أصدرت 21 منظمة غير حكومية بيانا حول تدبير الاعتقال الاحتياطي ، بعد تتبعها منذ مدة التظلمات المتواترة اتجاه حالات لجوء النيابة العامة وقضاة التحقيق إلى استعمال سلطة الاعتقال الاحتياطي، وذلك رغم عدم قيام مبرراته المسطرية وانعدام أية حالة من حالات التلبس، وعدم الاقرار بالتهمة ، ورغم توفر ضمانات كافية في الأشخاص المشتبه فيهم لمثولهم أمام قضاء الحكم في حالة سراح. واعتبرت المنظمات والهيئات والجمعيات الحقوقية، أن هذا الاتجاه يطرح عددا من التساؤلات اتجاه احترام ما يوفره الدستور من حماية للحرية والكرامة لكل مواطن ، وما تعرفه السياسة الجنائية عامة والقضاء الجنائي بكل مكوناته من ضعف للحكامة في تدبير أدق المقتضيات ألا وهي المرتبطة بحرية الناس، وبالحق في محاكمة عادلة ، وكذا بالمفهوم الدستوري لقرينة البراءة، وبفلسفة العقاب. وقد رصد البيان الموقع من طرف كل من: المنظمة المغربية لحقوق الانسان، جمعية عدالة، المرصد المغربي للسجون، الجمعية المغربية لحقوق الانسان، المنتدي المغربي من أجل الحقيقة والانصاف، منظمة العفو الدولية فرع المغرب، الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، جمعية هيآت المحامين بالمغرب، الهيئة المغربية لحقوق الانسان، منتدى الكرامة لحقوق الانسان، المرصد المغربي للحريات العامة، الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، منظمة حريات الاعلام والتعبير، جمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان، الشبكة المغربية لحماية المال العام، مرصد العدالة بالمغرب، الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الانسان، المركز المغربي لحقوق الانسان، مركز دراسات حقوق الانسان والديمقراطية ، الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، منتدي المواطنين، أربع حالات ، يتواتر فيها استعمال الاعتقال الاحتياطي خارج أي اعتبار لطبيعته الاستثنائية يمس بالأمن القانوني وقرينة البراءة التي تعد أساس المحاكمة العادلة، كما يعد مسؤولا بدرجة أولى على ظاهرة الاكتظاظ المهول التي تشهدها السجون المغربية. ومنها مايطرح التساؤل حول المفارقة الواضحة بين الطلب الحقوقي المتزايد من أجل إعمال الأليات البديلة للاعتقال الاحتياطي، وخاصة آلية الوضع تحت المراقبة القضائية التي أتى بها قانون المسطرة الجنائية لسنة 2002، وبين سوء تدبير النيابات العامة وقضاء التحقيق لتلك المقتضيات بعيدا عن طابعها الاستثنائي. كما يطرح التساؤل حول حدود مايسمى بالسلطة التقديرية والحيطة من انقلابها سلطة تحكمية وشطط لا يمكن أن يستعمل تحت ستار صلاحيات مؤسسة النيابة والتحقيق. البيان تطرق ، كذلك، في أفق تفعيل مبدأ استقلال السلطة القضائية ، أنه إعمالا لمقتضيات الدستور الجديد، لابد من الانتباه إلى اشكالية استقلال كل من جهاز النيابة العامة، وقضاء التحقيق عن سلطة وزراة العدل، ولابد من التفكير في دقة وخطورة الموضوع خصوصا ما يفرضه مثل هذا الاتجاه من استحضار كل الضمانات تحديدا وتدقيقا لمدلول وامتداد مبدأ استقلال السلطة القضائية ، مع توفير آليات مضبوطة لمراقبة إعمال كل منهما من طرف قضاء الموضوع لتجنب كل تجاوز أو انحراف أو محسوبية، انسجاما مع روح الدستور الجديد ، ومع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة. وألحت 21 منظمة غير حكومية، الموقعة على البيان، على أهمية وضرورة تنزيل وتطبيق المقتضيات الدستورية الجديدة، ومنها تلك ذات الصلة بالحقوق والحريات، وحقوق المتهمين وسلطة القضاء، داعية إلى فتح حوار مسؤول متعدد الاطراف حول واقع العدالة الجنائية بالمغرب، والعمل على ملاءمة المنظومة الجنائية مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان تحقيقا لسموها علي القانون الوطني، ومذكرة بمقتضيات المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص علي أنه «لايجوز أن يكون احتجاز الاشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة»، وتعتبر بأن النيابة العامة وقضاء التحقيق عليهما واجب إعمال هذه المقتضيات اعتبارا للإلتزام السياسي والحقوقي للمغرب المصادق والمنضم للاتفاقية ذات الصلة. كما أكدت الجمعيات الموقعة، على مواصلتها المطالبة بتفعيل مقتضيات المادة 159 من المسطرة الجنائية المتعلقة بالوضع تحت المراقبة القضائية، والترافع من أجل تنويع وتوسيع بدائل الاعتقال الاحتياطي لدى كل الجهات المسؤولة.