي سلمت لأصحابها في نونبر 1994 وأخرى في يناير 1995 ثم رخصة ثالثة في ماي 2005 ، بقيت موقوفة التنفيذ بعدما دخلت على الخط المصالح المركزية لوزارة الداخلية وأطراف أخرى. تدخلات حالت دون هدم هذه البناية تحت تعليل «المحافظة على التراث المعماري وعلى جزء من الذاكرة البيضاوية»، الأمر الذي دفع أصحابها إلى طرق أبواب القضاء في مختلف مستوياته ، خاصة بعد صدور قرار نزع الملكية للمنفعة العامة من أجل إعادة تهيئة وتجديد فندق لينكولن من طرف الوكالة الحضرية، والذي صدر بتاريخ 25 يناير 2009 في عدد الجريدة الرسمية رقم 5704، وهو الأمر الذي لم يعلموا به إلا في 3 فبراير 2009 بعد انهيار جزء آخر من البناية، حيث يقول المتضررون بأنه تم استصداره دون الرجوع إليهم ودون فتح أي نقاش في الموضوع معهم، الأمر الذي جعلهم يطرحون أكثر من علامة استفهام؟ تفاصيل الغموض الذي عرفه ملف «لينكولن» ستتسع دائرتها ، يقول المعنيون بالأمر خلال اللقاء الذي جمعهم ب «الاتحاد الاشتراكي»، منذ أن توجهوا إلى الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى من أجل الطعن في مشروعية قرار نزع الملكية، حيث صدر حكم تمهيدي يفيد بأنه لم يتضح للمجلس الأعلى بوضوح الهدف الذي قامت الإدارة من أجله بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وقضت بإجراء بحث في الموضوع، وذلك بتاريخ 11 فبراير 2010 في الملف الإداري عدد 211/4/1/2009، وهو الحكم الذي بعث التفاؤل في أنفس المتضررين، الذين عادوا ليفاجؤوا، وفقا لتصريحهم، بحكم برفض الطلب في 24 نونبر 2011، وهو الحكم الذي كان به عيب، إذ لم يكن معللا، فتم الدفع بإعادة النظر فيه الذي تم رفضه هو الآخر. طي صفحة سلك المساطر القضائية من أجل الطعن في قرار نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، قابله سلك طريق مسطرة التعويض، علما بأن المعنيين صرحوا «بأنهم لن يحسوا بأدنى حرج وهم يتبرعون بالعقار ككل دون مقابل لكن بشرط أن يستثمر فعليا من أجل المنفعة العامة لا من أجل تحقيق مآرب خاصة»، مضيفين «أن الأيام المقبلة ستبين حقيقة الرغبة التي توجد لدى البعض من أجل وضع اليد على العقار بالنظر إلى قيمته المادية تحت غطاء المحافظة على ذاكرة البيضاء» سيما يقول ادريس ( عن ملاّكي العقار) «بأن الكل مستعد لأن يحب الدارالبيضاء ويعشقها بجنون إذا ما كانت ستدر عليه أموالا طائلة» !؟ هذه المسطرة عرفت تباينا ، إذ تم تقويم سعر المتر في المساحة التي تصل إلى حوالي 2500 متر مربع بشارع محمد الخامس في مبلغ 750 درهما، ثم انتقل إلى 4000 درهم، واستقر في آخر حكم بتاريخ 13 أكتوبر 2012 والذي يحمل رقم 2822 في الملف رقم 4/11/2009، في 15 ألف درهم، إلا أن اللافت للانتباه والمثير للاستغراب، وفقا للمتضررين/ملاك، «ليس هو مسطرة التعويض والمبالغ التي تم تحديدها تباعا، أو في منع هدم الواجهة وإحداث أخرى مشابهة لها، أو نزع الملكية بدعوى المنفعة العامة، وإنما الأمر يرتبط بمصداقية العملية ككل وشفافيتها، بالنظر إلى أنه في الوقت الذي كانوا يسلكون سبيل القضاء من اجل إنصافهم، ودون انتظار إغلاق باب التقاضي، تعاقدت الوكالة الحضرية مع مهندس هو ليس سوى رئيس جمعية ذاكرة الدارالبيضاء، والمكلف بمشروع المسرح الكبير ومشاريع أخرى، وذلك في 4 نونبر 2010 مستعملا شهادة ملكية في اسم المالك الأصلي، الأمر الذي يعد مخالفا لضوابط التعمير القانونية إداريا، هذا في الوقت الذي لم تحسم الغرفة الإدارية «القسم الثاني» بمحكمة النقض في بطلان دعوى إعادة النظر في الحكم الصادر في 11 نونبر 2010 في الملف الإداري عدد 211/4/1/2009 من أجل الطعن في القرار المنشور بالجريدة الرسمية، بحيث كانت القضية لاتزال آنذاك أمام أنظار العدالة للحسم فيها، متسائلين إن كان الحكم في هذه الحالة معروفا سلفا»؟ تفاصيل أخرى تطرق إليها «ادريس» ، تناول من خلالها جوانب أخرى مرتبطة بهذا الملف، ومن بينها التساؤل حول ما إن كان سيتم الاحتفاظ بالواجهة بالشكل الذي توجد عليه القابلة للانهيار في كل لحظة ضدا على نتائج الخبرة التي دعت إلى هدمها، أم أنه سيتم تشييد أخرى، وهو نفس المقترح الذي تقدم به الملاك وتم رفضه، الأمر الذي يطرح سؤال مدى احترام «الإدارة» للغاية التي تم الاستناد إليها من أجل استصدار قرار نزع الملكية، مستفسرا كذلك عن مفهوم المنفعة العامة في هذه الحالة، سيما أن هناك حديثا يستشف بناء على العقدة التي تربط الوكالة الحضرية بالمهندس وانطلاقا من التصاميم التي قام بوضعها، والتي تتحدث عن هدم وإعادة تشييد للعقار، مضيفا هل الدولة/الإدارة في حاجة إلى امتلاك فندق، من سيقوم بتسييره ولمن ستعود عائداته... وأسئلة كثيرة أخرى، مشيرا إلى أن هناك هدرا للمال العام في هذا الصدد، في وقت هناك إمكانيات لدى المستثمر لإعداد مشروعه وتسديد الضرائب وباقي الالتزامات مع الدولة. المتحدث دق ناقوس الخطر أيضا معتبرا أن «نصبا واحتيالا ما حبكت خيوطه خلال هذه السنوات في مؤامرة استهدفت العقار، سيما أن هناك حالات لبنايات مشابهة شملتها نفس المساطر الإدارية التي شملت «لينكولن» لكن لم تنتزع من أصحابها الذين قاموا بهدمها وباشروا أشغال تشييدها»، وهو ما يطرح مرة أخرى سؤالا عريضا حول وجود سياسة انتقائية لاتساوي بين المستهدفين تحتاج إلى الكثير من النقاش من أجل استرداد المصداقية!