مات با محمد الهبيل حارس بيوت الميسورين تحت عجلات سيارة إحدى النساء المتهورات التي حجت ليلا الى بيت أسرتها الثاني بإقامة سكنية سياحية على خطوات من مياه بحر المنصورية، تسمى «صحرا بيتش»، في الطريق المؤدي الى شاطئ دافيد. با محمد يبلغ من العمر خمسة وستين عاما من سكان حي فقير متفرع عن حي العالية بمدينة المحمدية، سنه لا يسمح بعمله كحارس ليلا لكن الأفواه الجائعة التي تنتظر الرغيف في بيته المتواضع، دفعته الى تحمل مشقة الطريق الى الإقامة الشاطئية ليشتغل كحارس بمبلغ زهيد جدا لا يتجاوز ألفا وخمسمائة درهم ، لا يتقاضاها با محمد بشكل منتظم. قالت مصادرنا من حراس إقامة صحرا بيتش أن خلود بوكار جاءت ليلا الى الإقامة والسكر باديا عليها حد ان صياحها داخل بيت أسرتها وتفوهها بعبارات مخجلة ضد رفيقها مع تكسير بعض أثاث البيت جعلت با محمد وبعض حراس الإقامة يتوجهون إلى طرق بيتها لمعرفة أسباب كل هذا الضجيج والحيلولة دون وقوع مصائب تذكر. لم تكثرت خلود التي أضاع الخمر صوابها بتدخل الحراس بل اعتبرته تدخلا في حريتها التي أرادتها تلك الليلة أن تكون حرية تأتي على الأخضر واليابس لإشباع الذات حد الجنون. توجه الحراس الى مدخل الإقامة في ليل اشتد برده ، لكن با محمد اختار أن يواصل مهمته كحارس أمين بالمدخل الذي وضع فيه كوخ إسمنتي بني من طرف بعض القلوب التي رأفت بحال الحراس السنة الماضية، وهي رأفة لم تكتمل في غياب أي تأمين صحي أو اجتماعي، لبشر اعتقد الميسورين في منازلهم البحرية الثانية أو الثالثة أو العشرين أنهم خدامهم الأوفياء بل مطية لكل أغرضهم بما في ذلك التي يحملونها من سياراتهم الفخمة الى مطابخهم المزودة بكل أنواع المأكولات التي تفرغ في أول الصباح كبقايا في وعاء المهملات، لتنظفها بعد ذلك أمي منانة و الحوات وأخريات آتيات من المنصورية الفقيرة لخدمة المنصورية الملمعة من طرف الوافدين للاستمتاع والترفيه عن النفس. فعلا « لقد فضلنا بعضكم عن البعض في الأرزاق»، لكن تلك الليلة اختارت إبنة الكبار خلود بوكار البالغة من العمر واحد وعشرين سنة أن تضع عجلات سيارتها فوق صدر با محمد وأن تدوس عليه مرات متعددة بطريقة حاقدة على رجل قال لها فقط « إن صوتك يصل الى باقي السكان فاهدئي»، لم يمنعها رفيقها وهما معا في حالة غير طبيعية من ذلك، بل تلددا معا بموت رجل مسن ليكملا ليلة حمراء بكل المقاييس، حمراء في إشباع ذوات بمختلف أنواع المخدرات وما تلاها، وحمراء بالدم وتكسير العظام بالنسبة لبا محمد شهيد حراسة تهور الأغنياء. حمل با محمد تلك الليلة الى مستشفى المحمدية وهو يودع الحياة وعلى لسانه تحسرا ، لأنه فقط سيترك الجياع في بيته. تم نقل من المحمدية الى مستشفى الدارالبيضاء لأن حالته سيئة وفضاء هذه المدينة المكتظة بالسكان لا تتوفر على مستشفى بآليات ومواصفات لإنقاذ مثل هذه الحالات. مات با محمد وهو في الطريق وأخذت السلطات القاتلة ورفيقها الى أقرب نقطة للدرك الملكي الذي استدعى شهودا صرحوا لنا أن الأمر يريد أن يعتبر مجرد حادثة سير وأنهم استنطقوا في هذا الجانب، وقال آخرون أن السيدة ورفيقها لا زالت لم تستفق بعد من « الدوخة» وأنها تصدر نفس العبارات في حق الجميع، وقال بعضهم أن هناك جهات تضغط في على رجال الدرك للتخفيف في حين رفض قائد الدرك الحديث الى جريدتنا قائلا إن « مقتضيات التحقيق جارية، وسنمدكم بكل المعلومات عندما يتم استكمالها».فرحم الله با محمد وعزاؤنا واحد فيه، ونتمنى أن ينصف القضاء الصغار من ظلم الكبار، اللهم اشهد فقد بلغت.