لا أعتقد أن التشهير يخدم أية قضية من أي نوع كانت لهذا الوطن، ولن يدفعني أي أحد إلى الاقتناع بأن التعرض لحياة الناس شيء عاد (سواء كانوا شخصيات عمومية أو غير عمومية)، فأنا من أنصار القانون وإعماله في كل مناحي الحياة، لذا أهتم بمواجهة الحكم بالأخلاق في التعامل مع قضايا الفساد الاجتماعي والاقتصادي، فلا يمكنني أن أركب على قضية أخلاقية لشخص ما لمحاربته في مجال عمله أو في منصبه رغم كفاءته لمجرد أنني لا أتفق مع طريقة عيشه، في لباسه أو شربه أو أكله أو حتى اللغة التي يتحدث بها وطريقة تفكيره، فيجب أن يرجع كل حكم إلى الحكم القضائي وليس إلى الحكم القيمي الذي يفرز تباينا في العقلية والكفاءة المعرفية، وكل من يدعي محاولة إصلاح المجتمع من منطق قيمي فهو يريد حقا بباطل، ولقد ركبت عباب هذه المقدمة لأصل إلى شاطئ الفن والفنانين الذي نزلت به جيوش الحاسدين والحاقدين وفلول عصابات التجارة الدينية، لتحتله وتقضي على كل نقائه وهدوء موج البحر المترامية على رماله الفائقة الجمال، وانطلقت هذه الفلول في إرسال صواريخها على كل صرح فني، وأصبح الفنان فاسدا أو داعية لمفسدة كلما تعرض للطابوهات وكشف عيوب المجتمع الضاربة في النفاق الاجتماعي، مختلقين حكاية الفن النظيف، أو رمي الفنان بالتسول وتوجيه الأقلام والكاميرات نحوه ليمد يده متسولا كل الناس مما يضعف صورته حيث أن فاقد الشيء لا يعطيه. فهل من يطلب حقوقه بطريقة مهينة يمكنه أن يحصل عليها بالكرامة المبتغاة ؟ حتى ولو حصل على نسبة منها، وهذا لا يعتبر ابنا شرعيا للفن، وفي أحيان أخرى رمي هذا الفنان بالجشع المادي والتهافت على العمل في الانتاجات الضعيفة للحصول على المال فقط، وتواطئه مع ناهبي المال العام في الإعلام العمومي، علما بأن من تنطبق عليهم صفة الفنان قلة قليلة وأن العاملين بالقطاع يغلب عليهم طابع (الخبزي) على حساب الفني، لأنهم مجرد مجموعة من العاطلين عن العمل الذين وجدوا بقطاع الفن ملجئا للخلاص من بطالتهم، وهم من يضعف صورة الفنان الحقيقي بل السلاح الذي يقذف به عش الفن الوارف الظلال على كل مجال، من هنا أعتبر التشهير سلاح للجبناء والتعريض بحياة الفنان هو استهداف للفن في حد ذاته لتغليب كفة الواعظ والمخبر على كفة الفنان، وقل أعوذ برب الفلق.