كنت أسمع في ما مضى بوسيلة نقل يطلق عليها المغاربة «كار عريبات» لغرابة ما يقع أثناء نقلها للمسافرين . وكان ذلك في القرن الماضي وفي ظروف اقتصادية وسياسية واجتماعية مختلفة ومتخلفة نسبيا عما أصبحنا نعيشه في قرننا الحالي. واليوم ونحن على مشارف عولمة متوحشة لا ترحم واقتصاد بوتيرة سريعة لا تنتظر الكسالى، تحول «كار عريبات» إلى قطار «عريبات» الذي لا يصل إلا بعد أن يقطع أنفاس مستقليه ، وسموه المغاربة قطار «الخليع» نسبة إلى السيد مدير المكتب الوطني للسكك الحديدية . والخليع بدارجة جمهور السينما هو الرعب ولقد انتقل المعنى إلى الشارع فأصبح يعني كل شيء يثير الفزع والخوف. فقطارات الخليع ومنذ مدة أصبحت لا تثير الرعب في من تدهسهم فقط بل حتى في من تقلهم . فهي بروطاراتها التي أصبحت مزمنة تدفع الركاب الملتزمين بأعمال محددة التوقيت إلى الخوف من التأخر عن أعمالهم، وهي بتعطل مكيفاتها تدفع الركاب إلى التكدس في بعض المقصورات خوفا من الاختناق بالحرارة المفرطة أو هروبا من البرودة الزائدة خصوصا أثناء السفر لمسافات طويلة. ولكن الطامة الكبرى والتي أصبحت تتكرر على متن قطارات الخليع، هي ظاهرة الشبان المهلوسين الذين يهددون سلامة الركاب خصوصا بالرحلات الليلية، ولا وجود للأمن بالقطار وحتى إذا ظهر أحد الشرطة فإنه للتحقق من أن هؤلاء الشباب لديهم تذاكر أم لا ؟ أما التحرش بالفتيات والنساء وتعنيف الركاب وزرع الفزع في ما بينهم والتسول في أغلب الحالات واقتناص الفرص لسرقة الأمتعة، فلا يهم أمر شرطة قطارات الخليع في شيء . ومن هنا أصبحت هذه القطارات تحمل اسمها عن جدارة واستحقاق. فمن يرغب في مشاهدة أفلام رعب مغربية مائة بالمائة، فما عليه إلا أن يستقل «كار عريبات» أو «قطارات الخليع» وكل سفر وانتم بخير.